بعد صلبها لثلاث سنوات حمص تنهض من جديد
اختتمت التسوية الأبرز في تاريخ حمص بمغادرة ما يزيد عن ألفي شخص محاصر، جلهم من المسلحين، حي حمص القديمة باتجاه منطقة ساخنة أخرى هي الدار الكبيرة، في مقابل الإفراج عن 70 مخطوفاً، وإيصال الغذاء إلى قرى محاصرة في ريف حلب، أبرزها نبل والزهراء.
وبالرغم من أن الجيش السوري لم يقم بعد بتنظيف المنطقة من العبوات والقذائف غير المنفجرة، فقد دخل مئات المدنيين حمص القديمة لتفقد ممتلكاتهم.
وأعلن محافظ حمص طلال البرازي «إغلاق الملف» ظهر أمس، مؤكدا أن المحافظة تحركت باتجاه تحقيق تسوية مشابهة باتجاه حي الوعر، الذي وصلته مساعدات منذ يومين في إطار خطوات «بناء الثقة».
ومساءً، وصلت 12 حافلة محملة بالغذاء إلى نبل والزهراء، بعدما عُرقلت لمدة يومين، الأمر الذي أخّر تنفيذ اتفاق التسوية.
وكان المسلحون المحاصرون قد خرجوا على دفعات، كانت آخرها ظهر أمــس، بعد تحقق شرط ريف حلب.
وضمت الدفعة الأخيرة ما يقارب 300 مسلح خرجوا في 13 حافلة، بعدما احتجزوا ليوم واحد بانتظار تحقق شرط التسوية المتعلق بالإغاثة.
واتهمت صفحات المعارضة «لواء التوحيد» بتعطيل المفاوضات بغرض تمرير الشق الأخير من التسوية «لأسباب سياسية». ويرتبط «لواء التوحيد»، المرابط في حلب بجماعة «الإخوان المسلمين» السورية، ويخضع للنفوذ التركي والقطري بشكل رئيسي. ودافع ناشطو المجموعة العسكرية، من باب الرد عن أنفسهم، بنفي الاتهامات. وقال أحدهم، على حسابه على «فايسبوك»، إن «التوحيد قدم كل الأسرى لديه في حلب في سبيل خروج الشباب سالمين من حمص»، مضيفا أن «قادة التوحيد توسطوا في عندان لفتح الطريق أمام الحافلة». وتابع «هناك أطراف عديدة، منها فصائل عسكرية محسوبة على جهات صديقة وشقيقة تريد إفشال هذا الأمر عن طريق تأليب الناس وتجييشهم ضد الاتفاق، لأنها لم تستفد منه سياسيا، بل حتى تم إقصاء داعميها الحقيقيين من الاتفاق وتم تجاوزهم هذه المرة».
من جهتها، أعلنت «الجبهة الإسلامية»، في بيان، «التزامها بالاتفاق على إدخال المساعدات الإنسانية إلى نبل والزهراء بمعدل ست شاحنات لكل بلدة».
وكانت الحكومة السورية وناشطو المعارضة على حد سواء، قد اتهموا في وقت سابق حواجز تفتيش تابعة إلى «جبهة النصرة» بعرقلة العملية.
بدوره، وبعد جولة له على أحياء حمص القديمة، أعلن البرازي استقدام الورش للقيام بأعمال إزالة الركام وفتح الشوارع، مشيرا إلى أن عودة الحياة إلى المنطقة تحتاج إلى بعض الوقت، ريثما يتم «تأمين المنطقة وسلامتها، وإخلاؤها من الركام والجثث لإعادة دورة الحياة إليها من جديد».
وأشار إلى أنه تم توجيه دعوة إلى جميع الفعاليات التجارية ومواطني حمص القديمة لمراجعة قسم شرطة حي الحميدية من أجل تسهيل عملية دخولهم إلى المدينة القديمة، لافتا إلى أن عمال المؤسسات الخدمية في المدينة القديمة نفذوا يوم عمل تطوعياً للإسراع بإعادة هذه المؤسسات إلى وضعها الطبيعي.
وشاهد مراسل «فرانس برس» مئات المدنيين، من كل الأعمار، يدخلون حي الحميدية ومناطق مدمرة وسط المدينة لتفقد منازلهم، وبدا عليهم التأثر فيما امتلأت عيونهم بالدموع.
ومشى الرجال والنساء والأطفال، الذين بدا بعضهم مصدوما، بين الركام للبحث عن حطام منازلهم. وقال وفاء المقيمة في الحميدية «كل شيء يخصنا دمر. ذهبت إلى منزل حموي وجدته مدمراً أيضا، لم يسلم إلا عدد من الأغراض».
وقالت جاكلين فواز «شاهدت على فايسبوك أن منزلي دمر، لكنني لم أستطع تصديق ذلك. أردت أن أشاهده بأم العين»، فيما قالت سيدة أخرى «جئت لتفقد منزلي لكنني لم أجده».
وشاهدت مراسلة الوكالة في الحميدية واجهات المتاجر المحطمة ونوافذ وجدران المتاجر التي ملأتها آثار الرصاص وأكوام هائلة من الركام في إحدى الساحات. وعلى الأرصفة بدت دبابتان محترقتين وقطع معادن صدئة ولافتات تالفة.
وقال مطران حمص للروم الأرثوذكس جورج أبو زخم، لوكالة «اسوشييتد برس»، إن الوضع «كارثي»، موضحا أن 11 كنيسة في حمص القديمة إما دُمرت أو تضررت تضرراً كبيراً.
من جهة ثانية (ا ف ب)، قُتل شخص وجرح اثنان قرب حلب، عندما أصيبت شاحنتان تنقلان مساعدات أرسلتها منظمة إنسانية تركية أثناء غارة جوية. وأعلنت «منظمة المساعدة الإنسانية»، وهي جمعية مقربة من الحكومة التركية، إن «مواطناً سورياً» قتل وأصيب اثنان في الهجوم. وأصيبت الشاحنتان اللتان تنقلان الطحين وأغطية خلال غارة جوية شنها سلاح الجو السوري على حي يسيطر عليه المسلحون.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد