بسام كوسا: الدراما السورية مبنية على «الصدفة» وقد تنهار بأي لحظة
لم يتوقع الطلاب الأجانب الدارسون في مركز الدراسات العربية بدمشق «فلاغشيب» أن تأتي آراء وإجابات الفنان بسام كوسا على أسئلتهم بهذه القسوة وخاصة ما يخص الدراما التركية وقد عبّر أحد الطلاب عن هذا الشعور أمام كوسا والذي تحدث مع الكاتبة ريم حنا والمخرج مروان بركات أمام الطلبة منذ أيام في المعهد العالي للغات التابع لجامعة دمشق وكان موضوع حديثهم هو الدراما السورية واقعاً وطموحاً وكان كوسا واضحاً منذ البداية بأن ما سيقوله يعبر عن وجهة نظره هو وقد يكون صحيحاً وقد لا يكون مؤكداً «ليس هناك أجوبة حاسمة في الدراما وفي الفنون عامة» مضيفاً: الفعل الإبداعي مشروط بالنسبي ليس هناك مطلقات لذلك فهو مرهون بالخطأ والصواب.
أرجع كوسا سبب نجاح وانتشار الدراما التلفزيونية السورية إلى «وسائل الاتصال الحديثة أولاً ووجود كادر من الممثلين المخرجين والكتاب والفنيين الذين ساهموا أيضاً في أن تتبوأ هذا الموقع المتقدم مقارنة مع «الدرامات» العربية» ويرى كوسا أن هذه الدراما التي استطاعت على مدى أكثر من 15 عاماً أن تتقدم «محفوفة بالمخاطر لأنها لا تنمو ضمن مؤسسات» وعلى حد تعبير كوسا فإن الدراميين السوريين يحاولون ألا تسقط هذه الدراما بشكل سريع، وبيّن أن الدراما السورية «فيها من العيوب ما يكفي لأن تسقط في أي لحظة وفيها من الإيجابيات أيضاً ما يمكّنها من الاستمرار» كما يرى أنها «أي الدراما السورية» لم تتحول بعد إلى صناعة راسخة الأقدام بل هي «شبه صناعة».
أما آراء الكاتبة ريم حنا في هذا الإطار فجاءت أقل حدة فقد أكدت أن الفن عموماً ينقسم إلى فن جيد أو غير جيد ومن ضمنها الدراما التلفزيونية ولفتت إلى أن الدراما السورية مشروع لم ينته بعد، لذلك هي في حالة بحث وتحاول قدر المستطاع ملامسة حاجات الجمهور العربي، تنجح أحياناً وتفشل أحياناً أخرى.
وتطرق الحديث إلى موضوع الرقابة في سورية وصراع الدراما مع الرقيب فرأى بسام كوسا أن الرقباء «مزاجيون وليس هناك نظام واضح ومحدد في آلية عمل لجان الرقابة فأحياناً تقبل لجنة ما رفضته لجنة أخرى، ولكن كوسا اعترف أن سقف الرقابة في سورية قد ارتفع وأصبح الوضع أفضل من السابق ولكن الصراع مازال قائماً» كما أكد أن الرقابة موجودة في كل بلدان العالم وحتى في هوليوود وأضاف: الصراع قائم بين الفكرة والسلطة في بلدان العالم كافة».
وساق كوسا للطلبة الأجانب الذين كانوا ينصتون باهتمام مثالاً على الصراع بين الدراما والرقابة هو لوحات قدمها التلفزيون منذ فترة ليست بالطويلة بعنوان «أمل مافي» فالرقابة، كما أكد رفضت 60 لوحة من 90 لوحة وجاء مدير عام الإذاعة والتلفزيون الأسبق فايز الصايغ فوافق على عرضها كلها ولم تؤد إلى الكوارث التي كان يتوقعها الرقيب فعلّقت الكاتبة ريم حنا ضاحكة بالقول: «بس الدكتور فايز ما طوّل في التلفزيون بعد عرضها».
