ســبع نـساء إيرانيات في سـبع قصـص

17-06-2007

ســبع نـساء إيرانيات في سـبع قصـص

عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (سلسلة إبداعات عالمية)، صدر كتاب (سبع نساء.. سبع قصص)، وقد ضم قصصاً لعدد من الكاتبات الإيرانيات،هن: (فريدة خرمند، مهين دانشور، منصورة شريف زاده، ناهيد طباطبايي، طاهرة علوي، بوران فرخ زاده، وخرزانة كرم بور)، تميزت بجرأة عالية في طرح المواضيع، إذا ما قيست إلى مجتمع محافظ، وشديد في محافظته. ويتضح للقارئ، ذلك القرب الشديد من البيئة العربية، لتبدو القصص وكأنها تسرد الواقع العربي.‏
ومن حيث البنية الفنية، فربما لا شيء يجمع بينها، رغم أنها كتبت جميعها تقريباً في زمن متقارب، وتحديداً في العقد الأخير من القرن المنصرم. واللافت في هذه القصص، هو أن أغلبها يميل إلى السرد الروائي، إذ يحضر (الراوي) بقوة في عدد لا بأس به من القصص، ينقل سرد الأحداث، وكأنه يصور بعدسة الكاميرا، ويبقى حيادياً، في حين تغيب الشخصية الممثلة بضمير (الأنا).‏ ربما يفسر هذا تعدد الشخصيات في القصة، ومن ثم إطالتها، إذ تُروى على عدد من الصفحات، ويغلب عليها أسلوب الوصف الذي يحكي تفاصيل المكان والشخصية.‏رغم السرد الروائي في القصة، لا يصاب المرء بالملل، بل ثمة رشاقة زادتها الترجمة رشاقة، لتمسك بالقارئ حتى النهاية.‏
حاولت القصص الغوص في عالم الشخصيات الداخلي، حتى لتبدو القاصات أشبه بالطبيبات النفسيات، وهن يروين ما اعتمل في نفس كل شخصية.‏ تبدو القصة الرابعة في المجموعة (يجب أن نكون كالصخر) للكاتبة ناهيد طباطبايي، وكأنها خرجت عن السرب بعيداً، في اتخاذها طابع السخرية، وتقترب من كبار أقلام القص الساخر، وهي تتناول واقع المرأة بكل تعقيداته ومراراته، وتغوص في عالم العلاقات المهنية الحافل بالمفارقات.‏
تقول طباطبايي: «بعد سنوات من العمل الإداري ومعايشة حياة النساء الموظفات عن قرب، وضعت في متناول يدي عالماً من الشخصيات والمواضيع، عالماً إذا فتحنا عليه نافذة اكتشفنا زوايا وخبايا جديدة من قضايا وهموم المرأة في البيئة الوظيفية، بحيث تكون العلاقات المهنية والروابط الإنسانية غاية في التعقيد، وتتعامل أحياناً مع بعضها من باب التضاد لتخلق بنفسها حكايات جديدة». وتكون قصة (يجب أن نكون كالصخر) واحدة منها.‏
هذا العالم، تنقله طباطبايي على لسان امرأة تتحدث وتحكي طوال الوقت أمام امرأة أخرى/ مديرتها الجديدة، تشرد لها كيف "طفّشت" كل سابقاتها، ودائماً هي تكسب رغم تواضع شهاداتها، وهي اليتيمة في سن السابعة والثلاثين.‏
في عالم قصصي يقوم على التفاعلات الاجتماعية وتأثيرها في نمو الشخصية النسائية الإيرانية، ترتكز قصة (عشيقة الليل) لفريدة خرومند، وتقوم بنقل التجربة الإنسانية بشكل موجز وبلغة مبسطة، إذ تستنجد فيها بكل كائنات المكان، لتوليف عالم قصصي، وتقول: «إن هذه القصة قد كتبت لأنها كأي قصة أخرى، كان يجب أن تُكتب».‏
لقد أنسنت (خرومند) كل عناصر المكان، ومن ثم نقلتها سرداً: مشهداً مشهداً، لا سيما تحركات المرأة وبحثها عن التفاصيل، حتى الدقيقة منها، تلك المرأة التي ستعتاد تفاصيل المكان ومفرداته، ذلك المكان الذي يبدو أنه لا يخص إلا (الحبيب) الرجل.‏
(عشاء ليلة العيد) للقاصة مهين دانشور، فيها محاكاة درامية، تجسد انتهاء مرحلة زمنية تتزاحم فيها الأحداث، لتزول في بداية عام جديد، وقد لا تزول. في هذه القصة، التي تتميز عن قصص الكتاب، حيث القاصة تروي بلسان راوٍ ذكر، تتزاحم عليه الأحداث في آخر أربعاء في السنة، وهو آخر يوم في السنة حسب التقويم الإيراني. تنتقل الشخصية وكأنها منومة مغناطيسياً، تسرد تفاصيل دقيقة عن الأزقة والأقارب، وتبقى بلا وزن غائمة ومشوشة، وكأنها ترزح تحت كابوس طويل. ولا تتعدى أحداث القصة أكثر من أربع وعشرين ساعة. هنا يبدو الشخص يعيش الحياة دفعة واحدة: ماضيه الذي يحضر وحاضره الضبابي، وحتى مستقبله. شخص لا اسم له طوال هذه الحياة، تارة هو في كل الأمكنة الصاخبة، وتارة أخرى يركن وحيداً في غرفة باردة، تعطل فيها مكيف التدفئة.‏ (كم هو سهل أن يشعر الإنسان بالسعادة) هي مقولة بسيطة تعتمدها منصورة شريف زاده في قصتها (صورة فورية)، وترى الكاتبة أننا غالباً نمثل السعادة، كما تمثل هذه المرأة (فرنكيس) في الصورة التي تلتقطها مع زوجها السابق، المنفصل عنها، لإرسالها لابنتها (مجكان).‏
في قصة تكاد تأخذ طابعاً سوريالياً، تكتب طاهرة علوي قصتها (فقدان شخص متوسط)، وهي قصة مستقاة من الواقع، وتحكي ضياع امرأة في أحلامها المتوسطة. قصة تحوي جانباً من وجودنا بكل ما فيه، وجانباً من عالم الخيال والحلم. هذه المرأة الضائعة في مأساة (الوسط) تنقلب حياتها كل يوم بين الساعة العاشرة والعاشرة والنصف، وتشرع في عملية البحث عن ذاتها. أن تكون متوسطاً في كل شيء، يعني أنك شخص لا لون له ولا رائحة. وإذا اقتضى الأمر أن تكون متوسطاً – تنصح المرأة – فالأفضل ألا تكون أبداً..‏

الكتاب: سبع نساء.. سبع قصص‏

تأليف: سبع قاصات فارسيات‏

ترجمة: سمير أرشدي‏

مراجعة: د. زبيدة أشكناني‏

الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.‏

نوال عمران
المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...