زيارة الأسد للهند:اتفاقات اقتصادية وإحياء العلاقات التاريخية
قالت مصادر ديبلوماسية هندية أمس إن زيارة الرئيس بشار الأسد لنيودلهي ليست مرتبطة بالانفتاح الخارجي الأخير على سورية بعد انتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان وإعلان بدء مفاوضات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب، مشيرة إلى أن هدف الزيارة هو «إحياء العلاقات التاريخية بين سورية والهند على أسس عصرية».
ومن المقرر أن يصل الأسد وعقيلته الثلثاء المقبل لبدء «زيارة الدولة» في اليوم التالي وحتى السبت. وعُلم أن الوفد المرافق للأسد يضم وزراء الخارجية وليد المعلم والاقتصاد عامر لطفي والاتصالات عماد صابوني وممثلين عن القطاع الخاص. وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد زار الهند عام 1983 للمشاركة في قمة عدم الانحياز، غير أن آخر زيارة ثنائية لرئيس سوري تعود إلى عام 1978.
وأوضحت المصادر أن جدول زيارة الأسد يتضمن محادثات رسمية مع رئيس الهند ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس البرلمان والكتلة البرلمانية الحاكمة، إضافة إلى رئيس الائتلاف البرلماني الحاكم ورئيس المعارضة. وقالت المصادر الديبلوماسية إن أربعة اتفاقات ثنائية ستوقع خلال الزيارة، تتضمن التعاون في مجالات الزراعة وتكنولوجيا الاتصالات ومنع الازدواج الضريبي وضمان وحماية الاستثمارات المتبادلة و «توفير الأطار القانوني لجذب الاستثمارات الهندية».
وتختلف المقاربتان السورية والهندية إزاء قراءة زيارة الأسد، اذ قال مسؤول سوري رفيع إن دمشق «تريد تنويع علاقاتها وتوسيع دوائر التعاون مع الدول، فيما الهند تعتبر أن عودتها إلى الشرق الأوسط تتم عبر البوابة السورية. ونحن نؤمن بضرورة التوجه شرقاً وإحياء العلاقات التاريخية». وبعد محاولة الولايات المتحدة ودول أوروبية فرض عزلة على سورية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري مطلع العام 2004، أعلن مسؤولون سوريون نيتهم «التوجه شرقاً» وإحياء العلاقات القديمة مع روسيا والصين والهند ومد جسور جديدة مع أميركا اللاتينية وأفريقيا.
وكانت الهند بين الدول القليلة التي حافظت على علاقاتها مع دمشق، إذ زار مسؤولون كبار دمشق في خضم الضغوط الخارجية نهاية العام 2005، كما قام الوزير المعلم بزيارة رسمية لنيودلهي نهاية العام الماضي، قبل إجراء نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري محادثات اقتصادية مع الهند مطلع العام.
وتعزيز العلاقات الاقتصادية سيكون أحد الأسس التي يسعى الطرفان إلى البناء عليها، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا المعلومات والفوسفات والزراعة والنفط والنقل، إذ تعود العلاقات في هذه المجالات إلى الاتفاق التجاري الموقع عام 1978. وقالت المصادر إن قيمة الاستثمارات الهندية في سورية تبلغ نحو 600 مليون دولار.
في غضون ذلك (أ ف ب)، أكد رئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا فيون امس ان «سورية نفذت تعهداتها في النزاع اللبناني»، وذلك في تبرير لقرار الرئيس نيكولا ساركوزي دعوة الأسد للمشاركة في احتفالات العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز (يوليو) المقبل. وقال فيون بعد ان اثارت دعوة الأسد جدلا من المعارضة اليسارية في فرنسا: «ما يجب ان يثير الصدمة هو الا نحاول شيئا لمحاولة ايجاد ظروف السلام في الشرق الاوسط وفي المتوسط». واضاف ان وضع مشروع الاتحاد المتوسطي على السكة «يتطلب وجود كل دول حوض المتوسط حول الطاولة»، معتبرا ان «سورية نفذت تعهداتها في النزاع اللبناني» بسماحها بانتخاب رئيس جديد. الا انه استطرد: «لن نتخلى عن شيء» من المواقف الفرنسية، مؤكدا ان فرنسا «ثابتة في تمسكها في انشاء المحكمة الدولية» التي ستنظر في اغتيال رفيق الحريري.
وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير صرح امس بأن حضور الأسد الاحتفالات «ليس مدعاة سرور لي»، مبررا في الوقت نفسه الخطوة الفرنسية. وقال لاذاعة «اوروبا 1»: «بالنسبة الي، الامر ليس مدعاة سرور»، مضيفا: «لكنني اعتقد انه اذا كنا نصنع الاتحاد من اجل المتوسط، واذا كان الاسرائيليون يتحدثون الى السوريين حاليا، فعلينا الا نتذاكى». وتابع: «من المهم التحدث الى اشخاص مختلفين (...) هذا لا يريحني، لكن علينا ان نفعل ذلك، او نبقى في حالة توتر وصعوبات ومواجهات على الارجح». وزاد: «قلت انه اذا تم انتخاب الرئيس (اللبناني) بعد اشهر من الفراغ، ستقيم فرنسا علاقات طبيعية مع سورية، ونحن نفعل ذلك حاليا».
وردا على سؤال عما ما اذا كان «ممنوعا من زيارة دمشق» في حال زيارة رسمية فرنسية، قال كوشنير: «لا اعتقد انه من المرغوب في كثيرا».
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد