عودة أرسين لوبان
لا بدّ من أن يثير الخـبر الذي نــشرته صحيفة «لو فيغارو» الفرنســية، الكثير من التعليقات كــما الكــثير من ردود الفعل وبخاصة عند محبي «البطل الأسطوري أرسين لوبان» (أو كما يقال بالعربية أرسين لوبين). إذ أشارت الصحيفة إلى أن منشورات «بالان» نشرت أمس الثلاثاء، المغـامرة الأخيرة من مغامرات «السارق الجنتلمان»، بعنوان «حــب أرسـين لوبان الأخير»، عن «مخطوط كان ينام في خزانة من عقود طويلة».
وفي التفاصيل، لا بدّ من أن يشكل الأمر سابقة حقيقية، إذ ما من مرّة، منذ رحيل موريس لوبلان (مؤلف السلسلة) العام 1941 (كان في السابعة والسبعين من عمره) سمع أحد عن مخطوط غير منشور، وجد أو سينشر من سلسلة المغامرات هذه، التي تربت عليها أجيال لا تحصى. ولأن هناك دائما مرة أولى في كلّ شيء، جاء الخبر من منشورات «بالان» التي، وبالاتفاق مع فلورانس لوبلان حفيدة الكاتب، أعلنت أنها أصدرت يوم الثلاثاء 22 الحالي المغامرة الأخيرة من مغامراته العديدة. مجرد الخبر، لا بدّ من أن يثير الكثير من التعليقات والانتظار لا في فرنسا فقط، بل في العالم بأسره.
حول هذه المخطوط، تساءلت الصحيفة الفرنسية عن كيفية فهمنا لهذا الأمر، أي تسـاءلت كيف بقي المخــطوط الذي كتب ما بين 1936 و1937 خبيئا لكلّ هذه العقود؟ في التفاصــيل: بعد موت والدتها دنيز (العام 1999) ووالدها كلود (العام 1994) أفرغت فلورانس لوبلان شــقة والديــها في باريس. ومن ضمن الأغراض التي احتفظت بها أوراق جدها الشـخصية، تقول: «وضعت ملفاته في شقــتي، ولم أفكر فيها مطــلقا بعد ذلك. كـنت أعـرف أن هناك كـتابات ـلم ينــشرها جــدي ومن ضمنها مغامرة لأرسين لوبان كنت قرأتها، إلا أنني لم أفكر في أنها قابلة للنشر».
في الربيع الماضي، وبينما كان العالم يستعيد الذكرى السبعين لوفاة موريس لوبلان، وبينما كان الجميع ينتـظرون دخول أعماله «النطاق العــام» (أي تصـبح حقوق كتـبه ملكا للجمــيع بدءا من 31 كانون الأول 2011)، حدث أن قام جان ـ كلود كاوسيويتش (صاحب دار نشر بالان)، الذي كان سمع بوجود مخطوط منسي، نجح في إقناع الوريثة بنشرها بعد كل هذه السنين. وتمّ الاتفاق أيضا على إعادة نشر «المغامرات الخارقة لأرسين لوبان» بطباعة جميلة كما بنسختها الأصلية.
سيرة هذا المخطوط الشهير، سمع بها للمرة الأولى العام 1980 عدد قليل من الأشخاص، إذ في تلك الفترة كان جاك دروار (أحد أكبر الاختصاصيين في أرسين لوبان) يجري بعض الأحاديث مع كلود (ابن الكاتب) من أجل كتابة سيرة أبيه. لذلك، وكما يقول للصحيفة: «لم أقرأ فقط المخطوط الذي نشر بالأمس، بل قرأت أيضا العديد من المسرحيات والقصائد كما رواية تاريخية بعنوان «حرب الألف عام» (وهي كلها غير منشورة) ويشير الباحث أيضا إلى أن هناك مغامرة أخرى من مغامرات أرسين لوبان، لم ينه كتابتها، بعنوان «أربع بنات وثلاثة صبيان»، لكنه لم يكن يرغب في نـشر أي واحـدة منها إذ كان يعتبر، والكلام لدروار أن هذه الكتب لا تملك قيمة كتبه الماضية.
ومع ذلك، وبالرغم من أن دروار الذي قرأ المخطوطات بأسرها والذي يعتبر أنها غير ذات قيمة أدبية إلا أنه يعترف بضرورة نشرها كلها إذ تشكل قيمة تاريخية، ومن المفيد أن يتعرف عليها الجميع. هل يحدث ذلك؟ ربما كانت البداية مع «حب أرسين لوبان الأخير».
(عن «لوفيغارو»)
إسكندر حبش- السفير
إضافة تعليق جديد