مرور دمشق تتشدّد.. وفناء الجباية يضيق بالمخالفين

11-01-2009

مرور دمشق تتشدّد.. وفناء الجباية يضيق بالمخالفين

تحول فناء مكاتب جباية المخالفات في مديرية مرور دمشق في الأيام الأخيرة إلى ساحة للوغى، حيث اشتدت هناك النزاعات على السنتيمترات القليلة الفاصلة بين الحشود المتجمهرة وشبابيك الجباية، وشحنت المشادات الكلامية الأجواء ودفعت بعض الحاضرين إلى التشابك بالأيدي والصراخ أحياناً قبل أن يعودوا مع المتفرجين إلى رشدهم بمجرد أن يعلو صراخ الموظف المروري بالنداء على اسم أحدهم إعلاماً له بأن عليه البدء بسباق جديد بين نوافذ المديرية وبائعي الطوابع المالية في الخارج. 
 - ضيق المكان المخصص لدفع مخالفات قانون السير الجديد لم يمنعنا من التجول بين أصحاب وسائقي السيارات (العامة والخاصة) المخالفة الذين شاء لهم قلم أحد عناصر المرور أن يجتمعوا، دون حول أو قوة، أمام ثلاث نوافذ مختصة بجباية الغرامات المالية المترتبة على المخالفين لكلٍّ من قسمي السيارات العامة والخاصة، سواء أكانت مخالفتهم من الصنف المباشر أم الغيابي.
وكان واضحاً أن الفوضى هي سيدة المكان المزدحم حيث تغيب ملامح أي نوع من التنظيم للدور الذي كان أبو عمار (صاحب ميكروباص على خط مزة فيلات) يحاول أن يتجاوزه عن اليمين وعن اليسار دون جدوى، أبو عمار حسب قوله قضى خمس ساعات طوال مساء الإثنين قبل أن يصل دوره لتسديد غرامة قدرها 500 ل.س تتعلق بفانوس السرفيس، وأقسم أنه سددها أخيراً في الساعة الحادية عشرة، إلا أنه كان موجوداً صباح الثلاثاء ليسدد فاتورة أخرى وصفها بـ«التسلل» لكونه تلقاها «غيابياً» ودون وجه حق (حسب قوله)، فبينما كان «يطاحش» ليدفع المخالفة الأولى كان أحد عناصر الشرطة يقوم بمخالفة سيارته المركونة «رتلاً ثانياً» قرب قسم جباية المخالفات، وقد ركنها أبو عمار هناك لضيق المكان وعدم شغور أي مكان نظامي.. «ما ذنبي» قال في معرض حديثه، وأضاف متسائلاً: «كنت مضطراً لدفع المخالفة ذلك المساء وإلاّ فإنها ستتضاعف في اليوم التالي، ألا يفترض بإدارة المرور أن تؤمن لنا مكاناً نركن فيه السيارات، أو على الأقل أن تتسامح معنا في هذه (الطوشة)؟!».. ولدفع المخالفة الجديدة بات عليه الآن أن يهدر مزيداً من الساعات منتظراً، لكنه أكد قبل أن تتركه أن الازدحام خفّ قليلاً عنه قبل أيام!

- صحيح أن أبو عمار فعل ما يشبه المستحيل بدفعه المخالفة الأولى، لكن غيره لم يستطع إلى ذلك سبيلاً، إذ أكد ياسر (سائق سيارة أجرة) أن يوم الثلاثاء هو اليوم الثاني له في الانتظار، وقد قسّم هذا الرجل يومه الوظيفي إلى جزأين، صباحي ومسائي، يقضي ساعتين في كل منهما بانتظار دوره في الدفع دون فائدة، «توقفت عن العمل لدفع مخالفة قدرها ألف ليرة لكنني تضررت بأكثر من ثلاثة آلاف» قال ياسر غاضباً، ثم تابع: «غير الرسوم السنوية التي تمثل إيجاراً يومياً على سياراتنا التي نملكها، فإننا نتعرض لمخالفات (عالطالعة والنازلة)، ورغم قبولنا بأن على المخالف أن ينال عقابه إلا أننا نطالب بأن يخصص لنا شبابيك إضافية لكي لا نهدر وقتنا المخصص للارتزاق في الوقوف على أقدامنا ساعات لتسديد غرامة لا ندري في كثير من الأحيان إن كانت شرعية أم لا..!»، ويقول آخر: «إن دفع المخالفة مضاعفة أقل تكلفة من السعي إلى دفعها في هذا الازدحام، والمشكلة أنه حين تكون الأموال للحكومة فإنها تضعنا في غرفة مثل هذه (فناء المكاتب) وتقفل علينا الباب إلى أن ندفعها، لكن من أين نأتي بهذه الأموال ونحن محتجزون؟!».. سؤال قصد به أحد السائقين القول إن تعطيل إدارة المرور لأصحاب السيارات وسائقيها عن عملهم يضع أمنهم المالي على المحك وهم أصحاب أسر، فمن المعروف أن سيارات الأجرة، ومنها الميكروباصات، لم تعد تحقق ربحاً كبيراً منذ رفعت أسعار المازوت الحر، وعليه فإن ساعة عمل قد تحقق لهؤلاء 100 ل.س لا أكثر، وبقاؤهم محتجزين (مجازياً) لدفع مخالفة قدرها 500 ل.س مدة خمس ساعات يجعل خسارتهم تقدر بـ1000 ل.س على الأقل، ناهيك عما يؤدي إليه ذلك من إرباك لقطاع النقل ولو بشكل جزئي في مدينة تعاني بالأصل من أزمة نقل ومرور كبيرة!.

- وعلى هامش الفوضى العارمة التي تعيشها مكاتب الجباية، قال أحد باعة الطوابع مفسراً وجود هذه الحشود الغفيرة من المخالفين: «إن الأمر يعود إلى قيام عناصر المرور بتنفيذ قانون السير الجديد بشكل أشد التزاماً، ولا يتعلق بما يسوقه البعض بالقول إن على العناصر أن يملؤوا دفاترهم قبل نهاية العام، ولو أراد القائمون على تنفيذ القانون تطبيقه كاملاً فإنك لن تجد موطئ قدم هنا، فما بالك بموقف سيارة؟!»، ويذكر أن مكاتب جباية المخالفات تفتح أبوابها في الساعة الثامنة صباحاً وتغلقها في منتصف الليل، وعلى مدار هذه الفترة الممتدة 16 ساعة يبقى الفناء مملوءاً بالمنتظرين لدفع مخالفاتهم المرورية التي تتضاعف ما لم يدفعوها قبل مرور سبعة أيام بما فيها الجمعة والسبت لكون المكاتب تبقى مفتوحة أمام المخالفين.

- وقد أكد أحد باعة «السندويش» أن الازدحامات الحالية بدأت مع بداية هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن تستمر على حالها حتى نهاية العام، وأبدى سروره للأمر لأن زبائنه (من المخالفين) ازدادوا أضعافاً عما سبق!
وبناءً على قوله: «تضاعفت مبيعاتي ثلاث مرات»، يمكن الجزم بأن الازدحام بات على أشده حول شبابيك المخالفات، وبالتالي يمكن الجزم بأن ما بقي في جيوب الناس بعد مواسم الأعياد التي لم تنته بعد لن يكفيهم حتى نهاية السنة، لأن ما تبقى قليل جداً.. والجميع يعلم ذلك.

- إن تكاثر المخالفين فجأةً دون سابق إنذار يعني أن يوضع الواقف في فناء مكاتب الجباية أمام أحد أمرين، إما أن شرطة مرور دمشق بدأت فعلاً بتنفيذ بنود قانون المرور بشكل أكثر حزماً وهذا يقتضي استمرار الظاهرة إلى أن تقوم الجهات المختصة بوضع الحل، وإما أن تكون القضية مرتبطةً بما يروجه البعض قائلين: «إن على الشرطي ملء دفتر المخالفات الذي يحمله قبل نهاية العام!» وهذا مستبعد جداً. وعليه؛ يجب على قسم جباية المخالفات أن يجد حلاً سريعاً لتسيير معاملات الناس، والحلول كثيرة لمن يريد تبنيها، إذ يمكن اعتماد كوات الصرف الآلي التابعة للمصارف العاملة في البلد طريقةً لسداد المخالفات؛ كما يمكن إصدار طوابع مالية ذات قيم مختلفة توازي قيم المخالفات ليتم إرسالها عبر البريد لتسديد المخالفة؛ أو يمكن الاتفاق مع شركات الهواتف الخليوية لتقديم خدمة سداد المخالفات عبر الرسائل القصيرة على أن تقدم هذه الخدمة مجاناً بما يشجع الناس على التعامل معها؛ كما يمكن استثمار نوافذ جباية الفواتير (هاتف، ماء، كهرباء..) لتسديد هذه المخالفات وخاصةً أن عمل هذه النوافذ يقتصر على أيام قليلة من الشهر لكونها تعنى بالفواتير الدورية التي تصدر مرةً كل شهرين في أكثر الأحيان. ومن المؤكد أن تجارب البلدان الأخرى (العربية والعالمية) كثيرة في هذا الصدد، ففي أضعف الإيمان تقدم دوائر المرور في البلدان المجاورة (الأردن، وتركيا، والسعودية) خدمات سداد المخالفات المرورية عبر شبكة الإنترنت الوطنية (على خطا الحكومة الإلكترونية). يجب على إدارة المرور أن تقتبس حلاً عاجلاً لمساعدة الناس على سداد مخالفاتهم، فهم وإن كانوا مخالفين فإن اضطرارهم للوقوف ساعات على نوافذ صغيرة أو تحت سماء الشتاء (والصيف لاحقاً) يضر بمصالحهم وهي مرتبطة عضوياً بمصالح البلد كلها دون أدنى شك.

وسيم الدهان

المصدر: الوطن السورية

التعليقات

هل فتح حساب مصرفي بإسم المرور أصبح معجزة .. ياناس العالم تتطور ونحن مكانك راوح .. ماذا لوتم فتح حساب بإسم الخدمات ( كهرباء - مياه ـ هاتف ) في البنوك والمصارف والتسديد يتم عن طريق فروع تلك البنوك والمصاريف ..وللمعلومية أن تسديد الخدمات يتم في كثير من الدول والشخص جالس في مكتبه .

ملايين الموظفين في شركات و مؤسسات القطاع العام الخاسر هم بطالة مقنعة و تعجز وزارة الداخلية أن تفتح عدة كوات لتسدسد المخالفات ؟؟! و هل يعقل ان تعمل كوة واحدة لتسديد مخالفات مليون سيارة بدمشق؟؟؟ الجواب واحد من الاثنين : إما ان بعض المسؤولين ليسوا مهتمين للمواطن السوري لهذه الدرجة أو أن الامر متعمد لأذلال المواطن السوري الذي كره الصبر من شدة الصبر! و الخيارين أحلاهما مر ،، مع ملاحظة أن أغلب دوب الوطن العربي أصبحت تقوم بخدمة الدقع الألكتروني للمخالفات عن طريق الانترنت و الانكى أن عدة مقالات عن الموضوع كتبت في صحفنا المحلية فهل المسؤولين لدينا لايقرأون الجرائد الحكومية .؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...