زحمة سير خانقة في «الفضاء»

22-03-2008

زحمة سير خانقة في «الفضاء»

يبدو أن محطة الفضاء الدولية قد أصبحت أشبه بمطار دولي مزدحم دوما.
فالمركبة الأميركية انديفور التي التحمت الاسبوع الماضي بالمحطة، تتشارك مداها مع مركبة بروغرس الروسية التي وصلت في شباط الماضي. بينما تنتظر مركبة «جول فرن» الاوروبية عودة انديفر يوم 24 آذار الجاري لتنطلق بدورها الى المحطة وتصل اليها في 3 نيسان. وعندما تغادر بروغرس في 7 نيسان تنطلق سويوز الروسية ايضا، تحمل الى محطة الفضاء طاقما من الرواد في مهمة تستمر حتى أوائل العام المقبل حيث يتوقع أن ترسل اليابان، التي أضحت شريكا في الفضاء مع تركيب المختبر الياباني «كيبو» في المحطة، مركبة آلية إضافية اليها.
إنها فعلا زحمة سير خانقة، يقول مساعد برنامج محطة الفضاء الدولية شيرمان، لدرجة «أننا نفكر جديا في إرسال «شرطي مرور» لمراقبة حركة السير في الفضاء بأسرع وقت ممكن لضمان سلامة هذه الحركة».
ويوافقه الرأي خبراء يرون في إيجاد طريقة لـ«تنظيم حركة السير في الفضاء» ضرورة ملحة بعد أن أصبح الفضاء مفتوحا لكل شيء من المركبات المأهولة الى الأقمار الصناعية الى «النفايات» الفضائية من بقايا حطام الصواريخ والمركبات والأقمار الصناعية القديمة والجديدة على حد سواء، الى جانب «جزئيات» الكواكب والغبار الكوني.
ويؤكد بعض الخبراء أنه حان الوقت لإنشاء هيئة فضائية دولية على مثال «المنظمة الدولية للطيران المدني» ترسخ معايير وممارسات مشتركة يلتزم بها الجميع. في حين يرى بعض آخر أن عقد اتفاقات ثنائية هو أمر كاف.
«تنظيم حركة السير في الفضاء بات الموضوع الساخن الذي يطرح علنا وسرا»، بحسب بن بازلي ـ والكر، المستشار لدى منظمة الامن الدولي، وهو مركز أبحاث مقره سوبريور في ولاية كولورادو، والذي كشف عن أن اجتماعات دورية تعقد حول الموضوع كانت تضم قبل سنتين بضع عشرات من الاكاديميين والخبراء، وباتت اليوم تضم أكثر من 300 خبير وأكاديمي من مختلف أنحاء العالم، يرتدي معظمهم بزات عسكرية.
والسبب: ان تواتر دخول المزيد من دول العالم في لعبة الفضاء سيعني أن هناك المزيد من المركبات والاقمار، المعلن وغير المعلن عنها، التي ستدور حول الارض... والمزيد من النفايات... والمزيد من احتمال حوادث الاصطدام.
وقد يكون الكون رحبا.. إلا أن المناطق المحيطة بالارض حيث يمكن للاقمار الصناعية أو البشر التجول هي قليلة نسبيا. بل ان منها ما هو مفضل على آخر. حتى على القمر هناك زحمة. فوكالة الفضاء الاميركية ناسا تستعد لإرسال مسبار استكشاف جديد الى القمر في تشرين الاول المقبل لينضم اليه لاحقا قمر صناعي صيني وثلاثة أقمار اخرى من اليابان. وهذا الاسبوع أعلنت ناسا اهتمامها بوضع «نقاط تقاطع» علمية عالمية على القمر، أي منصات أبحاث أو آليات استكشاف يمكن وصلها مباشرة بقمر صناعي للاتصالات في المدار القمري. وهناك ايضا الرحلات السياحية والرحلات الجوية الدولية التي تلامس الفضاء وتشكل أول خطوط حركة المرور المزدحمة فيه. كما ان المناطق المدارية نفسها أصبحت في خطر. ويذكر الخبراء «الاختبار» الذي أجرته الصين بتدمير قمرها الصناعي لرصد الأحوال الجوية الذي يزن أكثر من طن. ويقدرون انه ولد أكثر من 900 قطعة من الحطام ستبقى في المدار أكثر من قرن.
وتشير التقديرات الى انه يكفي فقط القيام بعشرة أو 12 «اختبارا» مماثلا للاختبار الصيني حتى تصبح هذه المنطقة من المدار غير قابلة للاستخدام من الجميع.
إلا أن أول صعوبة لإنشاء نظام ناجع يكمن في الاتفاق على تحديد مكان المدى الفضائي التقليدي. فمع تجاوز حدود السيادة الوطنية، يصبح الفضاء مجالا عاما مفتوحا للجميع. والمتعارف عليه أن مجال السيادة الوطنية يرتفع مسافة 100 كيلومتر، ولكن لا تحديد علميا أو قانونيا يدعم ذلك. بل تعتمد معظم الدول النشطة في الفضاء على هذا التحديد. لكن بضع دول واقعة على خط الاستواء وقعت عام 1976 إعلان بوبوتا الذي يذكر أن المجال الفضائي وبالتالي السيادي يصل حتى خط المدارات للاقمار الصناعية، أي حوالى 22300 ميل فوق هذه البلدان.
وتقر مديرة مركز المعلومات حول شؤون الدفاع في واشنطن تيريزا هيتشنز، بأن هذه المسائل تشمل الأمن القومي لتشكل تحديا كبيرا. وتقول إن نظام إدارة حركة السير في الفضاء يجب أن يتضمن ضرورة الإبلاغ والتشاور عندما تخطط أي حكومة أو مؤسسة خاصة لإطلاق قمر صناعي. كما أن الدول تحتاج الى إنشاء نظام عالمي حول مدرات الاقمار الصناعية والحطام الفضائي. وتؤكد أن المسألة الملحة هي إيجاد نظام لتفادي الاصطدامات. اذ قد يبدو ان الفضاء يترك المجال واسعا للمناورة، إلا أن الأجسام فيه تتحرك بسرعة هائلة، فما إن ينحرف أحدها حتى يكون الوقت قد فات على تفادي خطر الاصطدامات. 


المصدر: السفير نقلاً (عن كريستيان ساينس مونيتور)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...