لا للقوة «الصفراء» ولكن...
كيف يجري الانتقال من عصر الطاقة «الصفراء» ( النووية) إلى عصر بديلتها الخضراء الآمنة؟ هذا السؤال يتردّد بقوة في ألمانيا. وقد أجابت «اللجنة الأخلاقية» عليه، عبر عرض مفصّل تضمن نتائج دراسة مُدقّقة استغرق الخبراء 3 شهور لإنجازها، وصدرت في كتيّب، يحدّد خطة طريق واضحة المعالم في خطوطها العريضة، كما في بعض تفاصيلها.
وبالإجابة عن السؤال حول تأمين التموين الكهربائي في ألمانيا من دون أي خلل في تدفق الطاقة، ذكرت اللجنة أنه حتى عام 2013 سيجري على الأرجح إنتاج 11 ألف ميغاواط بواسطة الطاقة التقليدية (فحم حجري ونفط) لسد الثغرة التي ستنتج من الوقف الفوري للمفاعلات الثمانية، على أن ينخفض هذا الإنتاج في نهاية العام المذكور بمقدار 3 آلاف ميغاواط. وبداية من أواخر 2013 وحتى 2010، دعت اللجنة إلى إنتاج 12 ألف ميغاواط عن طريق استغلال الحرارة الجوفية في الطبقات العميقة من الأرض، لإنتاج الكهرباء من جهة، واستخدامها للتدفئة وتسخين المياه من جهة أخرى. وأوضحت إن هناك قدرة أيضاً على إنتاج 2500 ميغاواط من الكهرباء الإضافية، بدلا من 2000 ميغاواط كما كان مقترحاً، في معامل تتخصّص في إنتاج الطاقة بواسطة حرق النبات الطبيعي المجفف. كما اقترحت اللجنة تخصيص سوق كهرباء احتياطية تتشكل من معامل تعمل على الغاز قادرة على إنتاج 7 آلاف ميغاواط لتغطية حاجة البلاد في حال ارتفاع الإنتاج الصناعي إلى الحدّ الأقصى، أو الحالات الطارئة لمنع البلد من الوقوع في أزمة كهرباء، أو في حال حدوث عجز يجبر ألمانيا على استيراد الطاقة الكهربائية من الخارج.
وشدّدت اللجنة على ضرورة ترشيد استخدام الكهرباء، والتعاطي معها بصورة أكثر فعالية من السابق لوقف الهدر فيها، الأمر الذي سيكون له مرود إيجابي اقتصادياً وبيئياً أيضاً. ويشمل هذا الترشيد تخصيص حوافز مالية لبناء مساكن ومكاتب تحفظ الحرارة بطريقة تخفض استهلاك الكهرباء فيها، وإصلاح المباني القديمة كي تؤدي هذا الدور عينه أيضاً. وأكّدت اللجنة في تقريرها النهائي، أنها مقتنعة تماماً بوجود قدرة ذاتية على تأمين قاعدة مستدامة تضمن استمرار انسياب الكهرباء في البلاد من دون خلل، وحماية فعلية للمناخ والبيئة، مع زيادة فرص العمل في سوقي العمالة والحِرَف، ما يعني أنها تتوقع عدم الاضطرار لاستيراد كهرباء من المفاعلات النووية في الدول المجاورة. واقترحت اللجنة أيضاً وضع رقابة برلمانية على مسيرة الانتقال من الطاقة الصفراء إلى بديلتها الخضراء الآمنة. ودعت الحكومة إلى تعيين نائب في البرلمان الاتحادي، مفوضاً حكومياً للطاقة يراقب ما يجري تطبيقه فعلياً. واقترحت أن يتولى هذا المفوض تقديم تقرير سنوي إلى البرلمان والحكومة عن المراحل التي قطعتها خطة الانتقال وروزنامة إغلاق المفاعلات النووية.
وإذا كانت ألمانيا، حكومةً ومعارضةً، قررت إسدال الستار على فصل الطاقة النووية، فالأرجح ألاّ تصل عدوى قرارها هذا إلى جيرانها الأوروبيين، المتمسكين بشدة بهذه الطاقة، خصوصاً فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. وعلى رغم ذلك، أعلنت سويسرا، البلد الأوروبي الصغير غير العضو في الاتحاد الأوروبي، أنها قررت أيضاً التخلي عن المفاعلين النوويين فيها لمصلحة الطاقات المتجددة، وحددت عام 2035 موعدا أقصى لإغلاقهما.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد