الكنيسة المكسيكية: طرد العفريت من النفس الإنسانية ليس خرافة
نظر خبراء من الفاتيكان وعلماء نفس علمانيون ومندوبو 60 أسقفية مكسيكية، في علم دراسة الشيطان والتمييز بين استحواذه للأشخاص وبين الأمراض العقلية، وتوحيد معايير طرد الأرواح الشريرة، وذلك في اجتماع عقد بمقر المؤتمر الأسقفي المكسيكي.
ورأى الخبراء أن الاجتماع، الذي اختتم أعماله في 20 من الشهر الماضي، جاء تعبيرا عن عزم الكنسية الكاثوليكية المكسيكية على استصلاح ممارسة طرد الأرواح الشريرة بتجريدها من طابع الخرافة السينمائية، وفى الوقت ذاته تفادى الخلط بين اعوجاج السلوك واستحواذ الشيطان.
في هذا، عبر القس ماريو أنخيل فلوريس، مدير اللجنة الثقافية بأسقفية المكسيك، عن أسفه من أن "السينما شوهت إلى حد عملية التخليص من الأرواح الشريرة، بعرضها لها بأسلوب هوليودي". وأضاف "البعض يتأثر لأن السينما توحي وتقلد وتكرر".
وشرح القس، وهو أيضا أستاذ بجامعة المكسيك الأسقفية، أن "معالجة شخص ما تتطلب أولا معرفة ما إذا كانت هناك مشاكل نفسية، فطالما يمكننا تفسير الحالة في هذا الإطار، وذلك بغية ضمان عدم الخلط بين الحالة وبين تلبس الشيطان لهذا الشخص".
ويذكر أنه لا يجوز ممارسة طرد الأرواح الشريرة التي تستحوذ على أشخاص إلا بتصريح من أسقف، فمن يؤدى هذه المهمة لا يستعين بمجرد تعاويذ وطقوس ووصفات سحرية، وإنما يضيف عناصر من علم النفس، وعلم النفس المحاذي، وعلم التحليل النفسي، وعلم الأعصاب.
وبدوره، شرح برناردو بارانكو، عالم الاجتماع المتخصص في الأديان ل "آي بى اس" أن "طرد الأرواح الشريرة يتصدى للشر المجسد في شيطان يستحوذ على البشر ويخل بتصرفاتهم. لا يجوز الاقتصار على التعاويذ السحرية، وإنما التحضير لتفسير التغييرات المباغتة التي تطرأ على المسلك النفسي".
يبدو أن ممارسة طرد العفاريت من الأبدان أو الأشياء قد تقلصت في العالم. فقد ذكر البابا جان بول الثاني أنه خلال فترة باباويته، قام ثلاث مرات بطرد الشيطان. وللمقارنة، مورست مجرد عمليتين من هذا النوع في المكسيك في ال 15 عاما الأخيرة.
فحسب الكنسية الكاثوليكية، فان ظاهرة تلبس الشيطان للجسد غير معتادة وتتحقق في حالة واحدة من كل 10،000 حالة يؤكد فيها الأشخاص أن الشيطان استحوذ عليهم. لكنها تقدر أن "المعفرتين" أو الأشخاص الذين تستحوذهم "العفاريت الأصغر" هي حالات أكثر شيوعا.
ووفقا للرابطة الدولية لخبراء التخليص من الأرواح الشريرة، يتميز استحواذ الشيطان للبشر بالتحدث بلغات غير معروفة وإبداء قوة بدنية كبيرة ونبذ أشياء كالصليب والغيبوبة.
وحيال ذلك، فان تطهير الجسد من الشيطان، الذي قد يستغرق بضعة أيام وأسابيع بل وأشهر، هي عملية طرد كائن فوق العادي يتحكم في الشخص.
ومن ناحيته، يرى عالم الاجتماع بارانكو أن الكثير من الأشخاص الذين جرى تخليصهم من الشيطان في الماضي كانوا يعانون من نوع من انفصام الشخصية.
تربط الكنسية الكاثوليكية حالات "المستحوذين"، بطقوس كالمعروفة باسم الصلوات السوداء، والسحر، والجلسات الروحية، والزواج الشيطاني، فيما أجمع القس فلوريس والعالم الاجتماعي بارانكو على أن "الاستحواذ"، في أعراضه الحديثة، يرتبط بإطار اجتماعي يتجاوز الشر.
وأوضح عالم الاجتماع أن المقصود ليس هو "الشر الذي يسيطر على الكائن البشرى فحسب، بل الذي يتوغل في محيطه أيضا". وأضاف القس أن آخر تحليل ورد في وثيقة "أباريثيدا" لهذه المسألة، كان ذو طابع اجتماعي: الظروف والأحوال والحركات والنفوذ وتأثير وسائل الإعلام، والجماعات المسيحية غير الكاثوليكية وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن وثيقة "أباريثيدا" تضم نتائج المؤتمر العام الخامس للأسقفيات الأمريكية اللاتينية والكاريبي في مايو الماضي، وتناولت قلق الأساقفة حيال ضعف مؤسستهم الدينية في هذه القارة، وحال الديمقراطيات فيها، ووباء الفقر.
وأخيرا، يذكر أن الكنسية الكاثوليكية تواجه أيضا نقصا في عدد خبراء تخليص الأبدان من الشيطان. وكمثال، يوجد في المكسيك مجرد سبعة منهم لمراعاة حالات ثمانية ملايين مؤمن من واقع 105 مليون نسمة تشكل تعداد البلاد.
اميليو غودوى
المصدر : آي بي إس
إضافة تعليق جديد