الدولار يلاحق الأطفال في ملابسهم وعلى بسطات البالة
كيف الهروب من سعر صرف الدولار؟ هذا الذي لم تراه شرائح واسعة من مجتمعنا نتيجة لحصر تعاملها بالليرة السورية التي لا تزال وحدة التعامل الأساسية في شراء كل شيء ابتداءً من لقمة العيش وليس انتهاء بشراء السيارة والمسكن والغسالة والبراد وحتى الذهب الذي ينعش قلوب العذارى..
لكنك في هذه الأيام لا تستطيع أن تعلن بأنك لا تعرف شيئاً عن الدولار أو أنك لم تره في حياتك، الآن الحديث عنه يترافق مع كل عملية بيع وشراء حتى وإن لم يستخدمه أحد في التعاملات اليومية.. فهو الغائب الحاضر في استفزاز ذوي الدخل المحدود، ملابس الأطفال لم تسلم من التأثر بسعر الصرف سواء أكانت هذه الألبسة مستوردة، أو مصنعة محلياً..
التاجر له مبرراته في الحديث عن زيادة أسعار ألبسة الأطفال المحلية حتى ولو كانت مكوناتها كلها محلية وخب رات تصنيعها محلية، والحجة في ذلك أن تكاليف الحياة ارتفعت على الصانع والتاجر وتأمل البضاعة، وبالتالي فإن المستهلك لن يكون في منأى عن الدورة المتكاملة لرحلة السلعة التي تتأثر ليس بقانون العرض والطلب فقط وإنما بالأوضاع الاقتصادية وقرارات العقوبات الجائرة التي فرضتها الدول الغربية على سورية.. لكن مع كل ذلك حاولنا من خلال استطلاعنا هذا أن نسلط الضوء على ما هو منطقي، و غير منطقي في أسعار ألبسة الأطفال، وما السبل التي يستطيع فيها المستهلك أن يخفف من تأثير ارتفاع الأسعار، ويختار ما يناسب دخله من دون أن يغفل الجودة، والذوق، وغيرها من معايير يمكن أن تدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال من دون أن تستنفذ ما تبقى في الجيوب.
نوعية جيدة و أسعار مناسبة!
محمد نويلاتي- صاحب محل ألبسة أطفال في سوق الصالحية قال: إن أسعار ألبسة الأطفال في سورية مقبولة مع أنها تحمل جودة عالية تضاهي حتى الألبسة الأوروبية، وسوق الألبسة في بلدنا مثله مثل أسواق الألبسة في البلدان الأخرى مفتوحة إذ يوجد في هذه الأسواق النوعية والسعر الذي يناسب المستهلك، إذ في الإمكان أن تجد طقماً ولادياً بـ 300 ليرة وآخر بـ 5000 ليرة وذلك تبعاً لجودته وماركته فألبسة الأطفال مثلها مثل ألبسة الرجالي والنسائي واللانجري أسعارها متفاوتة.
وأضاف نويلاتي: لقد شهدت أسواق الألبسة ولاسيما ألبسة الأطفال ارتفاعاً ملحوظاً منذ أكثر من عام، وقد تجاوز هذا الارتفاع 30% وذلك لعدة أسباب منها: ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الليرة السورية وغلاء تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي طالت استيراد الخيوط التي تدخل في صناعة ألبستنا المحلية... وعن أسعار ألبسة الأطفال الموجودة لديه قال نويلاتي: يوجد لدي بيجامات أطفال من سنة إلى خمس سنوات وبسعر 2800 ليرة علماً بأنها كانت تباع العام الماضي بسعر 2000 ليرة، بنطلون مع قميص ولادي يتراوح سعرهما ما بين 1500- 3000 ليرة وذلك حسب نوعية القماش والرسوم الموجودة عليها.. فساتين بناتي من سنة إلى خمس سنوات تختلف أسعارها أيضاً بحسب الجودة وتتراوح أسعارها ما بين 1300- 2800 ليرة.
أفرولات ولادية وبناتية تتراوح أسعارها ما بين 600- 1000 ليرة.
وأكد نويلاتي أن ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال في الأسواق أدى إلى انخفاض نسبة إقبال الزبائن إلى حدود 50%، فالناس هذه الأيام باتوا يشترون ألبسة أطفالهم الضرورية ليس كالسابق إذ كان كثير من الأمهات يشترين عدة ألوان من القطعة نفسها.
انخفاض المبيعات
جوزيف حنا- صاحب محل ألبسة أطفال في سوق باب توما قال: انخفضت نسبة مبيعاتنا من ألبسة الأطفال خلال هذا العام مقارنة بالعام الماضي وذلك بسبب الارتفاع الحاصل في أسعارها والذي تجاوز الـ 30% والسبب في ذلك ارتفاع قيمة الدولار، إضافة إلى العقوبات الأوروبية وهذا في دوره دفع أصحاب المحال إلى الاعتماد على استيراد الألبسة الصينية على الرغم من قلة جودتها مقارنة مع المحلية أو الأوروبية، ولكن على الرغم من ذلك يوجد إقبال كبير عليها وذلك بسبب رخصها وكثرة الرسومات والنقوشات عليها، وهذا في دوره أيضاً أدى إلى ارتفاع أسعارها بسبب زيادة الطلب عليها فالسوق يحكمه مبدأ العرض والطلب ويقدر الارتفاع الحاصل بأسعار ألبسة الأطفال الصينية ما بين 35- 40%... وعن الأسعار الموجودة لديه قال: يوجد لدي بيجامات بناتي صينية من سنة إلى عشر سنوات تتراوح أسعارها ما بين 400- 800 ليرة وبزيادة 300 ليرة مقارنة مع العام الماضي، بيجامات بناتي وطنية تتراوح أسعارها ما بين 600- 1300 ليرة علماً بأنها كانت تباع العام الماضي ما بين 400- 900 ليرة، كنزة محيرة بناتي صينية تباع بـ 450 ليرة وكانت تباع العام الماضي بـ 300 ليرة، بنطلون جينز ولادي محلي سعره 650 ليرة علماً بأنه كان يباع العام الماضي بـ 350 ليرة، تي شيرت ولادي قطن سعره 500 ليرة وبزيادة 200 ليرة مقارنة مع أسعار العام الماضي، وأمل حنا أن تعود الأسعار إلى سابق عهدها لتعود حركة السوق من جديد.
زيادة كبيرة في أسعار المستورد
غياث أبو الهوى- مدير مبيعات في شركة مخصصة لبيع ألبسة الأطفال في جديدة عرطوز قال: تعتمد شركتنا على شراء ألبسة الأطفال من الأسواق الأوروبية لذلك أسعار الألبسة تجدها أعلى من مثيلاتها في المحال المجاورة فنحن نحضر الألبسة من إيطاليا وفرنسا وتركيا، إلا أننا اضطررنا مؤخراً نتيجة للعقوبات الأوروبية علينا لإحضار بضاعتنا من مركز في دبي متخصص ببيع الألبسة الأوروبية... وعن أسباب ارتفاع الأسعار لديه قال أبو الهوى: نحن كشركة مستوردة ندفع للجمارك ضريبة، إضافة إلى رسوم الشحن كما أننا نتعامل بالدولار لشراء هذه البضاعة، أدى هذا في دوره إلى زيادة أسعارنا بنسبة 20% مقارنة مع أسعار العام الماضي، وأكد أبو الهوى أن زيادة الأسعار هذه أدت إلى خفض مبيعات الشركة إلى أكثر من النصف.
وعن الأسعار الموجودة لديه قال: يوجد لدينا بنطلومات ولادية إيطالية من عمر سنة إلى عشر سنوات تتراوح أسعارها ما بين 1300- 1800 ليرة، طقم عرس ولادي من سنتين إلى عشر سنوات تتراوح أسعارها ما بين 3000- 5000 ليرة.. أفرولات ولادية وبناتية فرنسية من 800- 1200 ليرة، تي شيرت ولادي تركي تتراوح أسعاره من 700- 1000 ليرة، وأمل أبو الهوى أن تلغى العقوبات الأوروبية على الأسواق السورية وأن ينخفض صرف اليورو والدولار لأن ذلك يؤدي بدوره إلى انخفاض الأسعار ويعود المبيع كما كان سابقاً.
تراجع الإقبال دفعنا إلى التنزيلات!
عبد الهادي- صاحب شركة ألبسة أطفال محلية في سوق الحمرا قال: انخفض إقبال الزبائن على شراء ألبسة أطفالهم إلى أكثر من النصف وذلك بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة فلم يعد الناس في وقتنا الحالي يهتمون بالملابس لأنها صارت كمالية لديهم، أضف إلى ذلك انخفاض نسبة السياح ولاسيما الخليجيين الذين كانوا يشترون من الأسواق السورية الكثير من الألبسة المحلية لأطفالهم كونها أكثر جودة من الأجنبية، وأقل سعراً منها، كذلك أدى ارتفاع صرف الدولار واليورو إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج لأننا كمصنعين للألبسة نضطر إلى شراء خيوط من الأسواق الأوروبية لحياكة وتصنيع ألبستنا المحلية.. وأضاف عبد الهادي، وأمام جهود السوق اضطررنا كشركة إلى إجراء تنزيلات على أسعار ألبسة الأطفال الموجودة لدينا إلى حوالي 30% وعلى الرغم من ذلك لم نشهد إقبالاً كبيراً من قبل زبائننا على شراء بضائعنا.
ارتفاع الأسعار لم يوفر البالة
عبدو طقو- صاحب ألبسة أطفال مستعملة (بالة) في سوق الشيخ سعد قال: لقد طال الغلاء ألبسة البالة التي نبيعها وذلك بسبب ارتفاع صرف الدولار مقابل الليرة، كوننا باعة بالة نحضر الألبسة الموجودة لدينا من الأسواق الخارجية، فنحن ندفع بالقطع الأجنبي ما اضطرنا إلى رفع أسعارنا بحدود 30% ولكن على الرغم من ذلك تبقى أسعارنا مقبولة. وعن الأسعار الموجودة لديه قال طقو: هنالك نوعان من ألبسة البالة، ألبسة بالة تكون القطع جديدة وبورقتها وغير ملبوسة وتكون أسعارها مرتفعة نوعاً ما فبنطلون الجينز الولادي يباع لدي بسعر يتراوح ما بين 600- 900 ليرة، أفرول مخمل سعره 500 ليرة، وأضاف طقو: أما النوع الثاني من البالة فيكون مستعملاً ملبوساً أو معطوباً قليلاً وهذا النوع يباع بأسعار تشجيعية، فالفستان البناتي يباع بسعر 200 ليرة، وهنالك بيجامة ثلاثة قطع تباع بسعر 250 ليرة، بنطلون ولادي مع قميص يباع بسعر 400 ليرة.
انتعاش البسطات
أبو محمد- صاحب بسطة مخصصة لبيع ألبسة أطفال في سوق الشيخ سعد قال:
باتت البسطة ملاذاً للكثيرين إذ تؤمن لهم شراء قطعة ملابس جديدة وبسعر معقول، وأضاف: أنا أحضر بضاعتي من المحال التجارية المجاورة أو أشتريها من تصافي المحلات وأنصح جميع أصحاب الدخل المحدود بشرائها كونها لا تختلف عن جودة الألبسة التي تباع ضمن المحال أضف إلى ذلك أن أسعارها منخفضة.
آراء المواطنين
أم أحمد قالت لنا: بإمكان جميع الناس التكيف مع أوضاعهم الاقتصادية فهنالك محلات وماركات مشهورة وهنالك أسواق شعبية وبسطات... وأضافت: بالنسبة لي أنا أشتري من الأسواق الشعبية والبسطات فجودتها لا تختلف كثيراً، مؤكدة أن أغلب الألبسة في الأسواق الشعبية جيدة وهذه الألبسة نفسها تقريباً موجودة في المحلات الكبيرة الموجودة في وسط المدينة ويكمن الاختلاف فقط في الإتيكيت والماركة.
لينا الخواجة قالت: هنالك ارتفاع غير مقبول على أسعار ألبسة الأطفال وقد تجاوز هذا الارتفاع نسبة الـ50% فبنطلون الولادي كنت أشتريه لابني العام الماضي بسعر 700 ليرة وحالياً أشتريه بالماركة نفسها بسعر يتجاوز الألف ليرة، وفستان البناتي كنت أشتريه بسعر 500 ليرة وحالياً صار سعره 800 ليرة... وأضافت الخواجة: من خلال جولتي في السوق لاحظت أن أسعار الألبسة الولادية أغلى ثمناً من الألبسة البناتية، فالبناتية عليها تنزيلات أكثر... وأملت الخواجة من وزارة التموين القيام بجولات على أسواق الألبسة ولجم أسعارها المرتفعة فلا مبرر لهؤلاء التجار برفع أسعار الألبسة الوطنية فهم دائماً يحتجون بارتفاع الدولار، ولكن ما نلاحظه أنه عند ارتفاع صرف الدولار مقابل الليرة ترتفع الأسعار ولكن عندما ينخفض الدولار إلى ماكان عليه تحافظ أسعار المواد على ارتفاعها.
التسعير غير عادل
أمجد الطحان قال: أستغرب ممن يقوم بعملية تسعير ألبسة الأطفال على وجه الخصوص فهي غير منطقية ومن المعروف أن ألبسة الأطفال لا تحتاج لكثير من القماش والقطن لحياكتها فياردة القماش مهما كان نوعها لا يمكن أن يتجاوز سعرها المئة ليرة فمن أين جاءت هذه الأسعار غير المعقولة... وأضاف الطحان: ما نلاحظه هذه الأيام كثرة التنزيلات التي تجريها المحال التجارية والماركات المشهورة على أسعار ألبسة الأطفال والتي تراوحت ما بين 30 و60% ولكن على أرض الواقع لم تكن هذه التنزيلات حقيقية كون أصحاب المحال كانوا قد رفعوا أسعار بضائعهم مسبقاً وبشكل غير طبيعي في بداية الموسم وبالتالي جاءت تلك التنزيلات لتعيد أسعار القطع إلى وضعها الطبيعي وبهذا يحافظ البائع على هامش ربحه المرتفع أصلاً.
رأي حماية المستهلك
عادل سلمو- مدير حماية المستهلك قال: هنالك حوالي 90% من المواد محررة الأسعار، لكن هذا لا يعني أن البائع خارج إطار الرقابة.
فالمواد التي تلامس حاجات الناس يتم تسعيرها، إذ تمت إعادة ألبسة الأطفال إلى إطار التسعير منذ عامين تقريباً وذلك عند ملاحظة شطط الأسعار، وتراقب هذه الألبسة من خلال مراقبة بطاقة البيان والفواتير وهوامش الربح، مع التأكيد على أن حماية المستهلك مستعدة دائماً للتحقيق في أية شكوى ترد إليها سواء أكانت تتعلق بالنوعية أو بالأسعار، ومدى مطابقة ذلك لبيان المواصفات الذي من المفترض أن يكون ملصقاً على السلعة وكذلك السعر المعلن عليها.
زهير المحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد