الثقوب السود وإشعاعاتها

09-03-2012

الثقوب السود وإشعاعاتها

يرجع تعبير «الثقوب السود» Black Holes إلى عام 1969، حين صاغه العالِم الأميركي جون هويلر. وحينها، كان للضوء نظريتان. فصّل إسحاق نيوتن نظرية تقول بأن الضوء يتألّف من جسيمات، فيما ذهب العالِم الإنكليزي جايمس كلارك ماكسويل للقول بأن الضوء هو موجات، تقع ضمن الحقل الكهرومغناطيسي. ربما كان كلاهما صحيحاً. ففي عام 1905، وضع ماكس بلانك نظرية فيزياء الكمومية Quantum Physics، معتبراً أن الضوء هو موجات وجسيمات في آن معاً، أي أن له طبيعة مزدوجة. ولشرح ذلك، فان الطاقة التي تصدر عن الأجسام المشعة والحارة، لا تصدر فيضاً ودفعة واحدة، بل تصدر مقنونة في كميات منفصلة، كل واحدة منها هي «كم» («كوانتم» Quantum). كلما اشتدت الطاقة، صدرت الكمومات بتردد أقوى وأعلى.

أسر السرعة الخاطفة

في المقابل، اعتقد كثيرون بأن سرعة الضوء لا متناهية. وفي عام 1676، بيّن عالم الفلك الدنماركي أولي كريستانسن رومر، أن الضوء يسير بسرعة معلومة، على رغم كونها عالية. وقدّرها بقرابة 140 ألف ميل في الثانية. وتبين لاحقاً أنها 186 ألف ميل في الثانية.

وفي عام 1783 كتب البريطاني جون ميتشل مقالاً توقّع فيه أن يكون للنجم الكثيف المُتراص، جاذبية شديدة القوة بحيث أن الضوء لا يمكنه الإفلات منه. وتالياً، لا يمكن رؤية هذه الأجسام، لأن ضوءاً لا يصدر منها، ولكن يمكن الإحساس بجاذبيتها القوية. سُميّت هذه الأجسام لاحقاً ثقوباً سوداً، بمعنى أنها فجوات غير مضيئة في الفضاء. بعد سنوات قليلة، وفي بحوث منفصلة، توصّل عالم الفلك الفرنسي بيار- سيمون لابلاس إلى استنتاج مشابه، فأورده في كتابه «نظام العالم». ربما ليس من المنطقي القول بأن الضوء مثل كرات المدافع، فالأخيرة إذا انطلقت عكس الجاذبية تتباطأ وتسقط رجوعاً إلى الأرض. ولا يحصل ذلك مع الضوء. في عام 1915، عرض آلبرت أينشتاين نظرية النسبية العامة، ففسر ظاهرة الضوء وعلاقتها مع الجاذبية.

وبعدها، ساد تفسير عن ظاهرة الثقب الأسود مفاده أنها تحدث بأثر من انهيار نجم كبير، عشرة أضعاف حجم الشمس (وهي نجم)، وتقلصه، ما يجعله شيئاً شديد الكثافة ذا جاذبية فائقة القوّة.

وفي عام 1928، سافر سوبرا همانيان تشاندرا زيخار، وهو هندي حديث التخرّج في الجامعة إلى إنكلترا ليدرس الفلك مع السير أرثر أدنغتون. وفي طريقه على الباخرة من الهند، تسلى بحل المشكلة التالية: كم يكون حجم النجم ضخماً ويستطيع مقاومة جاذبيته الذاتية، بعد أن يستهلك وقوده النووي؟ وتبين له أن نجماً يملك 1.5 حجم شمسنا، يبرد من دون أن يستطيع مقاومة جاذبيته الخاصة. وسميت هذه النظرية «حدود تشاندرا زيخار». وعُرِفَت أيضاً باسم «الأقزام البيض» بمعنى أنها أجرام لها نصف قطر لا يتجاوز بضعة آلاف من الأميال، مع كثافة تبلغ عشرات الأطنان في السنتيمتر المكعب. وبحسب تشاندرا زيخار، فان الشموس العملاقة، قد تتقلص أكثر من ذلك لتصبح مجرد نقطة كثيفة. رفض إدنغتون النتيجة، وكذلك فعل أينشتاين. ونامت بحوث الهندي. ثم مُنِح لاحقاً (1983) جائزة نوبل عن أعمال عدة، من ضمنها انسحاق النجم العملاق الأبيض. وفي عام 1939، عمل الأميركي روبرت أوبنهايمر في الاتّجاه عينه، قبل أن ينغمس في بحوث القنبلة الذرية. وتمكن أوبنهايمر من وضع تصور أولي لظهور ثقب أسود نتيجة انهيار نجم عملاق.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...