الدراما السورية صامدة بالرغم من سعر الليرة
مع اهتزاز سعر الصرف خلال الحرب، تضاعفت أجور الممثلين السوريين. كبّد ذلك القطاع الإنتاجي في سوريا، العام منه على وجه الخصوص، أعباء إضافيّة، مع مجاهدته لمجاراة الأجور العالية التي تعرضها الفضائيّات الخليجيّة.
ينطلق موسم 2016 الدرامي في سوريا واعداً، إذ يجري حالياً تصوير عدد كبير من المسلسلات. ويبدو أنّ الإنتاج الدرامي السوري يستعيد عافيته، بالرغم من الاهتزازات الكثيرة التي تسبّبت بها الحرب، خلال السنوات الخمس الماضية. وبالرغم من تزايد كمّ المسلسلات التي يجري تصويرها داخل سوريا، إلا أنّ عوامل عدم الاستقرار في الصناعة الدراميّة لا تزال حاضرة ومؤثّرة، خصوصاً مع انخفاض سعر صرف الليرة مقارنةً بالدولار بشكل دراماتيكي، وهجرة الكثير من الممثلين والمخرجين للعمل في الخارج، إضافةً إلى محدوديّة أماكن التصوير. صحيح أنّ ذلك لم يؤثّر بشكل كبير على كمّ الأعمال المنجزة، لكن المستوى الإبداعي والفنّي بات متفاوتاً بشكل واضح، مع اختفاء ما يمكن وصفه «بالإنتاج الضخم» عن ساحة الإنتاج المحليّ، لتتوّلاه فضائيّات خليجيّة، بالشراكة مع جهات محليّة.
انعكس انخفاض سعر صرف الليرة بشكل واضح على أجور الممثلين والمخرجين والكتاب، إلى جانب الفنيين في الديكور والصوت والأزياء والإضاءة. ومع عدم إمكانية زيادة أجور الممثلين، بات بعضهم يظهر في أكثر من عمل واحد دفعةً واحدة، ما انعكس أيضاً بشكل سلبيّ على مستوى أدائهم.
يشير رئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون» بسام المصري، إلى أنّ «بعض القنوات الخليجيّة تحاول سحب البساط من تحت أقدام الدراما السورية منذ ما قبل الأزمة، وقد ظنّت أنّ الصناعة المحليّة يمكن أن تنهار في يوم وليلة، بعد الحرب. هكذا، عملت على جذب المنتجين السوريين إلى الخليج بتقديم مغريات مالية كبيرة، كإعطائهم 30 في المئة من قيمة المسلسل مسبقاً، بالإضافة إلى رفع قيمة الساعة التلفزيونيّة للأعمال الخليجية لتصبح خمسة عشر ضعف ساعة الأعمال السورية».
تسبّب اختلال سعر الصرف بأزمة أجور، لكنّه من ناحية ثانية، انعكس «تراجعاً في أسعار تأجير أماكن التصوير ما أدى إلى زيادة الإنتاج بنسبة تقارب 50 في المئة»، بحسب المصري. «ففي العام 2011 بلغ مجمل الإنتاج الدرامي في سوريا 26 عملاً، أما في العام 2015، فقد بلغ 48 عملاً».
في هذا السياق، يمكن أن نلاحظ محافظة الإنتاج العام على تماسكه، بالرغم من الامتعاض الواضح في نبرة مدير شؤون الإنتاج في «المؤسسة العامّة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» ماهر عزام، عند الحديث عن أجور بعض الممثلين. يقول: «بعض الفنانين يطلب أجره بالدولار وليس بالليرة السوريّة. قبل الأزمة كانت سوريا تدفع أكثر من دبي، إذ كان أجر الفنان يقدّر بمليون ليرة سورية، أي ما يعادل 20 ألف دولار، في حين كانت دبي تدفع مليوناً ومئتين، وهذه عملية خاسرة إذا حسبت تكاليف السفر والإقامة». ويضيف: «بعض الفنانين يطابقون حساباتهم المصرفيّة المفتوحة بالقطع الأجنبي مع الدفع بالليرة السورية، وبعضهم يطلب 8 ملايين ليرة كبدل عن العمل، وشروطهم لا تناسبنا حاليّاً. مع العلم أنّ أغلب الفنانين المقيمين في سوريا يتفهّمون الوضع، ويتعاونون مع القطاعين العام والخاص. كما أنّ بعض الفنانين المقيمين في الخارج، مثل غسان مسعود أو سلافة معمار، وغيرهم ممن تعاونوا مع المؤسسة حديثاً، تقاضوا ثلث أجورهم المعتادة».
ويشير عزّام إلى أنّ صناعة الدراما شهدت فترة ركود بسيطة، لكنّها عادت وانتعشت بعد العام 2013، بعدما بادرت الحكومة إلى دعم الإنتاج العام، ما شجع القطاع الخاص أكثر على دخول مجال الإنتاج الدرامي. ويلفت إلى أنّ القطاع العام كان ممنوعاً من بيع أعماله بالعملة الأجنبيّة، بخلاف شركات الإنتاج الخاصّة، لكن «جرى تصحيح تلك السياسة التسويقيّة حديثاً».
تحوّلات الليرة لن تؤثّر على الإنتاج المحلّي السوري على المدى الطويل، من وجهة نظر بسام المصري، لأنّ «الدراما في سوريا صناعة أساسيّة مثلها مثل النسيج»، بحسب تعبيره. «مهما امتدّت الحرب، يبقى النسيج السوري في الصدارة، وكذلك الدراما، إذ أنّنا لم نبدأ من فراغ، بل أسّسنا حرفتنا على أسس متينة منذ زمن المسلسلات بالأبيض والأسود». ويتابع: «إذا تعثّرت صناعة الأغنية تكون وجهتك فوراً بيروت أو القاهرة، أما الدراما فلونها سوري».
سوسن سلمان
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد