تطوّر غير مسبوق في التعاون العسكري الأميركي ــ الهندي
بعدما كانت حكومات الهند السابقة تتخوف من أن تؤدي «اتفاقية الدعم اللوجستي» إلى تهديد «الاستقلال الاستراتيجي» للبلاد، أو جرّها إلى تحالف عسكري غير معلن مع الولايات المتحدة، أعلنت أول من أمس حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، رغبتها في التحرك قدماً على مسار توقيع الاتفاقية المذكورة، التي قال مسؤولون إنها ستسمح لكل من جيشي البلدين باستخدام القواعد البرية والجوية والبحرية للبلد الآخر في عمليات إعادة التزود بالإمدادات والإصلاح.
وقال مسؤول حكومي هندي إن العقبة الأساسية أمام توقيع الاتفاقية قد أُزيل، وذلك بعد أن أعطت واشنطن «تطمينات» بأن نيودلهي لن تكون ملزمة بالاتفاقية إذا ما ذهبت الولايات المتحدة إلى حرب مع دولة صديقة للهند، أو إذا هي أقدمت على أي عمل آخر أحادي الجانب لا تدعمه الهند. وأوضح المسؤول أنه «تم الإيضاح أن (تنفيذ الاتفاقية) سيكون على أساس كل حالة على حدة، وأن الطرفين المعنيين بالاتفاقية لن يتمكنا من استخدام منشآت الطرف الآخر، في حال الحرب، بشكل أوتوماتيكي». ومع ذلك، أعربت فروع من المؤسسة العسكرية الهندية، بينها سلاح الجو، عن مخاوف من أن تسمح الاتفاقية للولايات المتحدة بالولوج (غير المصرّح به) إلى شبكة الاتصالات العسكرية الهندية.
من جانبه، أعلن قائد قيادة القوات البحرية الأميركية في المحيط الهادي، هاري هاريس، أن الجانبين، الأميركي والهندي، يعملان أيضاً على التوصل إلى اتفاقية أخرى لتأمين الاتصالات العسكرية بين جيشي البلدين، عندما يجريان عمليات مشتركة، فضلاً عن اتفاقية ثالثة لتبادل المعلومات الطوبوغرافية والبحرية والجوية. وأشار هاريس إلى أن بلاده «لم تصل إلى نقطة توقيع (الاتفاقيات المذكورة) مع الهند، لكن أعتقد أننا قريبون من ذلك». وأعرب مصدر في الصناعات الحربية الأميركية عن توقعه بأن يتم توقيع اتفاقية الدعم اللوجستي بحلول موعد زيارة وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، لنيودلهي في نيسان المقبل. وأضاف المصدر أن مكتب رئيس الوزراء الهندي معني مباشرة بالمسألة، ويعتبر توقيع الاتفاقيات المذكورة أساسياً لتطوير العلاقات الثنائية.
لن يستخدم طرف منشآت الطرف الآخر بشكل أوتوماتيكي
في المقابل، وفي ردّه على سؤال عمّا إذا كان هذا التطور موجّهاً نحو بكين، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هونغ لي، «نأمل أن يكون هذا التعاون مفيداً للسلام والتعاون الإقليميّيَن، وأن لا يكون مصوّباً نحو مصالح» طرف ثالث.
وجاء هذا التطور في الوقت الذي تناقش فيه واشنطن ونيودلهي تنظيم دوريات بحرية مشتركة، قال مسؤول أميركي إنها قد تشمل بحر الصين الجنوبي، حيث تحشد الولايات المتحدة دعم الدول المتشاطئة في حملتها ضد الصين التي تعزز مواقعها في المنطقة، متحدية هيمنة الولايات المتحدة عليها وعلى معابرها الاستراتيجية. وقال مسؤولون أميركيون وهنود إنه لا توجد خطط فورية لإجراء مثل هذه الدوريات المشتركة، التي قوبلت بمعارضة شديدة من قبل الصين.
والجدير ذكره أن الولايات المتحدة أزاحت روسيا كأكبر مورّد للسلاح للهند، بعد سنوات من تربّع روسيا في هذا الموقع. كذلك باتت القوات الأميركية تجري مناورات مشتركة مع نظيرتها الهندية، أكثر من أي دولة أخرى. وتجري واشنطن محادثات مع نيودلهي لمساعدتها في بناء أكبر حاملة طائرات هندية، في ما يمثل ذروة التعاون العسكري بين البلدين حتى الآن، وذلك في خطوة تأمل واشنطن أنها ستعزز حضور القوات البحرية الهندية، مقابل توسيع الصين لحضورها العسكري في المحيط الهندي.
ويذهب الباحث في شؤون التعاون الأميركي ــ الهندي في «مؤسسة الدراسات الدفاعية» في نيودلهي، ساروج بيشويي، إلى القول إن ثمة «تلاقياً متنامياً بين سياسة (الرئيس الأميركي، باراك) أوباما لإعادة التموضع نحو آسيا، وسياسة مودي للتحرك شرقاً». ويقول بيشويي، في هذا السياق، إن «اتفاقية الدعم اللوجستي تبدو قابلة للتحقق».
المصدر: الأخبار+رويترز
إضافة تعليق جديد