الحكومة تتسب في فوضى عارمة بوسائل النقل
فوجئ سكان ريف دمشق (كما جميع المواطنين) منذ ساعات صباح أمس الأول بقرار وزارة الاقتصاد زيادة أسعار المازوت، ودون سابق إنذار قفزت تسعيرة المواصلات في دمشق وريفها إلى الضعف، وجاءت هذه المضاعفة ثقيلة الوقع على سكان المناطق البعيدة (عدرا العمالية- التل- صيدنايا... إلخ) وغيرها من المناطق الواقعة شمال شرق مدينة دمشق.
فوضى في الكراجات، وتسعيرة النقل «غير مدروسة»
تبعد مدينة عدرا العمالية عن دمشق 26 كلم، كانت تعرفة الركوب إليها رسمياً 10 ل.س وأصبحت أجور النقل بعد رفع أسعار المازوت 30 ل.س. على حين تبعد مدينة التل 14 كلم، كانت تعرفة الركوب إليها 5 ل.س، أصبحت 15!!
والمتعاملون مع قطاع النقل بين مصدق ومصدوم، سواء أكان راكباً أم سائقاً، فالهمُّ واحد، وهم على اختلاف وجهات «تنقّلهم» يعبرّون عن امتعاضهم إزاء هذا القرار «غير المدروس» (حسب تعبير معظمهم).
أبو أحمــــد الذي التقيناه في كراجات العبــــــاسيـــــــين (من سكـــان عدرا) وبعد أن رفع قطعة نقود من فئة 25 ل.س في وجهنا قال متشكياً:
«نقف أنا وأخي هنا منذ ساعة، لا أحمل في جيبي سوى هذه (25 ل.س)، والسائقون لا يقبلون بإيصالنا معاً ما لم نعطهم (30 ل.س) لكل راكب، فهل نبقى في الشارع أم نذهب مشياً على الأقدام؟».
أبو عماد (من سكان التل): «لا يمكنني لوم السائق، ولا يمكنني لوم نفسي أيضاً، والحكومة تقول إنها تحاول التخفيف من إنفاقها، فمن ألوم؟». فجاوبه أحد المتجمهرين: «إذا لم تنفق الحكومة على تسهيل حياتنا كمواطنين، فعلى من ستنفق؟!».
هذا كله ولم نتطرق إلى وضع الواقفين على أقدامهم تحت الشمس، بانتظار رحمة تقلّهم إلى مقاصدهم، ولاسيما أن معظم السائقين اختاروا البقاء في منازلهم خشية المشكلات التي قد تترتب على يوم (تاريخي) كهذا، يوم رفع الأسعار!
شرطة المرور زادت التسعيرة.. وأخلت الساحة!
وللسائقين في زيادة التعرفة مرجعية غائبة هي شرطة المرور، فحسب أحدهم (على خط عدرا): «ضابط المرور قال بأن نأخذ 30 ل.س ريثما يصدر قرار تعديل تسعيرات النقل». وعند البحث عن (الضابطة) لسؤال عناصرها عن صحة أقوال السائقين، كان الأمر الأكثر غرابة، غيابهم عن الكراج، وحسب أحد المواطنين: «لابد أنهم (شرطة المرور) يخشون أن نصطدم بهم، يا أخي نحن لا نهوى (المشاكل)، لكن الأحرى بشرطة المرور أن يعلموا الركاب بالتسعيرة التي اقترحوها وأن يقفوا على أبواب الكراجات للحؤول دون هذه المشكلات، لا أن يتغيبوا ويتركوا (الشقا على من بقى)!».
والجدير بالذكر أن المواطنين أخذوا (يفشّون خلقهم) ببعضهم البعض، فمن مشاجرة بين سائق وراكب، وأخرى بين الركاب أنفسهم. واللوم (والشتائم) أولاً وأخيراً على رفع الدعم أو إعادة توزيعه أو ترشيده. أياً كانت التسمية!
وحسب أم مروان (مواطنة من عدرا): «أنا راتبي 5000 ل.س، كان يكفيني نحو 1000 ل.س مواصلات، والآن أصبح راتبي 6250 ل.س، أي بزيادة 1250 ل.س، وإذا استقرت تسعيرة المواصلات على 30 ل.س، فكيف ستجري الأمور؟!».
يبقى أن ننفي قول أحد المواطنين: «لا تتعبوا أنفسكم أيها الصحفيون، لن يسمعكم كما لن يسمعنا، أحد». ونؤكد أن للمواطنين حقاً في أن تسمع آراؤهم، ولهم الحقُّ في أن يراعى هذا الحقّ، وإلا.. فمن أين تأتي صفة المواطنة؟
والغريب في الأمر أن الحكومة كانت تعلم مسبقاً بقرار زيادة أسعار المازوت فلماذا لم تبادر وتصدر تسعيرة المواصلات في الوقت ذاته وتتجنب كل هذه الفوضى غير المبررة إطلاقاً.
وسيم الدهان
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد