حاضنة الأعمال الريفية لإنقاذ المرأة من براثن العوز والبطالة
بعد إنهاء الأعمال المنزلية اعتادت سماهر، يوميا ومنذ سنوات، الجلوس وحيدة لساعات طويلة. وهذا الانقطاع عن العالم جعلها عصبية. «كنت أود دخول كلية الفنون الجميلة، لكن الظروف المادية لم تسمح لي، فانزويت»، كانت تقول وتتابع: «بعض صديقاتي أكملن دراستهن والتحقن بالوظائف وتمتعن بالاستقلال المادي. فلم أعد أرغب برؤيتهن».
حالة سماهر هذه أصبحت من الماضي. فمنذ بضعة أشهر مرت بتجربة قلبت مجرى حياتها رأسا على عقب. فعادت إلى حياة عادية، تخرج من البيت وتذهب لتتسوق وتلتقي أصدقاء وأقرباء: «أشعر بأنني كنت مسجونة وها أنا أتنفس متعة الحرية». والفضل في ذلك لمهنتها الجديدة: التجميل وتصميم إكسسوار للسيدات. وهي مهنة تلبي حاجات نساء كثيرات، في وظائفهن أو في المناسبات.
ونجحت سماهر في استمالة زبائن من قريتها ومن القرى المجاورة بسبب حسن تدبيرها، كما تقول أم علي، وهي سيدة باتت تتردّد عليها.
ولم يكن هذا التغير الجوهري في حياة سماهر وليد صدفة. فقد التحقت في الدورة الأخيرة بعد طول تردد، لأنها لم تستفد من دورات مهنية سابقة.
إلاّ أن دورة الجديدة، عبر «مركز حاضنة الأعمال الريفية» Village Business Incubator، بدت مختلفة. فهي، كغيرها من الدروس المهنية للمركز، تجمع بشكل وثيق بين النظرية والتطبيق، بمعنى مساعدة المتدرب على ممارسة المهنة.
تأسّس المركز بتمويل من الاتحاد الأوربي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، والصندوق السوري لتنمية الريف «فردوس». وتحظى هذه المؤسسة بدعم تقني من الجمعية الإيطالية لتنمية المرأة (آيدوس). والهدف منها إقامة حاضنات للأعمال القروية، تنعش المشاريع النسائية الصغيرة.
وفي هذا الإطار يتم التركيز على ذوات الدخل المتدني اللواتي يمتلكن كفاءات زراعية محدودة، وأعمارهن بين 20 و50 سنة، فضلاً عن النساء اللواتي يتمتّعن بروح المبادرة والابتكار.
وتعتمد طريقة عمل المركز على بناء القدرات ونقل الخبرات بالتدرّج من مستوى التمهيد والتعزيز حتى المستوى المتقدّم.
ثم يشرف القيّمون على الخطط التي تضعها المتدرّبات لتنفيذ مصالحهن أو مهنهن الجديدة. ويحظين بالترويج والتسويق والخدمات الضرورية لاجتذاب الزبائن... سماهر وسميرة ووصفاء وكثيرات غيرهن... أنقذهن المركز من براثن البطالة والعوز.
عفراء محمد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد