رماد الفرنسيين المقدس
كشف مجلس الشيوخ الفرنسي أن ربع الفرنسيين يتم حرقهم بعد الوفاة، وتوقع ارتفاع النسبة إلى النصف في السنوات القادمة مستندا في ذلك إلى وصايا الأحياء من المسنين.
وينهمك المجلس حاليا في الإعداد لمشروع قانون يعيد تنظيم التعامل مع رماد الموتى، فيما اتخذت القضية بعدا اقتصاديا بالمطالبة بإعفاء هؤلاء من الضرائب والرسوم المستحقة على أجسامهم.
وتعكف لجنة برئاسة السيناتور جان رينيه لوسرف على إعداد مشروع القانون الجديد. وقال لوسرف في تقرير المشروع إن "هناك انحرافات خطيرة مصاحبة لتزاحم الفرنسيين على عملية الحرق".
وعدّد من بين مظاهر الانحراف "الاتجار بأواني حفظ الرماد في أسواق العاديات أو إيداعها ضمن محتويات أقسام المفقودات أو العثور عليها فوق الشواطئ"، ما يعني تلاعبا بالرماد نتج عنه الاستغناء عن الآنية المخصصة للحفظ.
وأحس الأحياء بالمرارة من جراء ما تضمنه تقرير المشروع، "فرماد الأموات بات يستخدم في حشو فصوص الخواتم وإعداد مواد رسم اللوحات أو طلاء التحف الفنية".
ويسعى واضعو مشروع القانون الجديد إلى الحيلولة دون التنازل عن آنية الاحتفاظ بالرماد داخل محارق الموتى.
ويهدف المشروع إلى التعامل مع الرماد باعتباره "شيئا مقدسا" عوضا عما يحدث حاليا من امتهان للموتى، ويطرح على عائلات الموتى إيداع آنية الرماد داخل المقابر أو المحارق أو في أقبية مخصصة.
كما ينص على أن تنشئ كل مدينة يزيد تعداد سكانها عن 10 آلاف نسمة مكاناً يخصص لإيداع أواني الرماد محل المشكلة.
ويشدد مشروع القانون على حظر اقتناء عائلة المتوفى للرماد في أرض حديقة المنزل والاستعاضة عن ذلك بما أسماه "حديقة الذكريات" التي تقيمها العائلة في قلب الطبيعة خصيصا لهذا الغرض، على أن يتم إحبار العمدية بالمكان.
وبررت لجنة القانون الجديد هذا البند بضرورة "تمكين كل من يرغب في استحضار ذكرياته في صفاء".
ويضع المشروع نهاية للاحتفاظ بالرماد لدى شخص بعينه لكونه يتسبب في نشوب نزاعات عائلية مريرة يختلف أفرادها حول من له أولوية الاحتفاظ برماد المتوفى. وتصل هذه النزاعات أحيانا كثيرة إلى المحاكم للنظر في خلاف الورثة بهذا الشأن.
وينص القانون الحالي على أن رماد المتوفى يعد من "ذكريات العائلة" والمطلوب في ظل مشروع القانون الجديد أن يتحول إلى "شيء مقدس".
ويعمد النص الذي يعده المجلس إلى مد الحماية القانونية المخصصة لبند صيانة الحرمات لصالح الإناء المخصص للاحتفاظ بالرماد، وهي نفس الحماية التي يوفرها القانون الحالي للمقابر والنصب المخصصة لذكرى الموتى.
ولاقى المشروع فور إعلانه نهاية الأسبوع الماضي معارضة من قبل جهات معينة، إذ اعتبر رئيس الاتحادية الفرنسية لحرق الموتى كوزان أن بنود النص الجديد تمثل "قيداً على الحريات".
هذا وينتهي مجلس الشيوخ قريبا من قراءة أولى تمهيدا لعرضه في الجمعية الوطنية قبل غرة نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
في الوقت ذاته دعت كنفدرالية الجنائز وصناعة الرخام الحكومة الفرنسية إلى تخفيض نسبة قيمة الضرائب المضافة من 19.6 إلى 5.5%، بما يسمح بتخفيض سعر الجنازة بمقدار 300 يورو.
ويكلف هذا التخفيض ميزانية الدولة سنويا -وفقاً للجنة القانون الجديد- 140 مليون يورو تمثل خصما من بند الضرائب.
الجدير بالذكر أن سبع دول أوروبية تعفي الجنائز كليا من الضرائب وهي إيطاليا وبريطانيا والدانمارك وهولندا والبرتغال وفنلندا والسويد.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد