سيناريو الصراع السياسي القادم على المسرح الأمريكي

15-04-2007

سيناريو الصراع السياسي القادم على المسرح الأمريكي

الجمل:     تعتمد مدرسة تحليل النظم في دراسة الصراعات على المقابلة بين منظومة الفرص ومنظومة المخاطر، وهي مقابلة يمكن إسقاطها على الصراع الدائر حاليا داخل أمريكا بين السلطة التشريعية التي يمثلها الكونغرس الأمريكي، من جهة، والسلطة التنفيذية التي يمثلها البيت الأبيض والإدارة الأمريكية من الجهة الأخرى.
أولاً: الوضع الكلي:
- المرحلة الأولى: تميزت الفترة التي سبقت السابع من تشرين الثاني عام 2006 بسيطرة الجمهوريين على كامل الكيان السلطوي الأمريكي.. وذلك على النحو الذي ساعدهم بتنفيذ برنامجهم السياسي الداخلي والخارجي بالكامل.
- المرحلة الثانية: تميزت الفترة التي أعقبت السابع من تشرين الثاني 2006 بانقسام الكيان السلطوي الأمريكي بين سلطة تشريعية يسيطر عليها الديموقراطيون، وسلطة تنفيذية يسيطر عليها الجمهوريون.
الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية ارتبط  بكثير من التفاعلات التي حدثت داخل وخارج أمريكا... وفي الماضي كانت العوامل الداخلية الأمريكية البحتة مثل، الضرائب، والضمان الاجتماعي الأكثر تأثيراً على نتائج الصراع السياسي، ولكن في هذه المرة كانت الغلبة للعوامل الخارجية، والتي تمثلت في قوة تأثير أجندة السياسة الخارجية التدخلية الأمريكية.. وهو تأثير ما كان ليحدث لو لم يؤثر بشدة على الأوضاع داخل أمريكا... الأمر الذي دفع الرأي العالم الأمريكي إلى تفعيل خيار الانسحاب والتخلي عن الأجندة التدخلية بما يؤدي لحماية مصالحه الداخلية والخارجية المرتبطة بها.
ثانياً: مدخلات الوضع الحالي
يتميز الوضع الأمريكي الراهن بالانقسام الواضح، ويمكن أن نوضح ذلك على ضوء المعطيات الآتية:
- الفاعلين:
-  قمة الهرم السلطوي:
- الرئيس الأمريكي جورج بوش، ونائبه ديك تشيني.
- رئيسة مجلس النواب الأمريكي النائبة نانسي بيلوزي والسيناتور هاري ريد رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي.
- وسط الهرم السلطوي:
- جماعة المحافظين الجدد التي تسيطر على أجهزة الإدارة الأمريكية والنواب الجمهوريين الذين يمثلون الأقلية في السلطة التشريعية، وصقور الإدارة الأمريكية وحلفائهم.
- الديمقراطيين، وحلفاءهم من المحافظين التقليديين من الجمهوريين المعارضين لقيادة الحزب الجمهوري الحالية.
- قاعدة الهرم: الرأي العام الأمريكي.
- موضوعات الصراع:
- أجندة السياسة الداخلية.
- أجندة السياسة الخارجية.
- ثالثاً: إدارة الصراع
- تحاول الأطراف المتصارعة في أمريكا ضبط عملية تشغيل الصراع الدائر حاليا عن طريق السيطرة على مدخلات الصراع بما يؤدي إلى مخرجات وتغذية عكسية تخدم أجندة كل طرف.
- معسكر بوش والجمهوريين ويعملون من أجل التأكيد على صحة ومصداقية مسار السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة السابقة باعتباره السبيل الأمثل لتأمين قوة تفوق وسيطرة أمريكا ويستخدمون ماكينة إعلامية ضخمة تعمل بلا كلل من أجل التأكيد على مصداقية توجهات إدارة بوش إزاء الحرب ضد الإرهاب، واحتلال العراق وتعزيز أمن أمريكا عن طريق التدخل السافر من أجل حماية المصالح الأمريكية الحيوية في الخارج عن طريق استدامة استراتيجية مبدأ بوش القائم على أساس الضربة الاستباقية.
