رواج مهنة فك التشفير في سورية
لم يسبق أن شهدت محال اللواقط الفضائية وصيانتها وخدماتها في سورية مثل هذا الطلب الهائل على خدماتها من أجل تأمين مشاهدة مباريات كأس العالم في كرة القدم. فعلى رغم العروض «المغرية» التي قدمتها الشركة المحتكرة لبث المباريات في العالم العربي، إذ خفضت كلفة متابعة قنواتها الى 6500 ليرة سورية (الدولار نحو 51 ليرة) لمدة ثلاثة أشهر، ولنحو 14 ألفاً لمدة عام كامل، إلا أن العدد الأكبر من المشاهدين اتجهوا الى القنوات المجانية المنتشرة على أكثر من قمر اصطناعي موفرين بذلك المبلغ الذي تطلبه الشركة المحتكرة للبث، والذي يكفي لشراء لاقط مع مستقبل وأجور تركيبه.
لكن يكتنف تلك المعادلة البسيطة التي يرددها بعض المستخدمين والفنيين على السواء، بعض العوائق. وبذا، شهدت الأيام الأولى من المونديال تشفير القناة التركية، التي بثت المباريات مخترقة «الاحتكار» المفترض! وأدى هذا الأمر الى ارتباك كبير.
وأوجد ما يشبه حال الاستنفار لدى فنيي صيانة اللواقط المتصلة بالاقمار الاصطناعية، والذين توصلوا سريعاً الى معرفة الموجة التي تبث عليها القناة التركية، وقبل انطلاقة مونديال المانيا 2006.
وسرعان ما تبيّن أيضاً أن القنوات الأوروبية التي تبث المونديال متاحة للجميع. يقول علي الفني في تركيب اللواقط أن القنوات الأوروبية التي تبث مباريات المونديال غير مشفرة أساساً، ولا يتطلب تنزيلها على « الريسيفر» عبر جهاز الكومبيوتر، سوى دقائق قليلة، ولا تكلف أكثر من مبلغ يتراوح بين 50 الى 100 ليرة سورية. دفعت هذه الامور الجمهور للهرع الى فنيي اللواقط، لإضافة القنوات التركية والأوروبيــة، ما أعاد المونديال الى أعــين الجــمهور الواســع في ســورية.
ويعتبر كثير من العاملين في الصيانة هذه الظاهرة أمراً معروفاً، لكنها اتخذت منذ بدء المونديال طابع التدفق الغزير، إذ أضحى العثور على أحد العاملين في مجال صيانة اللواقط مكسباً كبيراً في ظل انشغاله ليل نهار في تأميــن تلك الــخدمات المــونديالية! والحــال هذه يشير إلــيها سعيد الذي يضطر للعـــمل حتــى الســاعة الثانية بعد منتصف الليل فــي الإصــلاح والتركــيب والبحـث عن المحــطات النـاقلة للـمباريات.
وحوّل الجري وراء المونديال بعض افراد الجمهور العام الى خبراء في التوليف والبحث على الأقمار الأوروبية والتركية! بل واكتشف بعضهم إمكان التعامل مع التشفير من دون الحاجة للذهاب الى محلات الصيانة أصلاً. ويتناقل الأصدقاء أرقام التشفير، التي يحصل بعضهم عليها من الانترنت أيضاً، كلما عدلت المحطات تردداتها. فيما ذكرت بعض وسائل الاعلام المحلية أن بعض الناس يحصلون على فك التشفير من أقارب وأصدقاء لهم في الدول العربية الأخرى.
الاحتكار الذي ميّز نقل مباريات المونديال فتح الباب واسعاً للبحث عن فك التشفير، الامر الذي اقتصر سابقاً على القنوات الإباحية في الغالب. وتحوّل الكشف عن الترددات الجديدة الى مادة مهمة للتسابق بين الفنيين وتسويقها وتقديم الخدمات لجمهور متابعي كرة القدم الأوسع.
محمد الخضر
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد