بعد رحيل فابيوس: إعلام فرنسي يعيد تصحيح قراءة الأحداث السورية
عرضت القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي، وهي القناة الحكومية الرسمية الليلة الماضية، فيلما وثائقياً عن تاريخ الأزمة السورية تخللها ولأول مرة، صور مظاهرات مؤيدة للرئيس السوري في بداية الأزمة، وفيديو المعارض الذي أخرج قلب جندي في الجيش بعد أن قتله وأكله على الهواء في صورة على اليوتوب.
وتخلل الوثائقي ريبورتاجاً عن الثوار في حلب الذين يطلق عليهم الغرب تعبير ً المعارضة المعتدلة ً وكيف يتخذون من الشريعة الإسلامية نموذجاً للعيش ولتصورهم لمستقبل سوريا، ورفعهم لراية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، رغم نفيهم الإنتماء له، وأظهر الوثائقي كيف انطلقت الثورة السورية من جنوب سوريا في منطقة محاذية للآردن الذي ينشط فيه الإخوان المسلمون، وحصول الثوارً على شتى أنواع الاسلحة بما فيها الأسلحة الفرنسية باعتراف الرئيس فرانسوا هولاند بالذات في تصريح علني.
وتدرج الوثائقي في عرضه للأحداث منذ انطلاقة المظاهرات في الأرياف السورية ومحاولة الحكومة ضبطها والقيام بتنازلات إلى أن أفرج النظام عن معتقلين في السجون معظمهم من المتشددين الإسلاميين.
وفي سياق سرد الأحداث المتعلقة بالإتهامات التي وجهت للحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين في الغوطة، أوضح الوثائقي انعدام البراهين الملموسة عن تورط النظام، وهذا ما دفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى التراجع عن قصف دمشق كي لا يقارن في كتب التاريخ بسلفه بوش الذي أقدم على احتلال العراق استناداً لبراهين واهية.
ولآول مرة يتم التطرق في الوثائقي إلى الأطماع الإقليمية والدولية في سوريا ومخزون الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وإلى مشاريع تمديد أنابيب الغاز المشروعين الإيراني والقطري لتفسير الصراع على سوريا لأسباب اقتصادية وحيوية، وتبربر الإلحاح الإقليمي للإطاحة بالأسد.
ويأتي بث هذا الوثائقي على القناة الفرنسية الحكومية بعد أيام قليلة من تعديل وزاري أطاح بلوران فابيوس كوزير للخارجية ،مع أنه حمل الحكومات المتتالية من يمين ويسار منذ مارس 2011 برئاستي ساركوزي وهولاند مسؤولية فقدان البصيرة لما يجري في سوريا، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وحرمان أجهزة المخابرات في فرنسا من أي اتصال مع الأجهزة السورية يساهم في كشف هوية العائدين من الجهاد إلى الأراضي الفرنسية، في خطوة تبدو تحضيرية للرأي العام الفرنسي.
وكانت القناة الثانية قد أجرت العام الماضي لقاءاً مع الرئيس السوري بشار الأسد، شكل بداية لخرق إعلامي في المسألة السورية، بعد خمس سنوات من تعتيم ممنهج أدى إلى
دمار سوريا وظهور داعش وتهجير الملايين من السوريين إلى أوروبا.
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد