الخارجية السورية تنذر لبنان: ضبط النفس لن يستمر إلى ما لا نهاية

15-03-2013

الخارجية السورية تنذر لبنان: ضبط النفس لن يستمر إلى ما لا نهاية

ارتفعت ألسنة النار مرة واحدة بالأمس. من الحدود الشرقية والشمالية، حيث كانت تدور أعنف الاشتباكات، منذ سنتين تقريباً، بين الجيش السوري النظامي ومعارضيه المسلحين، وتتساقط شظاياها عند تخوم البلدات والقرى اللبنانية في عكار والبقاع الشمالي.
ومن دمشق، برزت، أمس، نبرة غير مألوفة منذ سنتي الأزمة السورية. تهديد سوري بلسان وزارة الخارجية وصلت نسخة منه، أمس، الى وزارة الخارجية اللبنانية: سياسة ضبط النفس من جانب الجيش السوري لن تستمرّ الى ما لا نهاية. إما أن تقوم الجهات اللبنانية المختصة (الجيش اللبناني) بضبط الحدود اللبنانية ـ السورية.. وإلا فإن الجيش السوري سيقوم بالرد عسكرياً على تجمّعات «مشاهدة بالعين المجرّدة من مواقع قواتنا».
من نيويورك، خرجت جلسة مجلس الأمن الدولي عن مضمونها الحدودي الجنوبي (القرار 1701)، ليخرج أعضاء مجلس الامن الدولي الخمسة عشر، ببيان بالإجماع يعبرون فيه عن «عميق قلقهم ازاء تداعيات الازمة في سوريا على استقرار لبنان».. والأهم هو دعوة اللبنانيين عن «الامتناع عن الضلوع في الأزمة السورية».
ومن عاصمة الشمال اللبناني أيضاً، ارتفعت ألسنة اللهب ليل أمس، بإحراق مناصرين لبنانيين للمعارضة السورية، عدداً من صهاريج المحروقات التي تعمل بين لبنان وسوريا، وببلوغ منسوب التوتر الميداني والسياسي بين «المتحاربين» في عاصمة الشمال مستوى غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، وآخر فصوله سقوط جريحين في ساعة متأخرة من ليل أمس في جبل محسن بفعل قذيفة «أنيرغا»، سبقها القاء قنبلة يدوية في محلة «البقار» في القبة، فضلاً عن رصد أعمال تدشيم على «المحاور التقليدية» في المدينة.
ومن الشمال الى الحدود الجنوبية، حيث كان الطيران الحربي الإسرائيلي ينفذ، طوال نهار أمس، سلسلة طلعات مكثفة بلغت أجواء العاصمة بيروت وعمق البقاع في محاذاة الاجواء السورية، وترافقت مع حشود اسرائيلية مدرعة كبيرة تضم عشرات الآليات والجرافات والحفارات ودبابات الـ«ميركافا»، دفع بها العدو الى المواقع المتقدمة في مزارع شبعا وفي الجولان الســوري المحتل.
ولم تنف مصادر متابعة احتمال أن تكون الحشود الاسرائيلية مقدمة لمناورات عسكرية واسعة النطاق سيجريها العدو على الجبهة الشمالية، وهي متصلة بالوضع السوري بالدرجة الأولى، وأكدت لـ«السفير» ان هذه التحركات فرضت حالة من الاستنفار الشديد في صفوف الجيش والمقاومين.
كل هذه التطورات المتسارعة بيّنت للمعنيين في بيروت ولعواصم عدة في المنطقة والعالم، أن الأزمة السورية، التي تدخل اليوم سنتها الثالثة، تواجه منعطفاً سياسياً وديبلوماسياً وميدانياً، يتمثل في قوة دفع دولية وإقليمية، لجعل المعارضة المسلحة تحقق إنجازاً نوعياً على الأرض، وخاصة في منطقتي القصير وريف دمشق، وفي الوقت نفسه، فرض «هيئة تنفيذية» تتولى التفاوض باسم المعارضة السورية.
واللافت للانتباه أن اندفاع القطريين والأتراك ومعهم باريس ولندن، في هذا الاتجاه، قابله موقف أميركي، عبر عنه الوفد الأميركي الذي زار بيروت على مدى ايام، بإبلاغه «قوى 14 آذار» أن الادارة الأميركية «لن تقوم بتسليح المعارضة السورية»، وهي الرسالة الأبرز التي تلقفها حلفاء واشنطن في لبنان.

