ريتا دوف: أميرة شـعراء أمريكا
واحدة من أهم الأصوات الشعرية في الولايات المتحدة الأمريكية، الروائية والكاتبة المسرحية،. المولودة عام 1952 في مدينة أكرون في ولاية أوهايو، أول أمريكية من أصول أفريقية تحصل على هذا اللقب الرفيع في بلد تبوأت فيه قضية التمييز العنصري مكان الصدارة.
يبدو أن أميرة الشعراء خطّت لنفسها طريقاً واضحة ومميزة في عالم الأدب جعلت الأدباء والنقاد يعترفون بأن نتاجها الفكري والأدبي لم يكن حصيلة تراكم السنين، بل جهدا متواصلا حفر عميقاً في ذاكرتها، ليشكل ذلك المخزون الثقافي الذي استحقت أن تنال بموجبه العديد من الجوائز، كان من أبرزها جائزة البوليبزر عام 1987 عن كتابها في الشعر بعنوان «توماس وبيولا» المؤلف من عدة قصائد قصيرة تؤكد من خلاله على رمز الجدة التي تعكس حكاياتها آلام الذاكرة، وتترجم حال القادمين من القارة السوداء إلى مزارع العالم الجديد.
أبدعت ريتا دوف في كتابة القصص القصيرة منها مجموعة «الأحد الخامس» والمسرحيات الشعرية، ونسج الروايات، وتقديراً لإبداعها شغلت العديدة من المناصب الهامة،كان منها منصب مستشارة لمكتبة الكونغرس بين عامي 1993-1995 ومنصب الشاعر كومنولث فيرجينيا في شارلوتسفيل.
تناقش ريتا مع رئيس تحرير مجلة سميث سونيون السيدة سيندا مور كيف ستؤثر التكنولوجيا الحديثة على العملية الإبداعية قائلة:
إن ظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة أحدث تغيراً واضحاً في شكل التأليف فالتكنولوجيا وفرت وصول الكاتب إلى القارئ بسرعة، وحررت الكاتب من رحمة دور النشر وغيرها من الأمور التي تعق نشر الكتاب، بدءاً من التأليف، وانتهاءً بالتسويق، ما يؤثر على العملية الإبداعية.
وتتابع: الأدب هو الأدب، يمكن الوصول إليه عبر أية وسيلة، ومهما اختلفت الأدوات التي تربطنا فيه، يبقى الأهم هو الإحساس، ذلك الخيط الرفيع الذي يربط القارئ بالعمل الأدبي مهما كان نوعه.
فالعلاقة الحميمية التي يمنحها الأدب، هي ذلك الشعور الذي يمكن للكاتب إيصاله إلى القارئ عبر الشخصيات التي يرسمها، واللغة التي يختارها. فالمسرح على سبيل المثال بيئة مناسبة للخيال، لكنه خيال مقيد، كوننا نرى الأحداث ونسمعها فنتفاعل معها بسهولة، دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث كما في الرواية أو القصة، التي تأخذنا إلى مساحات واسعة للتخيل.
وتتابع: الكمبيوتر اليوم مكان آخر يمكن اللجوء إليه عند القراءة. يختلف عن الطريقة التقليدية التي اعتدنا أن نقرأ من خلالها ما نريد، خاصة الأدب، لأنه يقدم المزيد من المعلومات بسرعة مذهلة، وإن كان البعض يجد فيما اعتاد عليه بعيداً عن الحداثة الرقمية متعة أخرى، لها نكهة من نوع خاص.
وحول اعتناق تراث متعدد الأعراق ومدى تأثيره على الأدب، تؤكد الكاتبة أن الخوض في هذا المجال أمر ضروري، لكونه يحررنا من القولبة، ويكسر حاجز الخوف من الآخر، لأننا جميعاً الآخر والآخر هو نحن. وهذا حسب اعتقاد الأديبة يجعل القارئ أكثر قدرة على تحديد ما يريد ومعرفة نفسه، كما يتيح المجال لمعرفة العديد من الثقافات على نحو أفضل، والتي من شأنها أن تغير مع الأيام طبيعة التيار السائد، وهذا تماماً ما نسميه موجة المد والجزر في الأدب.
لماذا لم نعد نجد أنفسنا والعالم؟
أحد أهم الأسئلة التي واجهت الكاتبة، فكان ردها واضحاً: لأننا فقدنا بوصلة الوصول إلى الأدب، مؤكدة أن الاطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى، والقدرة على النظر في كل ركن من أركان العالم، وأخذ تجارب الآخرين، هي التي تشعرنا بالثقة في قدرتنا على الوصول إلى إنسانية مشتركة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على قراءة صحيحة للأدب، ليحقق الهدف من وجوده.
وكأنها بذلك تقول: إن الأدب يشبه السجاد العجمي، جماليته في تفاصيله وفي قدرته على الوصول إلى عمق كل منا، ليدرك من خلاله وجوده ومدى تأثيره وتأثره بالآخرين.
ترجمة: إيمان الذنون- تشرين
عن مجلة smithsonion
إضافة تعليق جديد