المغرب والمهاجرون غير الشرعيين: تأخر الحل ينذر بـ"كارثة إنسانية"
بعد ستة أشهر من إعلان المغرب عن "سياسة جديدة للهجرة"، تجد المملكة اليوم نفسها في سباق مع الوقت من أجل تنفيذها، وسط تحذير المنظمات غير الحكومية من "كارثة إنسانية" بسبب التدفق الكبير للمهاجرين على العاصمة.
ووفق آخر أرقام صادرة عن وزارة الداخلية المغربية فإن ما يقرب من 40 ألف مهاجر غير نظامي من دول جنوب الصحراء يقيمون على أراضي المملكة، في انتظار عبور مُحتمل الى أوروبا عبر جيبي مليلة وسبتة في شمال المغرب والتي تقع تحت سيطرة الإسبان.
ولمعالجة تدفق المهاجرين المتزايد، في ظل التوتر الأمني السائد في دول الساحل والصحراء، وللرد على الانتقادات المتزايدة للمنظمات الوطنية والدولية بخصوص انتهاك حقوق المهاجرين، أعلنت الرباط في أيلول العام 2013 عن برنامج "استثنائي من أجل مراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي" الخاص بالمهاجرين والأجانب على أراضيها.
وتعمل الحكومة في هذا الإطار على ثلاثة مشاريع قوانين خاصة باللجوء والإتجار بالبشر والهجرة، حيث قام الوزير المكلف بالمغاربة في الخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو، الأسبوع الماضي، بعرض أهم مضامين هذه المشاريع على مكونات المجتمع المدني.
وتحتاج مشاريع القوانين الى مصادقة البرلمان المغربي، بغرفتيه في الدورة الربيعية منتصف نيسان، ثم نشرها في الجريدة الرسمية.
واوضح بيرو، في تصريح لإذاعة "فرنسا الدولية"، أن "المغرب اصبح بلد استقرار، بعدما ظل لسنوات بلد عبور، وهذا أمر جديد علينا"، مضيفاً أن السلطات "تحاول تقديم إجابات لمشاكل الهجرة تحترم حقوق الإنسان".
وكانت هذه الحقوق منتهكة باستمرار من السلطات المغربية خلال ترحيلها للمهاجرين تجاه الحدود الجزائرية شرق المغرب، وهي سياسة قديمة توقفت، حسب ما لاحظت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤخراً، لكن في المقابل، فقد حذّرت عشر منظمات غير حكومية، في 25 آذار الماضي، من "التدفق اليومي (نحو الرباط) لعشرات، ثم مئات المهاجرين في حافلات تخضع لمراقبة الأمن المغربي".
وبسبب محدودية قدرتها على استقبال المهاجرين، فقد أعلنت منظمة "كاريتاس" إغلاق مقرّاتها. وقال مديرها فانسون سيبو "نأمل أن يتم استيفاء الشروط لإعادة فتح المركز قريباً".
واضاف "في الأسبوع الماضي وصلت مجموعة من المهاجرين المصابين (في حافلة)، بينهم مهاجر كان جانبه مصاباً بجرح غائر وشاهدنا أحشاءه"، موضحاً أن جمعيته متخصصة أكثر في "مصاحبة المهاجرين وليس تقديم العلاج لهم".
وبعد محاولة فاشلة لاقتحام السياج الحدودي الفاصل بين المغرب ومليلية السبت الماضي، اعتقلت السلطات المغربية نحو 100 مهاجر ونقلتهم الى محطة حافلات القامرة في العاصمة. وتفيد شهادات وقصص هؤلاء أنه قد تم اعادتهم الى المغرب "قسراً" بعد أن تمكنوا من الدخول الى مليلية شمال شرق المغرب.
ويقول شاب ثلاثيني، قادم من جمهورية أفريقيا الوسطى، "لقد أساء الإسبان معاملتنا وكُبّلت أيدينا وتم اقتيادنا وتسليمنا الى قوات الدرك المغربية، ثم بقينا مدة 24 ساعة من دون أكل، وهنا (محطة النقل البري) تركونا من دون شيء، والجو ممطر وليس لدينا مكان للمبيت".
وروى مهاجر آخر ما جرى خلال محاولته برفقة مجموعة أخرى اقتحام سياج مليلية انطلاقاً من غابة "غوروغو" المطلة على المدينة، وكيف اعتقله الحرس الإسباني وكبّله، قائلاً بلهجة احتجاجية "ما نقوله اليوم للأوروبيين هو أنهم يضعون القوانين ثم يخرقونها بأنفسهم".
من جانبه، يقول عبد الرحمن، الآتي من غينيا، في حي التقدم الشعبي في الرباط، حيث يقيم غالبية المهاجرين "أنا لا أعرف أحداً هنا، فقد دلوني على جمعية كاريتاس، لكنها أغلقت أبوابها. يدي مكسورة ولا أستطيع فعل أي شيء، لا العمل ولا العودة" الى شمال المغرب.
ومن المفترض أن تسمح حملة التسوية القانونية التي أطلقتها السلطات المغربية طوال سنة 2014، للمهاجرين بالإقامة والعمل بشكل قانوني، لكن دراسة الملفات بدت تسير ببطء. ويقول رئيس "مجلس مهاجري جنوب الصحراء" كونستانتين إيباندا إنه "تم تقديم 13 ألف ملف للتسوية، لكن 300 منها فقط خضعت للدراسة" خلال ثلاثة أشهر.
ويضيف انه بالرغم من اجتماع مع الوزير المغربي فإنه يعتقد أن المنظمات غير الحكومية ليست متحمسة كثيراً لخطة الحكومة المغربية، رغم "بعض التقدم" عبر صدور قرار وزاري يسمح بإدماج أطفال المهاجرين في المدارس المغربية.
ويؤكد إيباندا أنه "لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به لتحسين ظروف المهاجرين خاصة في مجال الصحة والعدل".
(أ ف ب)
إضافة تعليق جديد