ولم تمض ساعات قليلة على إعلان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، أن بلاده قدّمت مذكرة احتجاج جديدة الى وزارة الخارجية اللبنانية، أمس، «احتجاجاً على اعتداءات المسـلحين على بلدة تلكلخ في اليومين الماضيين، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية»، حتى بادرت دمشق الى التهديد للمرة الأولى، بقصف تجمعات لما أسمتها «العصابات المسلحة» في لبنان إذا استمر تسللها عبر الحدود.
وقالت الخارجية السورية في بيان لها، قبيل منتصف ليل أمس إن «مجموعات ارهابية مسلحة قامت خلال الـ36 ساعة الماضية وبأعداد كبيرة بالتسلل من الاراضي اللبنانية الى الاراضي السورية»، مشيرة الى ان القوات السورية قامت «بالاشتباك معها على الاراضي السورية وما زالت الاشتباكات جارية».
وشددت الوزارة على ان «القوات العربية السورية المسلحة لا تزال تقوم بضبط النفس بعدم رمي تجمعات العصابات المسلحة داخل الاراضي اللبنانية لمنعها من العبور الى الداخل السوري، لكن ذلك لن يستمرّ الى ما لا نهاية».
وأشارت إلى أن «سوريا تتوقع من الجانب اللبناني إلا يسمح لهؤلاء باستخدام الحدود ممراً لهم لأنهم يستهدفون أمن الشعب السوري وينتهكون السيادة السورية، ويستغلون حسن العلاقات الأخوية بين البلدين».
واكد البيان ان «حشود هذه المجموعات الإرهابية ما زالت مستمرة داخل الأراضي اللبنانية وهي مشاهَدة بالعين المجردة من مواقع قواتنا التي مارست حتى الآن أقصى درجات ضبط النفس بالامتناع عن استهدافها على أمل أن تقوم الجهات اللبنانية المختصة ببذل جهودها في ضبط الحدود مع سوريا حرصاً على الأمن في البلدين وحماية لأرواح المواطنين الأبرياء وعدم التصعيد الذي تهدف إليه هذه المجموعات الإرهابية».
وأوضحت الوزارة أن «تدفق المسلحين والاسلحة بدأ بشكل لافت منذ صباح 12 آذار من الاراضي اللبنانية الى الاراضي السورية في منطقة القصير وجوسية وحتى تاريخه (امس)، وكذلك الدعم اللوجستي الواضح من الاراضي اللبنانية».
مجلس الأمن لانتخابات «توافقية»
ومن نيويورك، دعا مجلس الامن لبنان الى الامتناع عن التدخل في الازمة السورية.
وفي جلسة مغلقة لبحث التقرير الاخير للامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حول القرار 1701، أبدى المجلس «قلقه البالغ إزاء تبادل اطلاق النار على الحدود اللبنانية – السورية، وتخوّفه من عمليات خطف وتهريب الأسلحة عبر الحدود فضلا عن الانتهاكات الحدودية الأخرى».
واذ شدد المجلس على الاحترام الكامل لسيادة لبنان ووحدته وسلامة اراضيه، رحب بجهود الرئيس ميشال سليمان للحفاظ على وحدة لبنان واستقراره. وحث جميع الأطراف في لبنان على اجراء الانتخابات البرلمانية «على اساس توافقي ضمن الأطر القانونية والدستورية».
وأعرب المجلس عن قلقه ازاء «تورط بعض العناصر اللبنانية في الصراع الدائر في سوريا»، معتبراً ذلك «مخالفاً لسياسة النأي بالنفس التي اتخذها لبنان».
ودعا اعضاء المجلس لبنان الى اتخاذ موقف حيادي من الأزمة السورية ومراقبة الحدود قدر الإمكان لمنع تهريب الأسلحة وتسلل المخربين الى الداخل السوري، وحثوا الزعماء اللبنانيين على ابقاء لبنان خارج الصراعات الخارجية وذلك بموجب «إعلان بعبدا».
وشددت معظم الوفود على وقف الانتهاكات الاسرائيلية للأجواء اللبنانية والتي تعتبر خرقاً للقرار 1701 وطالبت بضرورة الانسحاب (الاسرائيلي) من شمال قرية الغجر.
ورحب اعضاء المجلس بالهدوء على طول «الخط الأزرق»، وحثوا الأطراف على ضمان الحفاظ على وقف الاعمال العدائية.
واذ اعرب المجلس عن قلقه من آثار الأزمة على استقرار لبنان، ناشد اللبنانيين الحفاظ على الوحدة الوطنية، واشاد بالدور الذي تلعبه القوات الأمنية في لبنان للحفاظ على وحدة لبنان وسيادته.
ومن جولته الأفريقية، أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن لبنان «يجب ألا يكون ممراً للأسلحة ولا قاعدة لتدريب المقاتلين لأي طرف انتموا، والحياد أمر مفيد للبنان وسوريا. والهدف هو تجاوز أزمة سوريا من دون أن تتحول إلى أزمة في لبنان».

السفير + وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...