شبح التلوث النفطي يهدد مياه ومراعي محافظة دير الزور

08-03-2007

شبح التلوث النفطي يهدد مياه ومراعي محافظة دير الزور

من الواضح أن الشركات النفطية العاملة في محافظة دير الزور لم تعر أي اهتمام للبيئة بدليل زيادة المشكلات التي تتسبب بها في تلويث المحافظة وذلك خلال الأعمال التي تقوم بها

سواء فيما يتعلق بعمليات حفر الآبار النفطية أو آليات استثمارها حيث تقوم تلك الشركات بإلقاء نواتج الحفر بشكل عشوائي في مواقع العمل دون أن تتم معالجتها بالطرق العلمية المتبعة في جميع بلدان العالم وغالبا ما تكون هذه النواتج مواد نفطية, وبالرغم من كثرة الشكاوى حول المخاطر المحتملة من جراء هذه الأعمال إلا أن الشركات لم تبال بما يترتب عليها من واجبات لمعالجة المشكلات التي تحدث عنها ولم تلتزم بتطبيق شروط السلامة وفقا للقانون رقم 50 لعام ..2002‏

والغريب في الأمر أن مخاطر نواتج حفر الآبار النفطية أضحت ملازمة للإنسان والنبات والحيوان على حد سواء وخاصة عندما تترك في العراء على حالها ولا تجد من يكترث بعواقبها, وما حصل في قرية الخريطة عندما فقد احد الرعاة عددا من أغنامه التي نفقت نتيجة رعيها في موقع حفر بئر نفطية لم تتم فيه معالجة مخلفاته, وما حصل أيضا مع عدد من الفلاحين في منطقة البصيرة عندما تسببت مخلفات آبار النفط في موت مزروعاتهم وإلحاقهم بأضرار مادية كبيرة, يعتبر ذلك دليلا قاطعا على عدم جدية الشركات النفطية الالتزام بتطبيق شروط السلامة البيئية وعدم اكتراثها بحياة الإنسان أولا ومن ثم البيئة ثانيا والأكثر من هذا أن وزارة النفط على دراية تامة بالخروقات التي تقوم بها تلك الشركات ولكن بكل أسف صماء -بكماء -عمياء, وكأن الأمر لا يعنيها من قريب ولامن بعيد..‏

ولربما يتساءل احد ما, أين هي مديرية شؤون البيئة من هذا الواقع?! وهل أخذت دورها الحقيقي إزاء المشكلات الناجمة عن التلوث النفطي أم أغمضت عينيها وغضت البصر عما يحيط ويلف بالمحافظة من مخاطر بيئية مثلها مثل باقي الجهات الأخرى?!!‏

للحقيقة نقولها انه رغم المعوقات والصعوبات التي تواجه عمل مديرية شؤون البيئة والمتمثلة بضعف الإمكانيات سواء المتعلقة بالتجهيزات الفنية أو الخاصة بوسائل النقل والخدمة التي تفتقرها المديرية كليا, فهي تقوم بأعمال المراقبة والكشف والتحري في كل ما يخص التلوث البيئي وتعمل على إعلام الجهات المختصة بالنتائج التي تتوصل إليها مع الحلول والمقترحات, ونتيجة تزايد حدة المشكلات الناجمة عن المنشآت والشركات النفطية وأضرارها المتفاقمة على البيئة والانسان فقد قامت بجولات تحر متعددة شملت عددا من المنشآت والشركات النفطية العاملة في المحافظة واعدت تقارير رسمية عن النتائج التي توصلت إليها وقد بينت التقارير أن هناك بؤر تلوث نفطي في عدد من مناطق عمل الشركات لم تتم معالجتها وتحدق بمخاطر كبيرة جدا..‏

وبين التقرير نتائج عمليات تحر لعناصر مديرية شؤون البيئة في احد مواقع عمل الشركات النفطية وذلك نتيجة شكوى تقدم بها بعض المواطنين حول وجود مشكلات بيئية بالقرب من حقل نفطي يتبع للشركة السورية للنفط يقع ضمن نطاق قرية الخريطة باتجاه البادية, ويوضح التقرير بأنه تمت ملاحظة وجود كميات كبيرة من المواد النفطية الناتجة الواضحة عن عمليات حفر بئر نفطية لم تقم الشركة بمعالجتها بالطرق الفنية وهي مواد خطرة جدا على البيئة وتنتشر في منطقة رعوية وكان هناك عدد من الرعاة بالقرب من الموقع يرعون قطعانهم, كما لوحظ أن الأنبوب الموجود لنقل النواتج النفطية يصب باتجاه الأراضي مباشرة بعيدا عن الحفرة المعدة لتجميع هذه المواد بمسافة تقدر بأكثر من ثلاثة أمتار , علما أن الحفرة المذكورة غير معدة بالطرق الفنية الصحيحة, وتمت أيضا ملاحظة وجود كمية من الأكياس التي تحتوي على مواد كيميائية ملقاة ضمن أراضي البادية القريبة من موقع عمل الشركة بشكل عشوائي دون أدنى الاجراءات الوقائية..‏

ويشير التقرير إلى أن هذه الملوثات من الممكن أن تؤدي أيضا إلى تلويث المياه الجوفية واحتمال انتقال تلك الملوثات الى المياه السطحية وذلك بواسطة السيول التي تتسبب بها الأمطار..‏

وبناء عليه فقد وضعت مديرية البيئة الجهات الرسمية بصورة هذا الواقع عن طريق مذكرة رسمية طلبت بموجبها مخاطبة الشركات النفطية للإسراع في معالجة المشكلات البيئية التي تسببت بها وذلك قبل استفحال مخاطرها على الإنسان وباقي الكائنات الأخرى وضرورة إجراء المراجعة البيئية للمنشآت النفطية القائمة ودراسة تقييم الأثر البيئي لأي مشروع مستقبلي قبل البدء بتنفيذه..‏

وبدورنا حاولنا جاهدين مواجهة بعض الشركات النفطية العاملة في المحافظة بالوقائع المثارة ومسؤوليتها إزاء المشكلات البيئية الحاصلة للتعرف على الأسباب والمبررات إلا أننا لم نفلح بذلك لآن البعض منها اعتذر عن التوضيح لأي استفسار يتعلق بالمشكلة والبعض الآخر عزا عدم الإجابة الى أنهم غير مخولين بإعطاء تصريحات أو الإدلاء بمعلومات تخص النفط دون الحصول على إذن مسبق من إداراتهم المركزية..‏

ولأننا لم نصل إلى غايتنا التي كنا ننشدها, ولكون الواقع ينذر بمخاطر محدقة جدا في كل ما يتعلق أو يرتبط بالبيئة نحيل هذه الوقائع إلى الجهات الحكومية وأصحاب القرار لإيجاد حلول فورية تبطل مفعول هذه الملوثات النفطية التي هي عبارة عن قنابل موقوتة تقض مضاجع أبناء المحافظة..‏

عبد اللطيف الصالح

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...