الشباب السوري في رحلة البحث عن عمل

22-10-2007

الشباب السوري في رحلة البحث عن عمل

وقف باسل أمام المرأة للمرة الثالثة يتأكد من حسن هندامه: وجه حليق، شعر مصفف، لباس أنيق بسيط، إضافة إلى القليل من العطر.

طلب من شقيقه أن يساعده في طرح بعض الأسئلة المتوقعة، ليتدرب على حسن الإجابة عليها بنبرة صوت واضحة تملأها الثقة.

في ذاك الصباح، خرج مبكراً بنصف ساعة خشية أن يعيق ازدحام المرور وصوله في الموعد المحدد.

في طريقه إلى مقر الشركة التي طلبته للعمل، كانت أفكار باسل ( 27 سنة خريج كلية الهندسة) تدور حول شيء واحد، فقد اختزل اهتمامه بترك انطباع جيد عن نفسه لدى إدارة العمل. تساءل وهو ينظر إلى الأعداد الكبيرة من الشباب في شوارع دمشق: أي من هؤلاء يستعد اليوم لمقابلة عمل مثلي..؟.

تذكر باسل معلومة رسمية اطلع عليها أخيراً تقول إن سورية تحتاج إلى تأمين 280 ألف فرصة عمل سنوياً، بعد أن وصل معدل البطالة إلى 12.3 بين من تجاوزوا الخامسة عشرة من العمر.

بعدها راحت ذاكرة «باسل» تستعيد ما قرأه في موقع على شبكة الانترنت، حول كيفية الاستفادة من مقابلة العمل، كفرصة ترفع احتمال الحصول على وظيفة مناسبة. وتطرح وجهة نظر الكاتب في الموقع ضرورة الانتباه إلى ثلاث نواح: المظهر، طريقة التحدث، إضافة إلى التفاعل والحركة.

كان باسل قد قرأ عن الشركة صاحبة الوظيفة بشكل يكفي ليتعرف الى طبيعة نشاطها في السوق، وتوقع أن تكون أمامه مدة قصيرة لتبادل أطراف الحديث مع أصحاب العمل، فحضر أجوبته بشكل جيد وخصوصاً حول السؤال المتكرر «لماذا تريد العمل في هذه الشركة»؟.

استحضر الجوانب الإيجابية في حياته، إنجازاته على الصعيد العلمي والمهني. توقف عند المحطات الأفضل، تلك التي سيركز عليها خلال حديثه مع الإدارة.

رن هاتفه النقال ليقطع عليه سلسلة أفكاره، جاء صوت صديقته على الهاتف لتتمنى له حظاً طيباً، وتلفت انتباهه إلى تجنب ما يعتبر محظوراً في مقابلات العمل، بناء على خبرتها السابقة في هذا الشأن: «لا تخف، لا تكذب، لا تدخن»، أجابها: «تذكريني بلاءات الخرطوم الثلاث». فراحت تحذره من الخوض في الأمور الجدلية كالسياسة والدين قائلة: «عليك أن تتعظ من صديقتنا التي فقدت فرصة عمل مغرية لأنها أبرزت انتماءها الديني في لقائها الأول مع رب العمل. «بعد الانتهاء من المكالمة ضع هاتفك على الوضع الصامت أو أغلقه»، أضافت صديقة باسل قبل أن تقفل الخط.

بوصوله المبكر إلى مقر الشركة قدم نفسه وانتظر بهدوء، وعلى رغم أن الوقت طال، حاول باسل أن يضبط تصرفاته فلم يتأفف أو يتململ كبعض المتقدمين على الوظيفة الذين شاركوه قاعة الانتظار.

حين جاء دوره، مشى بخطوات ثابتة إلى مكتب المدير المختص، دخل بوجه بشوش، اقترب وصافح بود أعضاء اللجنة المكلفة اختيار الموظفين الجدد.

لم يجلس حتى طلب منه ذلك، وزع نسخاً من سيرته الذاتية على الحاضرين، اختار بعناية أجوبة ملائمة لما طرح عليه من أسئلة، تحدث عن مؤهلاته، نشاطاته، مميزاته، والمهارات التي يجيدها، وكيف سيستفيد منها للتفاعل مع الوظيفة الجديدة.

شعر باسل بأنه كسب ثقة أصحاب العمل، فاستفسر عن بعض الجوانب التي تشغل باله في ما هو مقبل عليه، وحرص أن يكون سؤاله عن المرتب والحوافز آخر الأسئلة.

بعد أن أبدى الشاب استعداداً وهمة عالية للعمل، انتهت المقابلة بالمصافحة مرة أخرى. قالت اللجنة انهم سيعاودون الاتصال به لإخباره بالنتيجة، شكرهم وخرج متفائلاً، فقد كان راضياً عن أدائه في المقابلة وتوقع نتيجة إيجابية.

قيل لباسل إنه ليس الوحيد الذي يملك المؤهلات المطلوبة، فأجاب بأن هذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها مقابلة بغرض وظيفة عمل وقد لا تكون الأخيرة، لكن ذلك لا يمنع أن يكون متفائلاً، على الأقل حتى ظهور النتيجة.

لينا الجودي

المصدر: الحياة

إلى الندوة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...