جاءت «الجزيرة».. يا يهود العالم اتحدوا
عنونت صحيفة “جيروزالم بوست” الاسرائيلية إحدى صفحاتها الأسبوع الماضي بـ“جاءت الجزيرة الدولية... يا يهود العالم اتحدوا”. وكتب ايزي ليبلر، نائب رئيس مؤتمر اليهود العالمي، ورئيس لجنة علاقات “اسرائيليو الشتات” في مركز “القدس للعلاقات العامة”، مقالة، أقلّ ما توصف به أنها ترشح دماً ودموعاً. ذرف ليبلر الكثير من الدموع على ظهور “الجزيرة الدولية” التي “جعلت اسرائيل تخسر، على جميع الأصعدة، حرب الأفكار العالمية التي كسبتها منذ نشوئها قبل أكثر من خمسة عقود”. وكتب ليبلر أيضاً: “إنهم يهمّشون اسرائيل. يخلقون العداء ضد يهود الشتات... لن نستطيع أن نحتوي، بلا شكّ، الأثر الإعلامي لهذه القناة في أوساط الجمهور الغربي... يحاربوننا بالمهنية العالية والجو الغربي المهيمن على بثّها وبرامجها. ستزيد القناة من حدة نظرة المشاهدين العدائية الى اسرائيل، بوصفها دولة غازية تقتل المدنيين في شكل نمطي وتنتهك حقوق الانسان”. هذا بالنسبة إلى الدموع. أما في ما يتعلق بلغة الدم، فيجد خبير “الشتات” أنه لا مفرّ من الدم لمواجهة “عدائية الجزيرة”، داعياً إلى “تأسيس قناة فضائية إسرائيلية ناطقة باللغة الإنكليزية، تبتعد في خطابها عن اللهجة المتوازنة المتبعة حالياً في الترويج لقضايا الإسرائيليين”. وطالب ليبلر شباب إسرائيل بأن “يكون لديهم بدائل اعلامية عدائية لخطاب الجزيرة الانكليزية”.
في المقابل، تبدو “الجزيرة إنترناشيونال” التي بدأت بثّها قبل أيام أكثر “اعتدالاً” في مواجهة “الغضب الاسرائيلي”. ولا يجد كل من السير ديفيد فروست، صحافي الـ“بي بي سي” الشهير الذي انفرد بمقابلة 7 رؤساء أميركيين و6 رؤساء حكومة بريطانيين، أو ديفيد ماراش، كبير محرري “إي بي سي” سابقاً، واليهودي المغضوب عليه في بلاده، وهما يعملان حالياً في القناة القطرية العالمية... لا يجدان أي تناقض “بين الدولة العبرية و“الجزيرة” التي تقدم لإسرائيل نافذة تستطيع من خلالها أن تتحدث الى العالمين العربي والغربي”. وقد فشلت ضغوط “اللوبي الصهيوني” العالمي في «منعنا من استقطاب ماراش الذي يتهمه اليهود بالتعاون مع الجهات المناهضة لليهود واسرائيل”، حسبما يؤكد مسؤول في القناة طلب عدم ذكر اسمه.
ربما لا تحتاج اسرائيل الى نوافذ إضافية لمخاطبة الجمهور الغربي، فماكينة هوليوود تهدر ليلاً ونهاراً ترويجاً لأفكار الصهيونية وإجرام المحرقة والإرهاب الاسلامي المتزايد. وإن “سي إن إن” و“فوكس نيوز” لا تقصران أبداً في فعل اللازم المرضي لإسرائيليي الداخل والشتات. لكنّ الخوف من “الجزيرة الدولية” يكمن في توفيرها خياراً متاحاً، لـ“أكثر من 80 مليون عائلة غربية في الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا، سيتحولون مباشرة الى قناة “الجزيرة” التي سترضي اهتمامهم بقضايا الشرق الأوسط، كما فضولهم لمعرفة ما يجري هناك، أو رغبتهم في التقاط صورة دقيقة عن الموقف العربي”. في هذا السياق، يشير خبراء الإعلام الإسرائيليون إلى أن “القناة ستسجل حضوراً أقوى من “سي إن إن” و“بي بي سي” في أوساط الجمهور الغربي”.
أما بالنسبة إلى محاولة “الجزيرة” تبديد الهلع الاسرائيلي بالقول إنها تفتح المجال أمام شيمون بيريز وغيره للتحدث عن “وجهة نظرهم”، فهي تصطدم بالنقد الاسرائيلي الدائم من قلة الوقت المعطى لمتحدثيهم قياساً الى المتحدثين العرب. هذا فضلاً عن الشعور النفسي الذي يكنّه مذيعو الفضائيات العربية تجاه الاسرائيلي أثناء محاورته. وقد أكد دانيال سيمون، رئيس المكتب الاعلامي الحكومي في إسرائيل، في تصريح نقلته الوكالات أخيراً: “تمنحنا قناة “الجزيرة” وقتاً أقلّ من ضيوفها العرب. ولا تلتزم الدقة في بعض الأحيان في ترجمة تعليقاتنا... لكننا لا يمكننا إلا أن نعترف بأنها منحت الإسرائيليين منبراً للتحدث إلى الجمهور العربي”.
أما “انتقاد” الموقف النفسي للمذيعين، فقد تحدثت عنه بإسهاب “يديعوت أحرونوت” في مقال نشرته أثناء فترة العدوان على لبنان في تموز الماضي، واستعادت بنقد شديد تصريحات كان قد أدلى بها مذيعا العربية مي الشربيني وطاهر بركة الى صحيفة عربية عبّرا فيها عن “الضيق من محاورة الاسرائيلي الكاذب”.
نور خالد
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد