(حكاية السيدة روزالين) القبو مرآة لعالم المهمشين
تتميز عروض التخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية التي يخرجها ويشرف عليها الفنان فايز قزق فغالبا ما يتحول طلابه بعد سنوات قليلة.
إلى نجوم وخير مثال على ذلك دفعة الخريجين عام 1993 الذين قدموا عرضاً مميزاً مازال في الذاكرة (مركب بلا صياد) هذا العرض دفع بممثليه إلى عالم النجومية (باسم ياخور- قاسم ملحو- شكران مرتجى – فرح بسيسو....) 
فقزق ينتقي نصوصاً أو يعد نصوصاً مسرحية تعطي مساحة كبيرة لجميع الطلاب أن يقدموا كل إمكاناتهم الجسدية والنفسية والصوتية وفسح المجال للطلاب للاجتهاد في وضع تفاصيل شخصياتهم من الناحية البيئية والفيزيولوجية ...إضافة لوضع رؤية إخراجية وفنية مناسبة لمشاريع التخرج تستفيد من طزاجة مخيلة الطلاب وأفكارهم الشبابية واندفاعهم لتقديم أفضل إمكاناتهم في العرض الذي سيطلقهم إلى عالم التمثيل والفن والإبداع..
نص العرض
في عرض (حكاية السيدة روزالين) مشروع تخرج الطلاب في المعهد العالي للفنون المسرحية للسنة الدراسية2010-2011 والذي قدم بالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقا على خشبة مسرح القباني..نحن أمام عرض ينتمي (للهنا والآن ) أي هو يمتح من أحداث الحاضر وحياة الناس ضمن بيئتنا المحلية المتنوعة ثقافيا وفكريا واثنيا ودينيا واجتماعيا لكن ضمن وحدة المصير والطموح والآمال حيث يرتسم مستقبل البلد..
قبو في مستشفى حكومي عام تتناثر فيه الكراتين ومخلفات المشفى وخردواته وأكياس النايلون والصناديق ودواليب السيارات المنسقة والستائر البالية الممزقة هو في التحليل الأخير مكان يمثل أو يجسد مجتمع القاع أو مجتمع المهمشين، هنا نرى الجميع على حقيقتهم، فكل النفاق والكذب الذي نراه فوق في الشارع أو في الطوابق العليا والذي يخفي الحقائق يتلاشى في هذا العالم السفلي فتتجلى كل مسارات المجتمع من خلال شخصيات المشفى ومرضاه وعلاقاتهم الشائكة، في القبو كل الحقائق تبدو عارية في سياق محاولة المحقق الكشف عن ملابسات جريمة قتل لسيدة الثرية روزالين وزوجها..
وفي سياق هذا التحقيق يقدم العرض مجموعة من الحكايات الفرعية التي صاغها الطلاب مع أستاذهم اعتمادا على تجاربهم الحياتية وتتعلق بأفكار عديدة منها : جرائم الشرف والفساد والعلاقات الأسرية المفككة والجشع والأنانية والنفاق، ينجح الطلاب مع المشرف قزق في توليف حكاياتهم مع الحكاية الرئيسة وصولا إلى صياغة دراما مسرحية مشوقة تمزج بين الكوميديا والتراجيديا دون الخوف من الوقوع في التابوهات والمحرمات الاجتماعية أو السياسية استغرق العمل فيها أكثر من شهرين من التعب المتواصل على التدريبات وعلى القصص الفردية للطلاب وتوليفها من خلال جلسات عمل طويلة مع كادر الإشراف في المعهد فكان أن توصلت الدفعة إلى عرض مسرحي له وحدته العضوية ومكانه وزمانه الخاص وخطه الدرامي العام.
العرض كما رأيناه أعطى المجال الرحب للطلاب للارتجال وتوشية العرض بأفكارهم ورؤاهم وهذا الأمر جاء نتيجة عدم الاعتماد على نص منجز بل هو نص مشغول على الخشبة بمشاركة جميع طلاب الدفعة ما يعطي المشرف القدرة على تقييم كل طالب ومعرفة إمكاناته الجسدية والنفسية وقدراته الإبداعية..
فالنصوص (حسب قزق) التي تنجز بجهود الطلاب على الخشبة أثناء البروفات تتيح لكل طالب تفهم الشخصية التي يكتبها ويقوم بأدائها وهو بهذا يدخل إلى تفاصيل الشخصية وعالمها الداخلي ومرجعياتها الثقافية والاجتماعية...
حكاية العرض
السيدة روزالين تدخل المشفى من أجل غسيل الكلية فتقتل هي وزوجها هنا يتحول قبو المشفى إلى غرفة تحقيق ومكان لكشف عالم المشفى وقصص العاملين فيه.
في مشهد استهلالي تظهر ثلاثة صناديق تتحرك إلى مقدمة الخشبة حيث تتمدد أرجل ثلاث ممرضات يمزّقن برؤوسهن الصناديق التي يختبئن بها وتظهر رؤوسهن منها ويبدأن بالثرثرة سرد فضائح المشفى اليومية، بعد ذلك نتحول للمشهد الثاني الذي يجمع بين أم سكاف وزوجها أبو سكاف (كرم الشعراني، لوريس قزق) المستخدمين في المشفى، المشهد كوميدي خفيف يظهر بساطة الزوجين وريفيتهما ثم تتالى مشاهد المسرحية: المحقق وميادة (مصطفى سعد الدين، روجينا رحمون) ومشهد شمس وأمها المتشردة (غفران خضور، أروى عمرين) ومشهد الأخوة مع زوجاتهم (كرم الشعراني، نور أحمد، مصطفى المصطفى، دانا مارديني، وسام أبو صعب، أروى عمرين) وصراع حام على التركة، كما نتابع مشهد الأعمى (عيد دويكات) وحكمه وبصيرته النافذة....
حكاية السيدة روزالين عرض يميط اللثام عن الخراب الذي يعم مجتمعنا ومؤسساتنا التي ينخرها الغش والكذب والفساد مجتمع يغلف نفسه بعباءات الأديان والأخلاق الحميدة ليقنع نفسه بالتماسك والقوة فيما الدود ينخر عظامه في رحلة موت طويلة وصولا للاندثار..
العرض كشف عن عدد من المواهب الشابة التي سنراها قريبا في عروض مسرحية احترافية ومسلسلات... تكرس مواهبهم فيتحولون كزملائهم السابقين إلى نجوم ومشاهير
بطاقة العرض
نص وإخراج وإشراف فايز قزق- مخرج مساعد ومساعد إشراف رغد مخلوف
تصميم الديكور: نعمان جود- تصميم الإضاءة: ماهر هربش- الإكسسوار: سهى حيدر- مؤثرات صوتية: أحمد أشرم- تصميم المكياج: مريم علي- دراماتورغ: وائل قويدر، لواء يازجي- كريوغراف: يارا عيد- فوتو غراف: حسن صوفان- الإشراف الفني على الديكور: محمد وحيد قزق - تنفيذ الإضاءة: فيصل المحمد- تدريب صوتي فادي عطية.
الطلاب- الممثلون: أروى عمرين / أويس مخلالاتي/ حمادة الرفاعي/ حلا رجب/ دانا مارديني/ صلاح حنون/ غفران خضور/ كرم الشعراني/ لوريس قزق/ مصطفى المصطفى/ مصطفى سعد الدين/ نور أحمد/ وسام أبو صعب/ يزن الخليل.
أحمد الخليل
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد