خلافاً لبيان اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي يكثف تواجده في الغجر

09-11-2006

خلافاً لبيان اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي يكثف تواجده في الغجر

وقعت قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان بخطأ فادح وغير مبرر، عندما أعلنت عن انسحاب إسرائيلي من الغجر ومحيطها، ما خلق حالة من البلبلة لدى الجهات المدنية والعسكرية اللبنانية، إضافة الى إرباك في مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية التي حشدت طواقمها خلف الساتر الترابي والأسلاك الشائكة التي كان جيش الاحتلال قد زنر به الطرف اللبناني من هذه البلدة.
ما حصل في الغجر وخاصة في الشطر اللبناني منها كان عكس بيان اليونفيل. فمنذ ساعات الصباح الأولى ليوم امس حشد جيش الاحتلال قوة مدرعة وأخرى مشاة قدرت بحوالى 50عنصراً و7 آليات بينها 4 سيارات نوع هامر توزعت بين المنازل وفوق السطوح مهددة بإطلاق النار على جيش الصحافيين الذين كانوا قد وصلوا باكراً الى محيط البلدة لتغطية الإنسحاب الوهمي لبيان الطوارئ.
سكان الغجر الذين تفاجأوا بالحشد الكثيف لوسائل الإعلام حول بلدتهم كانوا في وضع طبيعي وعادي. اطفال يلهون في الشوارع، رجال انصرفوا لجمع مونة الشتاء من الحطب، نسوة التففن حول الموقد يحضرن الخبز المرقوق في ظل انتشار عناصر الاحتلال الذين تمركز أكثرهم بين الحدائق وخلف الجدران، في حين تجرأ بعضهم ووصل الى قرب السياج الشائك، طالباً من الصحافيين الانصراف الى خلف الساتر الترابي، لأن هذه الأرض من مسؤولية الجيش الأسرائيلي، كما قال أحد الضباط الذي هدد بإطلاق النار مراراً.
وقد حار رجال الإعلام بما هو حاصل متسائلين من المسؤول عن خطأ بيان الطوارئ. فلا انسحاب إسرائيلياً من الغجر ولا من محيطها، علما انه لا توجد في محيط الغجر مواقع إسرائيلية ولا عناصر ولا آليات، فكيف يكون الإنسحاب؟
أما في المحيط وخاصة عند المدخل الشرقي لهذه البلدة فهناك آلية مدرعة للقوة الهندية مع طاقمها المؤلف من 5 عناصر ومترجمة، مهمتهم مراقبة من يجتاز حاجزهم، كما قال الضابط المسؤول الذي أضاف: ليس لدينا علم بأي انسحاب لا من الغجر ولا من محيطها، وخاصة أن اي عنصر إسرائيلي لم يتواجد خارج الغجر منذ الإعلان عن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وفي محور الوزاني والمزارع الصغيرة المحيطة به كانت دوريات متعددة للقوة الهندية وللكتيبة الإسبانية تجول في الطرقات الرئيسية وفي بعض الحقول الزراعية وتقيم الحواجز الثابتة والمتنقلة دون أن تبدو على الأرض أي متغيرات ميدانية.
ساعات طوال أمضاها رجال الإعلام وبعض الفضوليين من أبناء القرى المجاورة في محيط الغجر، لم تكن كافية حتى لإعداد تقرير إخباري بسيط يساوي المسافة التي قطعوها والجهد الذي بذلوه في منطقة خارج تغطية هواتفهم المحمولة، فعادوا بما تيسر من صور لجنود الاحتلال داخل الشطر اللبناني للغجر، أكدت بطلان بيان الطوارئ الذي جهد الجميع في تفسير دواعيه وخلفياته التي خدمت الى حد ما جيش الاحتلال الذي فشل في استغلاله، فكانت فضيحة مزدوجة لليونفيل التي لم يعبر بيانها عن واقع الحال، وللدولة العبرية التي جهد جنودها في إثبات تواجدهم داخل أراض لبنانية خلافاً للقرارات الدولية.
كما ان المفاوضات الجارية حول الانسحاب الإسرائيلي من الشطر اللبناني من الغجر اصطدمت الأسبوع المنصرم بشروط إسرائيلية جديدة اعتبرها الجانب اللبناني كما الدولي تعجيزية، ما عقد المباحثات بانتظار طروحات جديدة تعمل قيادة الطوارئ على بلورتها في محاولة لتقريب وجهات النظر وإنهاء الحالة الشاذة في هذه البلدة.
وتشير المعلومات المتوفرة حول آخر مفاوضات الغجر الى أن الجانب الإسرائيلي حاول في الجلسة الأخيرة التي عقدت في مقر قيادة اليونفيل في الناقورة فرض شروط جديدة وُصفت بأنها تعجيزية، محاولاً تعقيد الوضع بهدف تأخير انسحابه لأطول فترة ممكنة، ومنها حسب مصادر مواكبة إبقاء السيطرة الأمنية على الشطر الشمالي للأجهزة العسكرية والشرطة الإسرائيلية، بحجة أن السكان يحملون الهوية الإسرائيلية، وبالتالي يخضعون وبشكل مباشر لقوانين الدولة العبرية. وهذا يعني حسب المفهوم الإسرائيلي متابعة مثل هذه الأمور من خلال استمرار دخول الدوريات الأمنية الإسرائيلية الى الشطر اللبناني لملاحقة مطلوبين بتهم مختلفة، تتوزع بين أمور أمنية أو تهريب مخدرات وشبهات متنوعة أخرى.
كذلك رفض المفاوض الإسرائيلي انتشار أي قوة دولية في الشطر اللبناني تختارها قيادة الطوارئ، بل حددت الانتشار بقوات من جنسيات أوروبية تكون مدعمة بآليات مدرعة ومنها الإسبانية مثلاً. ويرفض جيش الاحتلال إقامة عوائق عند الخط الأزرق وسط البلدة ويصر على الخط الوهمي.
وأمام هذا التعقيد الإسرائيلي تحاول قيادة الطوارئ وعبر اتصالات بعيدة عن الأضواء مع العديد من الجهات المعنية المحلية والدولية إيجاد قواسم مشتركة لحلحلة العقد الإسرائيلية وتقريب وجهات النظر قبل الاجتماع المقبل، دون أن تبدو حتى الآن أي بوادر تجعل الانسحاب الإسرائيلي قريباً، حسب ما كا يتردد على لسان أكثر من مسؤول دولي.
ويستغل أهالي البلدة الوضع السائد حالياً فيقدمون على بناء منازل جديدة على أراض لبنانية في الشطر الشمالي، أو يكملون بناء منازل كان حزب الله قد منعهم من إشادتها على الأراضي اللبنانية بعيد التحرير عام الفين. وتتوقع مصادر متابعة ان يشهد الوضع في الغجر المزيد من المناكفات الإسرائيلية لتعقيد المباحثات، والهدف تأخير الانسحاب لأطول مدة ممكنة. والسؤال كيف ستواجه اليونيفيل بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام هذه المماطلة الإسرائيلية في الغجر؟

طارق أبو حمدان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...