- معسكر الديموقراطيين ويعملون على نفي مصداقية مسار السياسة الخارجية التدخلية لإدارة بوش، والتأكيد على أهمية إعطاء الأولوية لمصالح أمريكا الداخلية باعتبارها المفتاح الرئيسي الذي يعزز قدرة أمريكا في حماية مصالحها الخارجية وبرغم عدم سيطرتهم النافذة على وسائل الإعلام، إلا أنهم نجحوا في استخدام الهامش الإعلامي المتاح أمامهم في زلزلة الأرض تحت أقدام معسكر بوش وحلفائه، وعلى سبيل المثال نجحوا في تفجير سلسلة من الفضائح السياسية (المعلقة بالتجسس)، والمالية (المتعلقة بالرشاوى والعمولات والتعاقدات غير النظامية) والأخلاقية (المتعلقة بسلوك كبار زعماء الجمهوريين من أعضاء الكونغرس السابق)، كذلك استطاعوا كشف الحقائق المزيفة والمزورة حول حرب العراق والحرب ضد الإرهاب.. وذلك على النحو الذي كسر احتكار البيت الأبيض والإدارة الأمريكية للمعلومات.
رابعاً: الأفاق المستقبلية:
تحليل الآفاق المستقبلية يعتمد على تحليل سيناريو الصراع السياسي القادم على المسرح السياسي الأمريكي، وإذا كانت عملية تحليل السيناريو على أساس اعتبارات القيد الزمني تقول بالمدى القصير، والوسيط، والطويل، فإن تحليل سيناريو الصراع الأمريكي هو نوع من التحليل على المدى القصير، وذلك لأن فترة ولاية بوش لم يتبقى منها سوى عام واحد.
تحليل سيناريو الصراع السياسي الأمريكي القصير المدى على أساس اعتبارات الفرص والمخاطر:
• معسكر بوش والجمهوريون يراهنون على المزايا الإيجابية التي يمكن أن تحصل عليها أمريكا من استغلال (فرص) التدخل الخارجي، بافتراض أنها فرص لا تترتب عليها (مخاطر) داخلية..
• معسكر الديمقراطيين وحلفائهم يراهنون على المزايا الإيجابية التي يمكن أن تحصل عليها أمريكا من استغلال (فرص) الداخل بافتراض أنها فرص لا تترتب عليها (مخاطر) خارجية.
• الرأي العام الأمريكي كان في فترة عشية الانتخاب لولاية بوش الثانية أكثر اقتناعاً بضرورة استغلال (فرص) التدخل الخارجي طالما أنه لا تترتب عليها (مخاطر) خارجية.. ومن ثم كانت النتيجة دعم الرأي العام الأمريكي لمعسكر بوش وفوز الجمهوريين بالرئاسة والكونغرس، ولكن تجربة حرب العراق عدلت الرأي العام الأمريكي.. وأصبح أكثر تأييداً لرهان الديمقراطيين القائل بضرورة استغلال (فرص) الداخل طالما أنه لا تترتب عليها (مخاطر) خارجية.
وعموماً  فقد كسب رهان معسكر الديمقراطيين نصف المعركة، عندما فاز المرشحون الديمقراطيون بأغلبية مقاعد الكونغرس الأمريكي وخسر الجمهوريون، والآن تبقى نصف المعركة الآخر، والذي سوف يتجلى بانتخابات الرئاسة الأمريكية في العام القادم.
فهل يا ترى يستطيع رهان معسكر الديمقراطيين التقدم أكثر فأكثر، أم أن الرأي العام الأمريكي سوف يقع في مصيدة جماعة المحافظين الجدد وماكيناتهم الإعلامية تعظم من شأن السياسيات الخارجية التدخلية، باعتبارها إجراءاً وقائياً ضرورياً لحماية أمن وتفوق أمريكا.
حتى الآن تقول المعطيات بأن معسكر الديمقراطيين في اتساع، ومعسكر الجمهوريين في تضاؤل، وبرغم ذلك فإن الأمر لا يخلو من (خطر) لكل من المعسكرين طالما أن السياسة هي فن الممكن.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...