مؤشرات قوة ليرتنا وتحررها من التبعية

12-11-2006

مؤشرات قوة ليرتنا وتحررها من التبعية

هل نقول وداعاً للسوق السوداء؟؟
هو سؤال يقفز إلى الذهن بين الحين والآخر إزاء حالة الاستقرار المديدة واللافتة في قيمة الليرة السورية بعد عدة أزمات تكافلت فيها مؤثرات مختلف الظروف جميعها لم تكن في صالح العملة المحلية.
والسؤال هنا ذو لونين الأول فضولي يعشعش في أذهان تجار «المضاربات» والثاني توجسي نسمعه على ألسنة الشريحة العظمى من المجتمع السوري ممن كوتهم التقلبات السابقة وأثرت على حيثيات معيشتهم.
قد لا يكون الجواب هنا شافياً إذا اقتصر على نعم أو لا لأن كلا الإجابتين تبدوان بحاجة إلى تعليل مقنع يقطع الشكوك بمعطيات يقينية محسومة، وقد لا نكون نحن ممن يخولهم اختصاصهم للإجابة، إلا أن ثمة معطيات ممكنة القراءة بلغة عامة وبسيطة، أولها القول إن الليرة السورية قوية الآن ومتماسكة أكثر من أي وقت مضى لأنها ممسوكة بأدوات تبدو ملامحها مطمئنة بالشكل العام. أي احتياطي نقدي كبير بالقطع الأجنبي وقوة تنافسية مقبولة مرشحة للزيادة مع توقع معدلات انتعاش وافية للاقتصاد السوري بشكل عام، كل هذا يضاف إلى الوضع الآمن لميزان المدفوعات خاصة في بضع السنوات الأخيرة.
هذه مؤشرات بعيدة يمكن أن تقود إلى استنتاج أن الليرة السورية باتت الآن في مأمن من الأزمات الصعبة والأهم هو وجود سلطة نقدية باتت تجيد سبل الحيطة أولاً والتعاطي مع الأزمات ثانياً وتجيد كيفية الاستخدام الأمثل للأدوات المتاحة لديها.
إلى جانب كل ذلك هناك عوامل نقدية مباشرة ذات صلة بموضوع العرض والطلب للعملات الأجنبية في السوق يمكن إجمالها بأن الحكومة وصلت الآن إلى تمويل أكثر من 65٪ من إجمالي قيم التجارة الخارجية وثمة مؤشرات إلى نوايا قريبة بتمويل 100٪ أي احتياجات التجارة الخارجية كاملة من القطع الأجنبي، وهذا وحده كفيل بالقضاء على السوق السوداء نظرياً وعملياً.
هذا في الجانب الإجرائي، أما فيما يخص بنية المنظومة النقدية المحلية فثمة ما يدعو إلى الاطمئنان إلى مستقبل العملة المحلية وهو الإجراء الذي عمدت إليه السلطة النقدية المتمثل بتنويع محفظة الاحتياطي النقدي وتحويل حوالى 50٪ من الكتلة من دولار إلى يورو وهذا يعني أولاً تنويع المخاطر وثانياً فتح آفاق أوسع أمام نشاط التجارة الخارجية السورية خاصة الآفاق الأوروبية التي تحتل ما نسبته حوالى 50٪ من حجم التجارة السورية مع الخارج.
وبشكل عام يصف أحد الخبراء النقديين خطوة التحويل إلى اليورو بأنها خطوة حكيمة لأن هذه العملة مرتبطة بسياسات معتدلة وغير متطرفة من حيث المبدأ، وبالتالي لن نكون في سورية خاضعين لتأثيرات قسرية في تعاملاتنا التجارية استيراداً وتصديراً وهذا يعني المحافظة على حرية القرار الاقتصادي والسياسي معاً.
ويرى الخبير النقدي أن المناخ العام النقدي خاصة والاقتصادي عموماً المحيط بالليرة السورية يجعل منها عملة أكثر تحرراً من التقلبات التي تعتري أسواق الصرف والاقتصادات العالمية لأنها غير مرتبطة ولا بأي عملة، فالليرة السورية ممسوكة باقتصاد قوي وبإدارة نقدية جيدة تعتمد مبدأ التسعير المدار أي التسعير الحر الخاضع لاعتبارات خاصة بالاقتصاد السوري وليس بأي اعتبارات أو إملاءات خارجية.
خلاصة ما سبق تتيح لنا جرعة من التفاؤل بأن السوق السوداء لن تكون ذات حضور مؤثر مرة أخرى لأن أي محاولات هادفة إلى المضاربة ستكون نتيجتها خسارة للمضاربين، وأن الليرة السورية مسنودة إلى مجموعة من عوامل القوة التي تشكل مظلة سميكة واقية لها.

ناظم عيد

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...