وكان لافتاً أثناء النقاش أن الفنان بسام كوسا قد تسيّد الموقف ربما لخبرته الطويلة وثقافته الواسعة وكان يدلي بدلوه في بئر الأسئلة أكثر من غيره حيث اكتفى المخرج مروان بركات بالتعليقات المقتضة بينما كانت ريم حنا «بين... بين».
ولم يكتفِ كوسا بما قاله بل فتح نار أجوبته على أكثر من اتجاه فهو يرى أن الدراما السورية ونتيجة للكم الهائل من الإنتاج قد ابتليت بمجموعة من الكتاب والمخرجين والممثلين الأميين فالفن أصبح مهنة من ليس له مهنة وهذا الأمر انعكس على الخطاب العام لهذه الدراما لأنها في النهاية مهنة معرفية وليس صحيحاً ما يقال عن الموهبة فالعلم أولاً في الفن وبعد ذلك تأتي الموهبة.
كما رأى أن الدراما السورية «مبنية على الصدفة فليس هناك استراتيجيات عمل إلا ما ندر نحن لا نفكر بما سنقدمه بعد عامين لذلك أصر دائماً على مفهوم المؤسسات لأنه لا يمكن بناء مجتمع حديث خارجها» ورأى كوسا أيضاً أن بعض الدراميين السوريين استسلموا للنجاح وقال: يجب ألا ننخدع ببعض النجاحات التي يُسلط ضوء عليها أحياناً يكون وهمياً لأن ذلك يحكم علينا بالثبات في نفس المكان يجب أن نكون قساة على أنفسنا لكي نتطور وألا يتم ذلك بشكل استعراضي بل يكون طريقة تفكير وتعامل.
والمفاجئ في هذه الندوة، أسئلة الطلاب الأجانب والتي جاءت دقيقة وتدلل على متابعة جيدة للمشهد الدرامي السوري والعربي فأحد الطلاب سأل عن موقف الفنانين السوريين مما يجري للشارع العربي بعد وصول الدراما التركية إليه، فجاء رأي بسام كوسا حاداً وجارفاً فاتهم الشركة التي قامت بدبلجة مسلسلي «نور» و«سنوات الضياع» بأنها أختارت أعمالاً رخيصة لا تعبر إطلاقاً عن فحوى ومضمون الدراما التركية وأتهمها أيضاً بالإساءة إلى ذوق السوريين والعرب وأكد أن هذين العملين لم يحققا أي نجاح يذكر عندما عرضا في تركيا لأن الممثلين الذين اشتركوا فيهما يعتبرون في تركيا من الدرجة الثالثة ورأى كوسا أن عملية الدوبلاج إلى اللهجة السورية كانت رديئة وأداء الممثلين السورين جاء هزيلاً جداً مؤكداً أيضاً أن أداء الممثلين الأتراك ضعيف وأداء السوريين أضعف على حين رأت ريم حنا أن المحطات العربية «تفكر بالمال ولا تفكر بما سيقدم للجمهور».
وحول موجة الأعمال الشعبية الشامية أكد كوسا أنه غير نادم على مشاركته في مسلسل «باب الحارة» رغم أن العمل كانت ينقصه العديد من الخطوط حيث لم يتطرق إلى الجانب الثقافي والسياسي في دمشق تلك الفترة ولم يقدم الجانب الحقيقي لهذه المدينة والذي كان غنياً ورأى أن «باب الحارة» يشبه حكايا الجدات.
ولفت كوسا إلى أنه يرفض الاشتراك في الأعمال التاريخية «لأني ضد مفهوم صرف القوة في الماضي» وقرر التأكيد على وجود عداء بينه وبين المؤسسة العامة للسينما لرداءة أدائها ورأى أن السينما المصرية «تطورت من حيث الكم وليس النوع» وسأل أحد الطلاب عن مدى التعاون بين السوريين والعراقيين في مجال الدراما فأجابته ريم حنا بالقول إن هذا التعاون قائم منذ سنوات وإن المبدع العراقي نال رعاية متميزة في سورية قبل احتلال العراق وبعده وإن هناك عشرات الأعمال العراقية تصوّر كل عام في سورية ويشترك فيها ممثلون وفنيون سوريون.
محمد أمين
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد