توقع بارتفاع منسوب مياه البحار

16-04-2008

توقع بارتفاع منسوب مياه البحار

تنبأ فريق من الباحثين البريطانيين والفنلنديين بأن منسوب مياه البحر قد يرتفع مع نهاية القرن الحالي بمعدل يصل إلى متر ونصف المتر مقارنة بالوضع الراهن.

ويتجاوز الرقم الجديد بشكل كبير المستوى الذي كانت اللجنة الدولية لتغير المناخ (آي بي سي سي) قد تنبأت بالوصول إليه في إطار التقييم الذي كانت قد أجرته العام الماضي وشكل علامة فارقة في مجال دراسة علم المناخ، حيث رأت ان الارتفاع سيكون عام 2100 بين 28 و43 سنتمترا فقط.

فوفقا للدراسة الجديدة التي أعدها فريق الباحثين المشترك، سيكون لمثل هذا الارتفاع إلى هذا الحد في مستوى مياه البحر آثار جوهرية على البلدان التي تضم أراض منخفضة مثل بنجلاديش.

وقد عرض الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في دراستهم أمام المؤتمر السنوي للاتحاد الأوروبي للعلوم الجيولوجية الذي عُقد في العاصمة النمساوية فيينا مؤخرا.

وليس فريق الباحثين البريطانيين والفنلدنيين هو أول مجموعة بحثية تشير إلى أن الرقم الذي تنبأت به آي بي سي سي يميل إلى المحافظة أكثر من اللازم.

وقد عجزت آي بي سي سي في توقعاتها عن تضمين بحثها النتائج التي يمكن أن تسفر عنها مساهمة الذوبان "المتسارع" للطبقات الجليدية القطبية نتيجة الارتفاع المضطرد في درجات حرارة المياه، وقد يكون السبب في ذلك هو عدم فهم العمليات التي تدخل في تشكيل مثل هذه الظاهرة.

أما فريق الباحثين البريطاني-الفنلندي فقد توصل إلى نتائج التحليل الذي قام به من خلال إنشاء نظام كمبيوتر يربط ما بين درجات الحرارة ومستويات مياه البحر على مر الألفي سنة الماضية.

تقول الدكتورة سفيتلانا جيفريجيفا، من مختبر براودمان لعلوم المحيطات الواقع قرب مدينة ليفربول البريطانية، "إن المعدل العالمي لمستوى مياه البحر العالمي كان مستقرا للغاية على مر السنوات الـ 2000 الماضية، إذ أنه تغيير بحدود 20 سنتمترا فقط خلال كل تلك الفترة."
وتضيف جيفريجيفا، وهي أحد أعضاء فريق البحث العلمي المذكور، قائلة: "إلا أنه مع نهاية القرن (الحالي)، فإننا نتوقع أن يرتفع منسوب مياه البحر بمعدل يتراوح بين 0.8 و1.5 مترا".

وتتابع قائلة: "إن الزيادة السريعة (بارتفاع منسوب مياه البحر) خلال السنوات المقبلة مرتبط بسرعة ذوبان الطبقات الجليدية."

وترى جيفريجيفا أن نظام الكمبيوتر، الذي أجرى الفريق بحثهم من خلاله، قادر على المحاكاة الدقيقة لمستويات مياه البحر إلى درجة يمكن التعويل عليها ومراقبتها عن طريق قياسات معدلات المد والجزر البحري على مر الأعوام الـ 300 الماضية.

أما سايمون هولجيت، وهو خبير يعمل مع الدكتورة جيفريجيفا في نفس المختبر لكنه لم يشترك في البحث الجديد، فيقول إن هنالك القليل من الأدلة الملموسة التي تشير إلى مستويات مياه البحر على مدى آلاف السنين قبل فترة الثلاثمائة سنة الماضية.

ويضيف: "هنالك بعض الأدلة الأثرية المحدودة التي تعتمد على ارتفاع أحواض الأسماك التي كان يستخدمها الرومان، وربما شكلت تلك الدليل الأقوى على أنه لم يكن هنالك ثمة تغير كبير في منسوب مياه البحر على مر السنوات الـ 2000 الماضية."

وقياسا على ذلك، يقول هولجيت، إن الارتفاع المسجل حاليا في منسوب مياه البحر، والذي يصل إلى حوالي ثلاثة سنتمترات في العام الواحد، يُعتبر كبيرا جدا، وإن العديد من العلماء العاملين في هذا الميدان يتوقعون ان يشهدوا تسارعا أكبر في ارتفاع مستوى مياه البحر في المستقبل.

يُذكر أن الباحث الألماني ستيفان راهمستورف كان قد استخدم العام الماضي طريقة مختلفة لقياس ارتفاع مستوى مياه البحر، لكنه توصل إلى نتيجة مشابهة لتلك التي توصل إليها فريق الدكتورة جيفريجيفا، إذ توقع ارتفاعا في منسوب مياه البحر يتراوح ما بين 0.5 و1.4 مترا في عام 2100.

وتشير آخر المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق الأقمار الاصطناعية إلى أن طبقات الجليد في جرينلاند ومناطق غربي القطب الجنوبي بدأت بالفعل تفقد جزءا من كتلتها بفعل ذوبان الجليد، على الرغم من أن الطبقات الجليدية في شرقي القارة القطبية الجنوبية قد تكون آخذة بدورها بالازدياد.

ويقول الخبراء إن الذوبان الكامل للجليد في منطقتي جرينلاند وغربي القطب الجنوبي سيؤدي إلى حدوث ارتفاع في مستوى مياه البحر قد يصل إلى عدة أمتار، إلا أن العملية، إن حدثت، ستستغرق قرونا عدة من الزمن.

أما ستيف نيريم، وهو باحث من جامعة كولورادو ويعتبر موضوع مستويات مياه البحر في العالم موضوع البحث الرئيسي بالنسبة له، فيقول: "نحن نعلم ما يحدث في الوقت الراهن من خلال المعلومات التي توفرها الأقمار الاصطناعية، لكن محاولة التنبؤ بما يعنيه ذلك في المستقبل تُعد واحدة من أصعب العلوم."

ويضيف نيريم: "هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أننا سنشهد ارتفاعا في مستوى مياه البحر يصل إلى متر واحد على الأقل عام 2100."
ويردف قائلا: "نحن نشهد تحولات كبيرة في جرينلاند، كما نشهد تبدلات مماثلة في منطقة غربي القطب الجنوبي، ولذلك نتوقع أن يتجلى ذلك في المعلومات المتعلقة بمستوى مياه البحر على شكل الزيادة في نسبة الارتفاع التي نراقبها الآن."

وعودة إلى الدكتور هولجيت الذي يرى أن ارتفاع متر واحد في منسوب مياه البحر قد ينضوي على مضاعفات كبيرة وخطيرة بالنسبة للبلدان ذات الأراضي المنخفضة، وخصوصا تلك التي لم تتم تهيئة اقتصاداتها لبناء أنظمة متطورة تحميها من مياه البحر.

ويتابع: "إن ما بين 80 إلى 90 بالمائة من أراضي بنجلاديش تقع ضمن ارتفاع متر واحد من مستوى سطح البحر. ولذلك، إن كنت تعيش في دلتا نهر الغانج، فإنك بالتأكيد ستواجه حينئذ المشاكل العويصة، ومثلك أيضا عدد هائل من البشر."

يُذكر أن الدكتورة جيفريجيفا قد قدمت تصوراتها وأفكارها لكي تُنشر في مجلة "الأكاديمية الوطنية للعلوم".

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...