قنّاص أردى أسامة إسبر
دمشق مدينة الفزع يحكمها حزام ناسف أبطاله قناصون احترفوا صناعة الموت. قبل أشهر في منطقة القدم المتاخمة لحي الميدان الشهير، كُتب على الدراما السوريا أن تزف أحد أعظم شهدائها وهو الراحل ياسين بقوش(الأخبار26و25/2/2013). وأمس في المكان نفسه مع اختلاف بسيط في التوقيت والطريقة، سقط شهيد جديد لهذه الدراما هو مدير الإضاءة السوري أسامة قاسم اسبر. والراحل ليس نجماً مشهوراً لكنه واحد من الجنود المجهولين الذي حملوا على أكتافهم عاتق الصناعة السورية الأكثر شهرة. طلب للخدمة الاحتياطية في الجيش السوري منذ حوالي ثلاثة شهور، فلبى النداء . وفي الطريق الواصلة بين حي القدم وحي نهر عيشة، تلقفته رصاصة قناص عمياء فأردته قتيلاً. هكذا، سينقل جثمانه اليوم في تمام الساعة 11 صباحاً إلى مطار حميميم في محافظة اللاذقية لينقل بعدها إلى قريته (زاما - بيت الفي) التابعة لمدينة جبلة ليوارى في مثواه الأخير، بعد أن يلف العلم السوري نعشه ويشيع على طريق الأبطال كما هي العادة مع شهداء الجيش السوري.
ترك أسامة وراءه ثلاثة أيتام وزوجة مكلومة كما هي حال غالبية نساء سوريا اليوم. الخبر المؤسف سارع إلى نشره المخرج السوري فراس دهني من خلال صفحته الشخصية على موقع الفايسبوك فكتب: "بلطفك ودماثتك ومحبتك لكل الناس، خسرناك وخسرتك بلدك وأهلك ورفقاك. وخسارتي فيك شخصياً لا تعوض. أسامة اللطيف الدمث المهذب يشهد كل من عرفك أنك لم تخطئ بكملة واحدة بحق أحد. لا يسعني سوى الدعاء لك بالرحمة". أما المخرج سمير حسين الذي سبق أن فقد شقيقيه في منطقة قريبة من القدم، فقد علم بالخبر من اتصاله مع "الأخبار"، فاكتفى بالقول: "تشتعل النيران أكثر والمحصلة مزيد من دماء السوريين الأبرياء. لم أعرف الراحل عن قرب لكنني أسمع عن حسن أخلاقه، له الرحمة ولعائلته كل الصبر والعزاء". من جهة أخرى، انتشرت صورة الراحل على صفحات زملائه العاملين في التلفزيون السوري خصوصاً أنه انطلق منه حيث عمل مساعد إضاءة، ليتطور في ما بعد، ويصبح مشرف إضاءة ثم مدير إضاءة وهي المهمة الفنية الأكثر دقة في صناعة العمل الدرامي، ويعتبر المسؤول عنها ذراع المخرج اليمنى، بالإضافة إلى كونها مهنة متممة لمهنة الإخراج. قدم الراحل أعمالاً لافتة وسطع نجمه في مسلسلات أنتجها شركة "بانة" (عماد ضحية) مثل "صبايا1" لفراس دهني، و"شتاء ساخن" للمخرج ذاته، و"ممرات ضيقة" لرشا شربتجي.
في حواراته القليلة مع الصحافة، عرف مدير الإضاة الراحل مهنته فقال: "مثل أي فن إبداعي لكنه يتعامل مع الضوء خلال المشهد، وتبعاً للحالة الدرامية من أجل إيصال النتيجة المطلوبة للمشاهد باستخدام الضوء بطريقة إبداعية وجمالية لتظهر الصورة بشكل صحيح على الشاشة". بعد الآن، لن يرى أسامة إسبر ضوء الشمس لكن ستظل بصمته على الصورة التلفزيونية المتقنة حاضرة لتحكي عنه كلما أعيد عرض أحد الأعمال الهامة التي أسهم في نجاحها.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد