تركيا و صدى مؤامرة أردوغان على سورية
الجمل - فينين كانينغهام*- ترجمة: رندة القاسم: يُتَهم أردوغان و حزب العدالة و التنمية الحاكم بالنزعة الفاشية المتزايدة، و تجسد التحدي في أسبوع انتشار الاحتجاجات الشعبية عبر تركيا، و التي أثارت أعصاب واشنطن و أدت لابتعاد السائحين و المستثمرين الأجانب.و الاحتجاجات التي بدأت سلميه في اسطنبول الجمعة الماضية، امتدت إلى العاصمة انقره و عدة مدن و بلدات أخرى في كل مقاطعة.و موقف رئيس الوزراء المتصلب و عنف الشرطه المفرط تجاه المحتجين أثار عامة الشعب و دفعه الى المطالبه باستقالة أردوغان.
فالأمر الذي بدا كاعتصام سلمي ضد خطة الحكومة تحويل حديقة عامه أيقونيه في اسطنبول الى سوق تجاري، تصعد ليشمل مظالم رئيسيه ضد أردوغان و ادارة حزب العمل و التنميه.
وعلى رأس الشكاوي الطريقة التي حول فيها أردوغان البلد الى منصة انطلاق لحرب الناتو الخفية من أجل تغيير النظام في سوريه، جارة تركيا الجنوبية. فمنذ آذار 2011 ، و تركيا ، العضو في الناتو، تعمل كقناة لتمرير السلاح و المرتزقة الى سورية و زعزعة استقرارها مع حملة ارهابية تقودها ميليشيات متشددي السنه و الوهابيه.
فتركيا أردوغان، الى جانب اسرائيل و السعودية و قطر و الأردن، عملوا ككلاب هجوم لصالح اللاعبين الأعلى في الناتو، أي واشنطن و لندن و باريس، من أجل تدمير المجتمع السوري و فرض تنحي الرئيس بشار الأسد.انها جزء من خطة متدحرجة تهدف لتغيير الأنظمة من قبل الناتو عبر الشرق الأوسط الغني بالنفط و الغاز، و فيها تلعب الدول العربية على الخليج الفارسي و حكومة أردوغان دور الكبش ( آلة حربية كانت يستخدم في معارك العصور القديمة لتحطيم بوابات المدن المحاصرة).و الهدف الأساسي هو حليف سوريه الاقليمي ، ايران.
هذه الحرب العدوانية الخفية المجرمة ، و التي أسفرت عن موت ثمانين ألف سوري، تقاد تحت ذريعة دعم انتفاضة مؤيدة للديمقراطية. و لا بأس إن كان المؤيدون الأجانب لهذه "الديمقراطية" يضمون بعضا من أكثر الحكومات ديكتاتورية على الأرض، و الحقيقة البشعة الأخرى هي ان ما يسمى "ثوارا" على الأرض، هم في الأغلب مرتزقة أجانب ينالون تأييدا لا يذكر من الشعب السوري.و مع ذلك عندما أشار الأسد عدة مرات ، و بأدلة قوية، الى طبيعة المؤامرة الأجنبية التي ابتلي بها بلده، كان يتهم بأنه كاذب غير عاقل.و من أكثر المستهينين به "صديقه" السابق رجب أردوغان، و قد اتهم القائد التركي الأسد بأنه "سفاح" و قاد جوقة الناتو المنادية بتنحي الرئيس السوري ،بغض النظر عن الرغبات الديمقراطية للشعب السوري.
و سخرية القدر تكمن في أن تركيا تعاني الآن من احتجاجات كبيرة شعبية تطالب بالمحاسبة الديمقراطية على مجموعة قضايا، و أردوغان يلتف حول الموضوع و يتهم شعبه بالعمالة ل "حكومات أجنبية".
جرح و اعتقل آلاف الأتراك خلال الأيام الماضية من قبل شرطة مكافحة الشغب التي لم توفر أية وسيلة عنيفة ضد المحتجين السلميين. و حتى الآن قتل شابان، و الأخير كان في مدينة أنطاكيا الجنوبية جراء أصابته برصاص، قال شهود عيان بأنه أطلق من قبل قوات الأمن التركية. و على الأقل فقد محتجان النظر بسبب قربهما من مكان اطلاق الغاز المسيل للدموع.و ذكرت تقارير وسائل الاعلام بان عدد الاحتجاجات المفصلة بلغ 230 في 67 مدينة عبر تركيا تضم اسطنبول و أنقره و أزمير و أضنه.
من بين مئات الآلاف التي خرجت للشوارع يوجد علمانيون، اسلاميون، حرفيون، رجال أعمال، عمال، عاطلون عن العمل، مدافعون عن البيئة، و نشطاء حقوق الانسان. و نقابات العمال نادت من أجل اضرابات عامه كدعم للاحتجاجات، و تم تأجيل الامتحانات النهائية لطلاب الجامعات في حركة تبدو و كأنها تشجيع للطلاب من أجل حضور الحشود المعادية للحكومة دون خوف على خطط تخرجهم.
و وسط هذه المعارضة و الفوضى عبر البلاد، قرر اردوغان السفر الى المغرب في زيارة رسمية لمدة أربعة أيام، واصفا هذه الاحتجاجات بأنها "مؤامرة خارجية".و بنبرة شريرة قال : "عمل استخباراتنا مستمر. و ليس بالامكان الافصاح عن اسمائهم، علينا مناقشة هذا معهم و سنتبع الأمر، في الواقع سنتمكن من تصفية الحسابات معهم".و هذه الكلمات تبدو و كأنها هذيان قائد مصاب بجنون العظمة يعيش في عالم "مفصول عن الواقع" ، كما كان يصف الرئيس السوري بشار الأسد. لكن الاختلاف يكمن في أن الأسد ملتصق تماما بواقع بلده و شعبه الذي يعاني من مؤامرة اجرامية خارجية من قتل و تدمير ، مؤامرة لعب أردوغان دورا قياديا في اثارتها و اشعالها عبر السنتين الماضيتين.
فالخطة الاجرامية التي ورط أردوغان فيها بلده ضد سوريه ترتد الآن على الشعب التركي.الذي لم يصب فقط بالذعر من العنف الذي ساعد أردوغان على اطلاقه ضد المدنيين السوريين، بما فيه استخدام أسلحة كيماوية من قبل ارهابيي القاعدة المدعومين من الناتو، و لكن أيضا بالخوف من أن أولئك المرتزقة ذاتهم سيحلمون الارهاب الى المجتمعات التركية.ففي الأسبوع الماضي تحدثت وسائل الاعلام التركية عن اعتقال عدد من أعضاء جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة و المزودين بأسلحة كيماوية ، و ذكر بان مجموعة ارهابية كانت في طريقها لارتكاب فظاعات في أضنه جنوب تركيا.
و الهدف المفترض من هذه الخطة هو خلق حدث مزيف يلقى فيه اللوم على قوات الحكومة السورية ، و بذلك يمنح الناتو الحجة من أجل تدخل عسكري مباشر في سوريه، و هو التدخل الذي كان على رأس جدول أعمال أردوغان في زيارته للرئيس الأميركي أوباما في واشنطن الشهر الماضي.
و استخدمت حيلة مماثلة في الحادي عشر من أيار، قبل خمسة أيام من رحلة اردوغان الى واشنطن، عندما انفجرت سيارتان في الريحانية على الحدود التركية و أودت بحياة خمسين شخصا، أغلبهم مواطنين أتراك. و ذكرت تقارير موثوقة بأن المذبحة كانت من عمل جبهة النصرة و ربما كانت الاستخبارات العسكرية التركية متواطئة مع القتلة. و كما هو متوقع، القى اردوغان اللوم على سوريه ، دون تقديم أي دليل.
غير أن خداع رئيس الوزراء التركي اصبح أكثر وضوحا، و تتزايد أعداد الأتراك الذين يدركون أن معاناة سوريه و تركيا هي نتيجة لمكيدته من أجل توسيع سلطته الاقليمية بأوامر من سادته في الناتو.ربما يعتقد اردوغان أنه بارضاء الناتو في الاستراتيجية الهادفة لتغيير الأنظمة، قد ينال مكانه عالميه و يغدو بلده عضوا في الاتحاد الأوروبي.
غير أن مشاهد الاضطرابات الشعبية و القمع الوحشي لها قد انفجرت عبر تركيا، و يبدو أن حسابات اردوغان و خططه ستتحول الى رماد.
*بقلم الصحفي و الكاتب الايرلندي فينين كانينغهام
تُرجم عن Press tv.
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد