مارلين روبنسون تكشف قوة الأدب في تحطيم الحواجز بين البشر

22-02-2012

مارلين روبنسون تكشف قوة الأدب في تحطيم الحواجز بين البشر

تختلف رواية مارلين روبنسون الأخيرة «البيت» الصادرة سنة 2008, عن روايتها الأولى «التدبير المنزلي» الصادرة عام 1980 والتي لقيت انتشاراً واسعاً في حينه.

فالأولى تحتفي بالكثير من الحكايا, والاستعارات, والصور المجازية, التي تذهل القارئ بتواترها، في حين إن رواية «البيت» تكتظ بالحوارات الطويلة, واسترجاع الذكريات, في مشاهد متتالية بين غلوري وجاك, وأحيانا بينهما وبين والدهما, عندما يتحدثان معه عن مخاوفهما, وشكوكهما, وندمهما, وأحلامهما المنهارة. ‏

ويكاد يجمع العديد من النقاد الأنكلوسكسونيين على أن إحدى جماليات رواية «البيت» هي الحوار بين جاك وشقيقته غلوري, بكل ما ينطوي عليه من القسوة، أحيانا, والمرارة الممتزجة بالحب والقلق، أحيانا أخرى, والتعبير بتلك اللغة البسيطة السلسة المتوهجة التي تستخدمها غلوري. ‏

عندما يسأل جاك أخته عن سبب كرهها لغلياد ورغبتها في الرحيل، تجيبه: «لأنها تذكرني بتلك الأيام التي كنت فيها سعيدة». ‏

في روايتها «غلياد» الصادرة عام 2004 يسترجع القس جون ايمس ذكرياته المؤطرة بتاريخ بلاده في خمسينيات القرن العشرين, عندما أدى رفض امرأة إفريقية التخلي عن مقعدها في الحافلة لرجل أبيض, إلى انفجار حركة الحقوق المدنية. ‏

يتوجه ايمس إلى ابنه روبرت الذي أنجبه متأخرا من زوجته الشابة لايلا، وأعطاه اسم صديقه وزميله القس روبرت بوتون, الذي يشك في أسباب رجوع جون بوتون, بعد عقدين من الغياب، ويغار عندما يرى تواصله السهل مع زوجته, معتقدا بأنه يتقرّب منها. ‏

يخفي جاك سر عودته، لنكتشف لاحقاً أنه محطم القلب, فينهمك في إصلاح سيارة الأسرة المهملة، والبيت المتداعي، ويستصلح الأرض المقفرة، لكنه يفشل في الوصول إلى الخلاص المنشود. ‏

يؤمن ايمس أن جاك يستطيع قراءة أفكاره, الأمر الذي أثار غضبه ودفعه للقول: إنهم لا يقدرون الجهد الذي أبذله لأصبح شخصاً أفضل... هذا الجهد الصعب القائم على النية الحسنة, كان يستحق منهم قليلاً من الانتباه. ‏

جاك يريد أن يتغير ويتخلص من لقب خروف الأسرة الأسود، لكن كلا الرجلين يفشل في رؤية مسعى الآخر. ‏

تواكب عودة جاك رجوع شقيقته غلوري للعناية بوالدها المريض, اثر انتهاء علاقتها بخطيبها, الذي اكتشفت أنه متزوج. يخفي أفراد الأسرة أفكارهم ومشاعرهم عن بعضهم، وتشعر غلوري بالإحباط, عندما تقتصر سعادة والدها على عودة ابنه الضال. ‏

تشترك روايتها «غلياد» مع رواية «البيت» في إدانة فقدان الذاكرة الجمعية عندما يتعلق الأمر بالحرب الأهلية, وتحرير العبيد, وحقوق السود. وفي حين يستعيدها الابن في حواره مع والده, يفضل الرجل المسن تجاهلها على رغم طيبته, فتشدد روبنسون النبرة على ثنائية الحتمية والخيار: الرجال والنساء، الدين والدولة، وتنتهي بتوجيه الضوء نحو سوء التفاهم الذي يقيم الحواجز بين أكثر الناس قرباً. ‏

وقد أشادت رئيسة لجنة التحكيم في جائزة مؤسسة همنغواي برواية روبنسون, ووصفتها بأنها ذات طبيعة رقيقة وحكيمة وغنية وذات حرفة عالية. وقد ذكر أحد النقاد بأن روبنسون كاتبة من أبرز كتّاب النثر في الألفية الحالية, وأنها تطمح إلى أن ينظر إليها بالمستوى نفسه الذي ينظر فيه إلى الكاتب البولندي جوزيف كونراد. ‏

يشار إلى أن الروائية مارلين روبنسون من مواليد عام 1943, في مدينة ساندبوينت في ولاية أيداهو Idahoالأمريكية, الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية, وهى إحدى الولايات الجبلية التي يعود اسمها إلى كلمة هندية, تعني الجوهرة, والتي تتميز أيضا باحتضانها جالية من أصول عربية, أغلبيتها من السوريين الذين هاجروا إلى العالم الجديد في القرن التاسع عشر. ‏

أصدرت روايتها الأولى بعنوان «التدبير المنزلي» عام 1980 وروايتها الثانية بعنوان «غلياد» عام 2004. وقد نالت عن روايتها الأولى جائزة مؤسسة همنغواي عام 1981 وجائزة مؤسسة فوكنر عام 1982, وفازت عن روايتها الثانية بجائزة حلقة نقّاد الكتاب الوطني للسرد عام 2004. ‏

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...