سبتة ومليلة المنسيتان منذ 600 سنة

07-11-2007

سبتة ومليلة المنسيتان منذ 600 سنة

فجرت زيارة الملك الأسباني خوان كارلوس إلى مدينتي سبتة ومليلة «السليبتين» عاصفة مغربية، يعتقد البعض أنها قد تدمر الهدوء الذي يسيطر على العلاقات بين الرباط ومدريد، ويعتقد آخرون أن تداعياتها ستظل محدودة.
وإذا كانت المسؤولية الأساسية عن هذا التوتر الذي يتجدد كل فترة، تقع على عاتق الاحتلال الاسباني، فان الزيارة تطرح تساؤلات عما اذا كانت الحكومات المغربية المتعاقبة تتحمل جانباً أساسياً من المسؤولية عن استعمار الأمر الواقع القائم في الجيبين المغربيين. ويحمل النائب المغربي عن حزب العدالة والتنمية المعارض المقرئ الإدريسي أبو زيد الرباط مسؤولية ما يحصل، موضحا أن المغرب «ارتكب أخطاء كثيرة، وسكت عن استفزازات إسبانية سابقة في ملف سبتة ومليلة، أولها محاولة فرض البطاقة المغناطيسية على الداخــلين إلى المدينتين، ثم بعد ذلك فرض التأشيرة ووضع الأســلاك الشـائكة على الحدود الوهمية».
ويرى الصحافي المغربي المقيم في إسبانيا حسين المجدوبي أن المغرب أخطأ عندما وافق على أن يحكم القبضة الأمنية على المهاجرين السريين الذين يعبرون من شماله باتجاه الأراضي الإسبانية، حيث «فوت المغرب فرصة السماح للمهاجرين الأفارقة بالتدفق ليذكروا العالم بأن سبتة وملــيلة مدينـتان أفريقيتان».
وكانت الرباط سكتت في شباط 2006 عن زيارة مماثلة قام بها رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس ثاباتيرو إلى الجيبين «السليبين». وتعيد زيارة الملك الأسباني إلى سبتة ومليلة الأضواء على آخر مستعمرتين أوروبيتين على الأرض الأفريقية، واللتين تعتبران شوكة أسبانية في خاصرة المغرب، في الوقت الذي ترفض فيه مدريد استمرار سلطة الاحتلال البريطاني على منطقة جبل طارق على الأراضي الاسبانية.
وكانت هجمات التسلل الكبيرة للأفارقة في تموز من العام 2005 على سياج سبتة ومليلة، سلطت الأضواء على الحدود البرية الوحيدة بين أفريقيا وأوروبا. ويطالب المغرب بالسيادة على هذين الميناءين اللذين يعتبرهما «حصنين» على البحر الأبيض المتوسط، ويستمدان مواردهما من تجارة مزدهرة مع أفريقيا، إلا أن أسبانيا ترفض هذا الأمر، متذرعة بأنها احتلت المدينتين، اللتين تتمتعان بحكم ذاتي، قبل أكثر من 600 عام، قبل حصول المغرب على استقلاله.
وتمارس اسبانيا احتلالها على جيب سبتة منذ العام ,1580 وعلى مليلة منذ العام ,1496 وقد سيطرت عليهما كمواقع متقدمة بعد استعادة الملوك الكاثوليك الأراضي الأسبانية من مسلمي الأندلس.
وتقع مدينة سبتة، التي تعد 74 ألف نسمة والبالغ مساحتها حوالى 28 كيلومتراً مربعاً، في أقصى شمالي المغرب على البحر الأبيض المتوسط، وقد تعاقب على احتلالها البرتغاليون في العام 1415 يليهم الإسبان في العام .1580
ويبعد الجيب المغربي «السليب» حوالى 50 كيلومتراً عن طنجة شرقاً. ونظراً لكون سبتة تشكل مفتاحاً لمضيق جبل طارق من الجانب الأفريقي فإن 60 في المئة من مساحتها مخصص للمنشآت العسكرية، ويعتمد اقتصادها بصورة أساسية على مرفئها، ومنطقته الحرة.
أما مليلة الواقعة في الشمال الشرقي للمغرب، والبالغ مساحتها 12 كيلومتراً مربعاً، فتحتلها إسبانيا منذ العام .1497 وتبعد 150 كيلومتراً عن حدود الجزائر، وتحوي 75 ألف نسمة متعددي الأعراق، منهم 40 في المئة من المسلمين، والباقي من المسيحيين واليهود، تضاف إليهم عشرات الآلاف من المغاربة الذين يدخلون إليها يوميا من اجل العمل أو المتاجرة.
والمفارقة انه بينما تبعد سبتة 30 كيلومتراً عن الساحل الاسباني، بالقرب من مضيق طارق، تقع مليلة على بعد 500 كيلومتر من الشواطئ الاسبانية.
وتعمل مدريد على جعل معالم المدينتين أكثر انسجاما مع الجو الإسباني، عن طريق الترغيب عبر إغراء الشباب المغاربة من أهالي سبتة ومليلة لحمل الجنسية الإسبانية مقابل الاستفادة من منح التجنس وتسهيلات أخرى كالحصول على عمل والإعفاء من الضرائب التجارية، أو بالترهيب عبر التضييق عليهم ومنع بناء المساجد.
وبحجة وقف التسلل عبر «الحدود» قامت اسبانيا، في بداية العام ,2006 برفع علو السياج المحيط بسبتة ومليلة إلى ستة أمتار، وهو مجهز بأحدث وسائل المراقبة التكنولوجية بتمويل أوروبي إسباني. وكانت وضعت سياجاً مزدوجاً على «الحدود» بين سبتة والمغرب في العام .1998 وتحولت نقطة «الحدود»، المسماة باب سبتة، بين سبتة والمغرب منذ بداية التسعينيات إلى «حدود» جغرافية للاتحاد الأوروبي مع المغرب.
إلا أن المشكلة بين اسبانيا والمغرب لا تنتهي عند احتلال مدريد لهذين الجيبين، بل إن هناك جزر باديس وملوية والغمارين المحتلة منذ العام ,1848 وجزر النكور المحتلة منذ العام .1637 كما أن هناك مشكلة جزيرة ليلى التي تقع على بعد 200 متر من الشاطئ المغربي ويبعد عنها أقرب شاطئ إسباني 14 كلم.

فايز عجوز

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...