كيف نحمي المواطن من جشع بعض التجار والصناعيين المحليين؟!

12-07-2009

كيف نحمي المواطن من جشع بعض التجار والصناعيين المحليين؟!

الجمل- م. نبيل علي صالح*:     وفر العلم الحديث إمكانات صناعية هائلة أمام الإنسان للسيطرة على الطبيعة من أجل تأمين وجوده وعيشه وفَتْحِ الامكانات الهائلة أمامه لتثبيت وجوده على الأرض، وتحقيق تطلعاته في البناء والتقدم والازدهار، بما يوفر عليه الجهد والوقت والتعب والمادة أيضاً..
    وقد كان من الطبيعي جداً أن نتأثر نحن في سوريا –كبلد حضاري منفتح على الحياة والعالم- بمجمل هذه التطورات التقنية العلمية الهائلة، ونعمل على استيرادها أو تصنيعها والاستفادة منها في داخل بلدنا.. في حدود ما تسمح به القوانين والأنظمة المرعية بهذا الشأن، وذلك توخياً للفائدة والاستثمار الوطني العام، وللمساهمة في النهضة الوطنية العامة التي نشهدها حالياً في ظل مسيرة التطوير والتحديث الشاملة التي يقودها الرئيس بشار الأسد.
    ولكننا لاحظنا خلال السنوات القليلة الماضية الأخيرة قيام عدد كبير من التجار والمستوردين والصناعيين المحليين بإغراق السوق المحلية -وجعْلها في حالة شبه فوضى تجارية وتسويقية- بكميات هائلة من بعض منتجات الصناعات النفطية المستخدمة في مد شبكات المياه العذبة داخل المنازل والمباني السكنية، وذلك بأسعار متدنية للغاية، تبدو خيالية قياساً للأسعار المعروفة لنفس المواد (حيث أن هناك بعض الأصناف المستوردة –من تركيا أو غيرها من البلدان- أرخص بكثير من بعض الأصناف المصنعة محلياً)، بما يدفعنا للشك بنوعية وجودة المواصفات النوعية الخاصة بتلك المنتجات التي تطرح في أسواقنا المحلية، حيث أنه من المعروف دولياً أن مجمل المنتجات الصناعية النفطية –خاصة المستخدمة منها في مياه الشرب (مثل مادة البولي بروبلين P.P.R)- لا بد وأن تخضع لنظم ومعايير جودة دقيقة واختبارات علمية مثبتة في المعاهد والجامعات المتخصصة، تتعلق بجودة المنتج وضمانته من حيث ضرورة مراعاته لصحة الإنسان وعدم ضرره لها، أو من حيث عدم تأثيره على البيئة والمحيط.
    وقد دفعنا هذا الأمر إلى طرح أسئلة عديدة بهذا الشأن حول ماهية المعايير والضوابط المحلية المعتمدة في مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية لتنظيم ومراقبة عمليات استيراد وتصنيع مثل تلك المنتجات في أسواقنا المحلية، حيث أن كثيراً من مشاريعنا السكنية المنتشرة -والتي تم بناؤها بكثرة في الآونة الأخيرة على امتداد بلدنا الحبيب- قام بعض منفذيها بمد شبكات مياه المياه العذبة فيها من تلك الشركات ذات الأسعار المتدنية جداً ومن دون وجود معايير علمية صحيحة، وكذلك من دون إجراء أية اختبارات علمية موثقة وصحيحة.
ولدى الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص بهذا الموضوع أفادونا بأن أنابيب واكسسوارات مادة البولي بروبلين (P.P.R) المستخدمة في مياه الشرب على نطاق واسع حالياً، لابد وأن تكون مطابقة للمواصفات الدولية المعتبرة، كما ينبغي أن تخضع لمجموعة اختبارات فيزيائية وصحية متعددة دقيقة في المخابر والمعاهد المتخصصة، بالإضافة إلى ضرورة حصولها وتوافرها على مجموعة من شهادات الخبرة الدولية المتعلقة بـ(صحة الإنسان-عدم نمو بكتيريا ضمن الأنابيب-وعدم التحشيش) من أهم وأرقى المعاهد المعروفة في العالم.. مثل شهادات الـ:
 (HY-DVGW-SKZ-KIWA-BVQI-WQC) وغيرها..
ولكن للأسف فقد لاحظنا لدى الطيف الواسع من تجارنا ومتعهدينا ومقاولينا عدم مراعاتهم لتلك المواصفات والمعايير الدولية المتعلقة بصحة الإنسان إما جهلاً بها أو عدم رغبتهم أصلاً بالتقيد بتوريد أو تصنيع المنتجات التي تحمل تلك الشهادات والمواصفات كونها غالية الثمن –كما يقولون- بالنسبة لهم، ولا تتناسب مع مشاريعهم التي ينفذونها هنا وهناك، الأمر الذي يضطرهم لشراء مواد رخيصة الثمن ومن دون مواصفات تذكر.
وبالفعل فقد أجرينا لقاءات عديدة مع بعض المتعهدين والتجار حول هذا الموضوع، وخلصنا إلى النتائج التالية:
-هناك رغبة واضحة لدى كثير من الأخوة المتعهدين ممن التقيناهم للعمل وفق المواصفة والجودة وليس وفق السعر فقط، ولكن بشرط أن تقوم الجهات الرسمية المعنية في الدولة بوضع أسعار جديدة تتناسب مع غلاء تلك المنتجات الحاملة للمعايير والمواصفات والشهادات الدولية المعروفة. لأن الشهادة مكلفة للشركات المنتجة بالنظر لغلاء المواد والحبيبات الداخلة كيماوياً في تركيب المنتج الذي تصنّعه، ولذلك من الطبيعي أن تكون أسعار المنتجات التي تصدرها تلك الشركات النوعية ذات الأصناف الجيدة جداً غالية ومرتفعة الثمن.
-توجد فئة قليلة من التجار والمتعهدين والمقاولين ممن قابلناهم غير مهتمة على الإطلاق بالمواصفة، بل إن اهتمامهم منصبٌ أساساً على السعر المنخفض الرخيص بما يوفر لهم بعض الربح حتى لو كان قليلاً. فالربح هو الغاية بأي وسيلة جاء، بحيث أن توفير أقصى ما يمكنهم توفيره من مال هو غاية الغايات لدى أمثال هؤلاء حتى لو جاء على حساب صحة المواطن، مع العلم أن البنود العقدية لمشاريعهم يمكن أن تكون رابحة في المجمل وليست خاسرة.
-هناك قسم آخر من التجار والمتعهدين يدعي بأنه ليس على علم بوجود مواصفات ومعايير واختبارات مطلوبة يجب العمل عليها لتأمين الصحة والسلامة للمواطن.. وقد أعلمنا هؤلاء بأنهم يشترون موادهم الرخيصة من السوق المحلية العامرة بمثل تلك المنتجات وبأدنى الأسعار، ولذلك فهم يفترضون مسبقاً –بحسب زعمهم- أن الجهات المختصة في الدولة على علم بصناعة وتسويق تلك المنتجات في الداخل، ولذلك فمن الطبيعي أن يتم تداولها وتسويقها، ظناً منهم بأنها حائزة على شهادات خبرة وشهادة منشأ وغيرها من الثبوتيات المطلوبة.
طبعاًَ هذا كله يجري للأسف على مرأى ومسمع كثير من الجهات واللجان المتخصصة في الإشراف والتنفيذ الهندسي في كثير من قطاعات ومؤسسات الدولة التي وضعت ثقتها فيهم عندما أهلتهم ووضعتهم في مستوى المسؤولية الوطنية، حيث أنه من المفروض أن تكون تلك الجهات صاحبة الكلمة الفصل في ضبط هذا الموضوع بما يضمن تحقيق الصالح العام الذي هو في الأساس خدمة المواطن وتأمين سلامته والحفاظ على صحته.
من هنا نحن نضع هذا الموضوع أمام السادة المسؤولين، ونهيب بهم وبمختلف الجهات والإدارات الرسمية المعنية الإسراع في معالجة هكذا مواضيع حساسة وذات صلة بصحة الإنسان، والعمل الجدي على تدارك السلبيات الناجمة عن شيوعه في الأسواق بصورة كبيرة، من خلال إعادة تحديد أسس ومقومات ومعايير جودة معروفة وموثقة بشهادات دولية لمثل تلك المنتجات والمواد النفطية التي أصبحت تمطر علينا كما تمطر الماء من السماء.
كما وإننا نود أن نذكر أخوتنا المواطنين بأن يتأكدوا من جودة تلك المنتجات والمواد التي يستخدمونها في بيوتهم ومنازلهم من خلال استشارة أهل الخبرة والعلم والاختصاص بالدرجة الأولى.. لأن المسألة صحية بالدرجة الأولى، وتتعلق بالماء الذي نشربه يومياً ويمر عبر أنابيب مصنعة من حبيبات نفطية قد تكون ذات مواصفات رديئة أو جيدة. والضمانة الأساسية هنا دائماً هي في وجود معايير جودة ورقابة دورية صارمة على الاستيراد والتصنيع والتسويق.
وربما قد لا يكترث ولا يعرف كثير من مواطنينا بماهية تلك المواصفات النوعية الجيدة لتلك المنتجات النفطية بالنظر لغلاء ثمنها، ولكن الزيادة المفترضة قد تبدو غير كبيرة في حال اعتمد هؤلاء على عنصر المواصفة والجودة في عملية الشراء.
طبعاً نحن من جانبنا علينا واجب لفت النظر والانتباه، والتحذير من خطورة هذا الموضوع، ونطالب بملاحقته ومتابعته عبر لجان علمية متخصصة نزيهة، وذلك انطلاقاً من إدراكنا الوطني بأهمية تسليط الضوء على مواقع الخلل والاهتراء القائمة، من خلال الدعوة إلى إصلاحها ومحاسبة القيمين عليها. وكذلك انطلاقاً من حرصنا الشديد على تمثل المقولة الخالدة للقائد الخالد حافظ الأسد: "لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ أو أن يتستر على العيوب والنواقص"..
وهل هناك خطأ ونقيصة بحق الوطن والمواطن أشد خطورة من وجود بعض التجار الجشعين الذين يتلاعبون بصحة ومستقبل مواطن هذا البلد الغني والمعطاء؟!!.

* باحث وكاتب صحفي

التعليقات

لللأسف أن الكلام وإن كان صحيحاً فليس دقيقاً لا يعي عدم الحصول على كيت وكات أن المواد غير صحية فعندنا منتجات وطنية عالية المستوى ولكنها لا تقدر على تكاليف هكذا شهادات والأخ م. نبيل علي صالح هو وكيل للديزان المحققه لهذه الشهادات فمقالته هنا تشبه التدليس قول صح يراد به الترويج للديزاين المحقق لما كتب بل يكاد الوحيد الجامع لما ذكر رغم أنه اغفل بعض الشهادات الهامة التي لا تحوزها الديزاين فلللأسف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...