قمة العشرين: قادة منطقة اليورو أحبطوا محاولات للتدخل في أزمتها
اعتبر المشاركون في قمة مجموعة العشرين في لوس كابوس، أن دول منطقة اليورو، التي يتهمها بقية العالم بالمساهمة في الركود الاقتصادي، نجحت في مقاومة الضغوط خلال هذه القمة. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في لقاء مع الصحافيين بعد القمة، أن القادة الأوروبيين «بناء على ما سمعت منهم واعون للتحديات، ويدركون سبب أهمية اتخاذ إجراءات طموحة وحازمة». وأكد «قدرتهم على النجاح في هذا الاختبار». وذهب نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى أبعد من ذلك، إذ عبّر عن حماسته «لمقاربة المفوضية الأوروبية التي قل ما نتفق معها ومع أهم دول منطقة اليورو حول الطريقة التي تنوي بها حل المشاكل التي تواجهها».
وتتبع قمةَ العشرين، قمةٌ أوروبية في 28 و29 من الجاري في بروكسيل، تسبقها قمة مصغّرة تجمع قادة الاقتصادات الأربعة الكبرى في منطقة اليورو (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا) غداً في روما، سعياً إلى تقريب مواقفهم قبل القمة الأوروبية المقررة، لتسوية أزمة باتت تهدد مدريد وروما مباشرة. وأوضح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن هذه القمة المصغرة «ستشكل مناسبة للتوصل إلى عدد من نقاط التوافق» والبحث عن «تسوية» قبل قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسيل. ويلتقي وزراء مال منطقة اليورو في لوكسمبورغ للتحضير للقمة المصغرة. ورأى رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، أن على الاتحاد الأوروبي «تحديد ورقة طريق واضحة، لزيادة صدقية اليورو وتحقيق مزيد من النمو».
وبادر هولاند إلى رفع «ورقة طريق» خاصة به إلى بروكسيل تحقيقاً لوعوده بتحريك النمو في أوروبا. ويقترح في هذه الخطة رصد 120 بليون يورو من خلال تعزيز إمكانات بنك الاستثمار الأوروبي ومنح قروض مشتركة بين دول أوروبية لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى على صعيد القارة، واستغلال الصناديق الأوروبية غير المستخدمة.
مجموعة اليورو
وكان قادة دول مجموعة اليورو الأعضاء في مجموعة العشرين، وفي مواجهة «التوتر الجديد في الأسواق»، أكدوا استعدادهم لاتخاذ «كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على وحدة منطقتهم واستقرارها». وضمّنت المجموعة البيان الختامي لقمة المكسيك، وخلافاً للقمة السابقة في مدينة كان جنوب فرنسا، لائحة بالإجراءات التي تُخرج أوروبا من الأزمة. وأعلنت «استعادة مشروع الاتحاد المصرفي، بهدف تعزيز الاندماج المالي والاقتصادي الضروري لخفض تكاليف القروض العامة، وكان الأوروبيون ينوون من خلال هذا المشروع تهدئة الأسواق».
ولفت مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، إلى أن بيان مجموعة العشرين، أشار إلى «بعض الاتجاهات الرامية إلى مزيد من التقدم»، مشدداً على أن «القرارات التي تخص أوروبا يجب اتخاذها في أوروبا». وأكد هولاند، ضرورة أن «يكون لأوروبا ردّها الخاص، ولا يجوز إعطاؤنا (تعليمات) من الخارج». وأثارت هذه الضغوط انزعاج رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، في رد حازم على صحافي كندي خلال مؤتمر صحافي، كان سأله عن صدقية الأوروبيين، قائلاً «بصراحة لسنا هنا لتلقي دروس في الديموقراطية أو طريقة إدارة الاقتصاد».
وربما كان مونتي، من أفضل مَن لخّصوا الشعور الأوروبي، معتبراً أن «كل هذه المناقشة في مجموعة العشرين حول الأوروبيين، تشكل تقدماً لأنها تسمح لكل منا على غرار ما يفعل جهاز تحديد المواقع بالأقمار الاصطناعية، أن يحدد موقفه باستمرار، وأن نرى كيف ينظرون إلينا نحن ومشاكلنا في بقية أوروبا والعالم».
مواقف
وفي مواقف قادة المجموعة بعد اختتام أعمالها، نوّه أوباما بـ «إجراءات مكافحة أزمة المال التي اتخذتها أوروبا وعملها الدؤوب لحلّ مشكلة الديون السيادية لدول كثيرة فيها». ولفت في مؤتمر صحافي إلى «الحس العالي» بالطابع الملح للأزمة لدى القادة الأوروبيين الذين التقاهم، مؤكداً أنهم «يتقدمون في الاتجاه الصحيح عبر بلورة منظومة مالية أكثر تكاملاً».
وكرّر هولاند، تأكيده وضع ضريبة على المعاملات المالية، معلناً «دخولها حيز التنفيذ عام 2013». وقال في مؤتمر صحافي، «لم يعد يمكننا التحدث عن هذه الضريبة فقط، بل علينا تطبيقها مع بعض البلدان». ولفت إلى أن فرنسا وألمانيا «متفقتان لذا، يمكننا تطبيقها سريعاً». وأوضح أن عناصر هذه الضريبة «ستكون واسعة»، مشيراً إلى أن معدلها «ستحدده الدول المعنية». واعتبر أن «البحث عن الإجماع على هذه الضريبة مستحيل، في حال أردنا المضي في هذا الموضوع».
وأشار هولاند، إلى أن إيطاليا «اقترحت استخدام صندوق الإنقاذ المالي الدائم الجديد لمنطقة اليورو، لشراء السندات السيادية للدول الأعضاء المثقلة بتكاليف اقتراض مرتفعة»، معتبراً أنها «فكرة تستحق الدراسة». ولفت إلى أن الموضوع «سيناقش في اجتماع في روما غداً»، يجمعه مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي ومونتي.
فرنسا وبريطانيا
ورد هولاند على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الذي انتقد مشروعه لزيادة الضرائب على المكلفين الأكثر ثراء في فرنسا، قائلاً «فليكن كل شخص مسؤولاً عما يقوله».
وكان كامرون أبدى استعداده للترحيب بالشركات التي تتهرب من الضرائب في فرنسا، مستهدفاً بذلك مشروع هولاند لزيادة الضرائب على المكلفين الأكثر ثراء. وقال: «عندما ستفرض فرنسا اقتطاع نسبة 75 في المئة على القسم الأعلى من ضريبة الدخل، سنستقبل مزيداً من الشركات الفرنسية التي ستدفع ضرائبها في المملكة المتحدة».
وأعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، أن قادة مجموعة العشرين «قلقون» على أوروبا، لكن يثقون فيها «كي تخرج من الأزمة». وأقرّت بـ «غرس بذور النهوض الأوروبي في قمة لوس باكوس»، مشيرة إلى أن القادة الأوروبيين «التزموا اتخاذ الإجراءات الضرورية لإنقاذ وحدة منطقة اليورو واستقرارها، وكسر الحلقة المفرغة بين مشاكل الدول والمصارف».
بيان قمة لوس كابوس
في ما يلي النقاط الرئيسة للبيان الختامي لقمة رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين التي عقدت الإثنين والثلثاء في لوس كابوس بالمكسيك:
> ازمة الديون في منطقة اليورو: «ازاء عودة التوتر الى الاسواق، ستتخذ دول منطقة اليورو الاعضاء في مجموعة العشرين كل الاجراءات اللازمة للحفاظ على وحدة المنطقة واستقرارها وتحسين اداء الاسواق المالية والخروج من الحلقة المفرغة بين الدول والمصارف. ونترقب باهتمام رؤية منطقة اليورو تتعاون مع الحكومة اليونانية المقبلة لضمان بقاء (اليونان) على خط الإصلاحات داخل منطقة اليورو.
ونرحب بالخطوات المهمة التي اتخذتها منطقة اليورو منذ القمة الاخيرة (في مدينة كان الفرنسية في تشرين الثاني/ نوفمبر) لضمان الاستقرار المالي وتعزيز ضبط الموازنات، والتي تعتبر مساهمة في اطار مجموعة العشرين من اجل نمو مستديم ومتوازن. وفي هذا الاطار، نحن نرحب بالخطة الإسبانية لإعادة رسملة النظام المصرفي وإعلان مجموعة اليورو دعم هيئة اعادة الهيكلة المالية في اسبانيا.
ويشكل تبني معاهدة موازنة والعمل على تطبيقها بشكل تدريجي بالتوازي مع سياسات دعم النمو والاصلاحات البنيوية واجراءات الاستقرار المالي، مراحل مهمة من اجل التكامل المالي والاقتصادي مما يخفض كلفة القروض. وندعم بالكامل اجراءات منطقة اليورو من اجل التقدم على طريق الاتحاد الاقتصادي والنقدي. وعليه، فإننا ندعم خطوات ملموسة من اجل بنية مالية اكثر تكاملاً تتضمن إشرافاً من قبل المصارف واعادة رسملة وآلية لحل الافلاس وضمانات على الايداع».
> النمو: «ستتخذ الدول الاعضاء في مجموعة العشرين كل الاجراءات اللازمة من اجل تعزيز النمو الدولي واعادة الثقة. وفي حال تدهور الظروف الاقتصادية في شكل كبير، فان الدول التي لديها هوامش مناورة مالية مستعدة للتنسيق واتخاذ الاجراءات الضرورية لدعم الطلب الداخلي. ونرحب بالتقدم الذي تم تحقيقه من قبل الدول التي لديها فائض كبير في الحسابات الجارية من اجل زيادة الطلب الداخلي، وبالاجراءات التي اتخذتها الدول التي تعاني من عجز كبير في الحسابات الجارية من اجل زيادة التوفير».
> التجارة الدولية: «نلتزم بفتح المبادلات والاستثمارات وتوسيع الاسواق ومحاربة الحمائية في كل اشكالها، مما يشكل شروطاً من اجل انتعاش اقتصادي دائم وايجاد وظائف والتنمية.
ونحن نعبر عن قلقنا ازاء الأخطار المتزايدة الناتجة عن الحمائية في العالم».
> صندوق النقد الدولي: «نقر بأهمية شبكات الامان الدولية والمحلية ونرحب بالالتزامات لزيادة الموارد الموضوعة بتصرف صندوق النقد الدولي. وهذا نتيجة جهد كبير من التعاون الدولي شمل عدداً كبيراً من الدول. وتتجاوز قيمة هذه الالتزامات 450 بليون دولار».
> المصارف: «نعزز الثقة في مصارفنا وسنبقي على اندفاع الاصلاحات في القطاع المالي والتي تعتبر ضرورية لحماية انظمتنا المالية على المدى المتوسط، وفي الوقت ذاته اتخاذ الاجراءات المحددة لحماية القروض والانظمة الدولية للتسديد والتعويض، فالمصارف السليمة والتي لديها قدرة على الاقراض، تعتبر اساسية من اجل انتعاش الاقتصاد في العالم».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد