فلل سكنية مخالفة في حلب!!

21-07-2008

فلل سكنية مخالفة في حلب!!

صوّبت لجنة الهدم المركزية المشكلة بقرار محافظ حلب الدكتور تامر الحجة في باكورة أعمالها جرافاتها صباح أمس جهة فيلات سكنية تقدر قيمتها بالملايين في منطقة تابعة إدارياً لبلدة حريتان، 7كم شمال حلب، التي دخلت المخطط التنظيمي لمدينة حلب كمنطقة توسع في انتظار أن يفرج مدينة حلب عن مخططاتها التفصيلية، ولتتداعى أركان ثماني فيلات سكنية مشيدة حديثاً دون ترخيص. 
 العملية كشفت عن قضايا فساد يمكن أن تتدحرج كرته لتحيق برموزه الذين تعجز أصابع اليدين والقدمين عن الدلالة على أعدادهم، ووقعت الفأس في رأس رئيس مجلس بلدة حريتان وأحد المهندسين المتهمين بالتقصير عن أداء واجباتهم الوظيفية بمنع بتشييد أي مخالفة بناء في وحدتهم الإدارية ليزج بكليهما في السجن بعد أن لم ينفذا توجيهات المحافظ الذي أوعز قبل نحو أسبوعين بهدم هذه المخالفات لكن «معاول» هذين بدت رخوة ولم تطل سوى شرفات وأعمال هدم جزئية. واستجاب هلال الأطرش وزير الإدارة المحلية والبيئة أمس لاقتراح محافظ حلب بإعفاء رئيس البلدية من مهامه، على اعتبار ذلك من اختصاص الوزارة، ليشكل سابقة بسرعة اتخاذ قرار كهذا يصب في خانة القرار رقم 1 لعام 2003 الخاص بمخالفات البناء. ورفعت عملية الهدم وقرار وزير الإدارة المحلية والبيئة رؤساء الوحدات الإدارية إلى أعلى «سحارة» المخالفات بعد توقيف أحد زملائهم الذي بدا أنه شكك فيما مضى بجدية محافظ حلب بتنفيذ وعيده الذي قطعه على الملأ بتوقيف كل من يثبت تورطه في التعديات على القانون وفي مقدمتهم رؤساء الوحدات الإدارية التي تنجز المخالفات ضمن ملاكها.
وضربت البادرة الأولى من نوعها عصافير عديدة بحجر واحد، فهي لقنت رؤساء البلديات درساً في عدم التهاون بمهامهم الوظيفية وجعلت الذين تسول لهم نفسهم التورط بملفات فساد «يعدّون» للمليون قبل تقاضي رشاوى للتغاضي عن المخالفات، كما أنها وجهت ضربة قاصمة للمضاربين في السوق العقارية الذين يبيعون الأراضي المعدة للبناء والفلل السكنية في مناطق التوسع غير المسموح فيها البناء بحيث انخفضت أسعار الأراضي مباشرة بعد تنفيذ الوعيد بهدم الفيلات المخالفة والمشيدة حديثاً وخصوصاً بعد صدور القانون رقم 1.
ومن العصافير أيضاً إعلاء هيبة السلطة المركزية والحد من الوساطات المتجاوزة على القوانين والأنظمة المرعية وتنشيط همة لجنة الهدم المركزية التي اعتقد أفرادها أن عملهم سيقتصر على الأعمال الإدارية وعلى هدم أجزاء من أبنية غير مكلف تشييدها، وهي في الأساس من مهام البلديات التي تعج بالمخالفات دون حسيب أو رقيب تعميه النظارات الشمسية عن تميز الصالح من الطالح.

- ومن شأن القصة، التي روّجت خلويات الحلبيين لها فور الشروع بها، أن تترك الكثير من التداعيات وتطرح الكثير من الأسئلة والاتهامات الموجهة إلى مجلس مدينة حلب المسؤول عن إنجاز المخطط التنظيمي التفصيلي لمناطق التوسع والمخالفات البالغ عددها 24 منطقة.
ونفى محمد رامحمداني، منسق شؤون البلديات في مجلس مدينة حلب، لـ«الوطن» تهمة التقصير التي ألحقها بعضهم بمجلس المدينة المسؤول عن الإسراع بإصدار مخطط هذه المناطق التي ألحقت بمجلسه «صورياً» وحلّقت بأسعار أراضيها عالياً في مضاربات أذكت من حدتها مجالس البلدان المتغاضية عن تجاوزات البناء.
يقول رامحمداني: «الكادر الموجود في مجلس المدينة بالكاد يكفي لإنجاز أعمال المدينة التي تضم 24 منطقة مخالفات بالمناطق المحيطة بالمدينة مسؤولة بلدياتها عن مخالفات البناء فيها، أما التأخير في استلام البلديات للمخططات التفصيلية فليس مقصوداً وهي قيد الدراسة وبعضها سينجز في نهاية العام الجاري مثل هذه المنطقة التي جرى فيها الهدم (تدعى مزارع الملاح، كنية رئيس غرفة تجارة حلب الذي يعد أول من تشيد فيلات سكنية فيها عمرها 10 سنوات بغرض الاتجار بها) وبعد ذلك يبدأ مجلس المدينة بإجراءات المرسوم رقم 5 الخاص بتصديق المخططات».
وعلى أرض الواقع شهدت المناطق المحيطة بحلب، بعد صدور قرارات بضمها ضمن حرم المخطط التنظيمي التفصيلي، حركة عمرانية كبيرة وزّعت الأبنية الطابقية والفلل السكنية على محيط مدينة حلب التي فرّ أثرياؤها من قيظ الصيف وصخب المدينة إلى هذه المناطق المشجرة والأقل كثافة بالسكان، الأمر الذي رفع من سعر العقارات في ظل عدم السماح بالبناء دون تراخيص لم تعط مجالس البلدان، التي ألحقت بعض أراضيها التابعة لها إدارياً بالمخطط الجديد، حق إصدارها. إحدى النسوة التي أخرجت من فيلتها المشيدة حديثاً مع أطفالها الصغار للمباشرة بأعمال الهدم صرخت بأعلى صوتها: «قبضوا منا ثمن السماح ببناء الفيلا فلماذا تهدمونها»، في إشارة إلى رشاوى قبضت لإتمام «صفقة» بناء طابقين وعدم الإبلاغ عن التجاوز أو هدمه بشكل كلي.
والسؤال المطروح: هل تتدحرج كرة الكشف عن فساد قطاع المخالفات إلى مناطق أخرى محيطة بحلب ولها الوضع ذاته أم ستقتصر العملية على المنطقة هذه، وهل سيقاد متورطون جدد في هذا الملف من رؤساء الوحدات الإدارية إلى وراء القضبان بعد تشديد القبضة على تجار المخالفات، وهل من جدوى لزيارات جديدة لوزير الإدارة المحلية والبيئة الذي قصد حلب مراراً بهدف مناقشة مسؤوليها بمخططاتهم التنظيمية التفصيلية لشحذ هممهم بهدف إنجازها بالسرعة المطلوبة التي تحول دون بناء مخالفات جديدة بعدما أعلن مراراً بأن هذه المخططات شبه جاهزة وعلى وشك الإعلان عنها؟!.

خالد زنكلو

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...