كيف جلس إرهابيو القاعدة على مقعد سورية في جامعة الدول العربية
الجمل - طوني كارتالوتشي- ترجمة: د. مالك سلمان:
قام ما يسمون "الثوار السوريون" باختطاف مجموعة [21] من عناصر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة واحتجازهم كرهائن, حيث طالبوا الجيش [العربي] السوري بسحب قواته من أرض بلده نفسها. وقد أكدت الأمم المتحدة احتجازَ عناصر من قوات حفظ السلام التابعة لها من قبل ما تسميهم "الثوار", وطالبت بإطلاق سراحهم.
على الرغم من هذا العمل الإجرامي الإرهابي العلني الموجه ضد الأمم المتحدة, قام الغرب بتجاهل هذا الحادث والتقليل من أهميته, حادث لو أن الجيش [العربي] كان وراءه لكان استدعى العواءَ والتنديد والإدانة , وربما التدخل العسكري الشامل.
ولكن عوضاً عن ذلك, دفعَ العرب المتعاونون مع الغرب, بما في ذلك المملكة السعودية وقطر, العالمَ العربي إلى تقديم مقعد سوريا في الجامعة العربية لإرهابيي القاعدة هؤلاء. كما أعطت الجامعة العربية الضوءَ الأخضر (رسمياً) للبدء بتسليح الإرهابيين علناً وبشكل مباشر, على الرغم من أنهم يسلحونهم منذ سنة 2007 على الأقل.
مع احتضان الغرب للإرهابيين الذين يرتكبون الجرائم العلنية ضد الشعب السوري, وعلى طول الحدود السورية, وحتى ضد المراقبين الدوليين بما في ذلك الأمم المتحدة, فإنه يتخلى عما تبقى من شرعيته. وفي الحقيقة, فإن وزارة خارجية أمريكية ووزارة خارجية بريطانية وأمم متحدة يرفضون أن يدينوا ويقطعوا علاقاتهم مع منظمة تختطف الرهائن من بين مجموعة كبيرة من الجرائم الوحشية الموثقة خلال العامين الماضيين, قد فقدوا حتماً كل شرعية.
يجب على الناس في الغرب أن يدركوا أن حكوماتهم قد دخلت في حالة اضطراب عقلي خطير وتخلت عن أي التزام, ولو شكلي, بالحفاظ على القانون. فالأمة التي لا يحكمها القانون, أو التي لا تتظاهر حتى أنها محكومة بالقانون, هي أمة قادرة على فعل أي شيء, على أي مستوى, وفي أي وقت.
يعيش الغربيون الآن في بلدان تجاوزت الخط الأحمر. والآن, وأكثر من أي وقت مضى, على الناس أن يبدؤوا في اتخاذ قرارات صعبة حول أساليب حياتهم ومراعاتهم للاحتكارات الرأسمالية الغربية. فلا الحكومة ولا الأفراد الذين يشكلونها هم الذين يرسمون هذه الأجندة. إن المصالح الرأسمالية والشركات هي التي تخلق مراكز التخطيط الإستراتيجي التي تكتب السيناريوهات التي يقرأ منها أعضاء الكونغرس والرؤساء ووزراء الخارجية والوزراء الآخرون – وهي مصالح رأسمالية نجاملها ونتعاطى معها كل يوم.
بما أنه ليس بمقدورنا تغيير التيار, الذي يتمثل ربما في تغيير وجهة الحضارة الغربية بين عشية وضحاها, يمكننا أن نبدأ باتخاذ خطوات صغيرة هامة في التوقف عن الاعتماد على الاحتكارات الرأسمالية من خلال مقاطعتها واستبدالها. فربما يكون لأي تغيير بسيط في أسلوب حياتنا اليومية, من شهر إلى شهر, أثر جمعي كبير على تقويض هذا التفويض غير المشروع الذي يسمح لهذه المصالح القذرة بالهيمنة على الكوكب والإنسانية جمعاء. فالهدف النهائي هو زعزعة هذه الاحتكارات, لكن ذلك يحتاج إلى الصبر والعمل الدؤوب, لكنه هدف يمكن تحقيقه, ويتم تحقيقه الآن في عدة أجزاء من العالم.
إذا قرأنا أخبار الإرهابيين مختطفي الرهائن الذين يتلقون ملايين الدولارات من أموال ضرائبنا ويتم السماح لهم بتدمير بلد بأكمله, بعد أن ضحى جنودُنا بدمائهم لمقاتلتهم طيلة عشر سنين من "الحرب على الإرهاب", وشعرنا بالغضب وبحثنا بيأس عن حل؛ فإن الحل يكمن في الاكتفاء الذاتي وتفكيك آلة الحرب هذه, بحيث نعيد السلطة إلى الشعب مرة أخرى. هذه هي الثورة الحقيقية.
يمكن للمشاكل القائمة في سوريا أن تبدو نائية, على الرغم من فظاعتها, لكنها أحد أعراض مرضٍ تعاني منه حكوماتنا الغربية المتواجدة هنا بيننا وفي نسيج حياتنا اليومية. إن رفضنا لمعالجة هذا المرض الآن, وهو يدمر سوريا, سوف يسمح له بالتأصل أكثر فأكثر إلى أن يجلبَ لنا في النهاية نفس الجنون الجامح من النفاق الذي يعصف بالشعب السوري الآن. فمصير الشعب السوري مرتبط بشكل مباشر بصحتنا, ورفاهنا, وسلامنا, وعافيتنا نحن. وإذا فشلنا في إدراك هذه الحقيقة, يكون ذلك ضرباً من الغباء سندفع ثمنَه لأجيال عديدة قادمة.
تُرجم عن: ("غلوبل ريسيرتش", 8 آذار/مارس 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد