مستقبل الصراع اليمني الداخلي: هل يغدو علي عبد الله صالح رئيساً مدى الحياة
الجمل: تشهد الساحة السياسية في هذه الأيام المزيد من الخلافات بسبب مسودة التعديل الدستوري المدرجة ضمن جدول أعمال جلسات البرلمان اليمني: فما هي طبيعة هذا التعديل الدستوري؟ وما هي الخلافات الجارية حوله؟ وما علاقة ذلك بالخلافات الجارية أصلاً في الساحة اليمنية؟
* أسباب التوترات السياسية اليمنية الجديدة؟
تقول المعلومات والتقارير بأن كتلة نواب الحزب الحاكم في اليمن تعد العدة لجهة تمرير تعديل دستوري يتضمن إلغاء القيد الزمني المحدد لفترة ولاية المنصب الرئاسي، الأمر الذي سوف يتيح للرئيس الحالي علي عبد الله صالح فرصة الاستمرار في منصب الرئيس اليمني لمدة مفتوحة أي رئيسا مدى الحياة.
سعت القوى السياسية المعارضة لجهة القيام بالإجراءات الاستباقية الكافية لجهة الحيلولة دون تمرير التعديل الدستوري، وفي هذا الخصوص نشير إلى الفعاليات التي قامت بها المعارضة اليمنية على النحو الآتي:
• شن حملة إعلامية تعبوية سياسية من أجل حشد الرأي العام اليمني لجهة رفض التعديل الدستوري.
• اعتصام نواب المعارضة أمام البرلمان اليمني احتجاجاً على التعديل الدستوري.
• تسيير المواكب والاحتجاجات الرافضة للتعديل الدستوري.
هذا، وتشير المعطيات الجارية خلال اليومين الماضيين إلى أن حملة الاحتجاجات والاعتصامات قد أدت إلى توتير الأجواء السياسية في العاصمة اليمنية صنعاء إضافة إلى المدن الرئيسية الأخرى.
تقوم طبيعة النظام السياسي اليمني على أساس اعتبارات تعريف اليمن بأنها جمهورية رئاسية:
- رئيس الجمهورية: يتم انتخابه عن طريق الاقتراع المباشر.
- البرلمان: ويوجد غرفتان: مجلس النواب اليمني المكون من 301 عضواً يتم انتخابهم ويمثل الغرفة الدنيا المعينة بالتشريعات، أما مجلس الشيوخ اليمني فيتكون من 111 عضواً يتم تعيينهم ومهمته متابعة أداء الدولة.
وتأسيساً على ذلك، يتولى رئيس الجمهورية مسئولية رئاسة الدولة ورئيس مجلس الوزراء مسئولية رئيس الحكومة.
* خارطة الصراع اليمني-اليمني: الملامح الجديدة
على أساس الاعتبارات المؤسسة يمكن ترسيم توزيع الأطراف ضمن خارطة الصراع السياسي اليمني-اليمني على النحو الآتي:
• الصراع ضمن الأطر المؤسسية-السياسية: وتتضمن القوى السياسية المتصارعة داخل الحكومة والبرلمان، إضافة إلى القوى الأخرى التي تعمل ضمن سياقات العملية السياسية النظامية الرسمية، ومن أبرزها:
- حزب المؤتمر الشعبي العام: وهو الحزب الحاكم، ويتمتع بالأغلبية البرلمانية إضافة إلى منصب رئيس الجمهورية والأغلبية العظمى في مجلس الوزراء.
- التجمع اليمني من أجل الإصلاح (المعارضة).
- الحزب الاشتراكي اليمني (المعارضة).
- التنظيم الشعبي الناصري الوحدوي (المعارضة).
- حزب البعث العربي الاشتراكي (المعارضة).
• الصراع خارج الأطر المؤسسية-السياسية: وتتضمن القوى التي تخوض صراعاً خارج الأطر الشرعية الدستورية ومن أبرزها:
- تنظيم الحراك الجنوبي: وينشط لجهة فصل جنوب اليمن وإعادة إقامة دولة اليمن الجنوبي.
- تنظيم الحوثيين: وينشط في مناطق الشمال اليمني وذلك لجهة الحصول على الاعتراف الرسمي بالهوية الزيدية الشيعية.
- تنظيم القاعدة: وينشط في مناطق وسط اليمن، لجهة إقامة دولة الخلافة الإسلامية في اليمن وبقية مناطق شبه الجزيرة العربية.
خلال المراحل الماضية، حدثت العديد من المواجهات وجولات الصراع بالوسائل العسكرية والأمنية بين السلطات الرسمية اليمنية والقوى المعارضة التي ظلت تنشط خارج إطار العملية السياسية الشرعية، ولكن، خلال اليومين الماضيين بدا واضحاً أن خارطة الصراع السياسي اليمني-اليمني سوف تتحول آخذة شكلاً جديداً أبرز ما فيه يتمثل في الآتي:
• ظهور قوى سياسية يمنية تسعى لخوض الصراع من أجل السلطة المركزية بالوسائل السياسية وتحديداً استخدام عمليات التعبئة السياسية السلبية الفاعلة في العاصمة اليمنية صنعاء.
• بدايات لحدوث عمليات استقطاب سياسي واصطفافات سياسية جديدة بما يتضمن دخول القوى الحديثة (المحامين، الأطباء، المعلمين..الخ) في دائرة الصراع السياسي الذي بدأت معالمه تتضح أكثر فأكثر في العاصمة صنعاء والمدن اليمنية.
حتى الآن، لا توجد تسريبات أو أي تقارير تؤكد وجود ارتباط بين القوى السياسية المعارضة التي تنشط في العاصمة اليمنية صنعاء، والقوى المعارضة التي تنشط في المناطق الأخرى (الحراك الجنوبي- الحوثيين والقاعدة)، ولكن، وبرغم ذلك، فإن الصلة الموجودة بين القوى التي تصارع داخل الشرعية والقوى التي تصارع خارج الشرعية هي صلة غير مباشرة، وذلك لجهة الآتي:
- التغذية العكسية المتبادلة بين الطرفين، وذلك لأن تزايد عدد الأطراف الضاغطة سوف يعزز من قوة وشدة تأثير فعالية الضغوط السياسية.
- إرهاق وإجهاد النظام اليمني، وذلك بسبب تزايد جبهات المواجهة، إضافة إلى عملية شد الأطراف التي سوف تتعرض لها أجهزة النظام.
لا توجد أي مؤشرات تفيد لجهة احتمالات تراجع النظام اليمني عن التعديلات الدستورية، وعلى الأغلب أن تتم عملية الموافقة عليها داخل البرلمان، طالما أن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم يسيطر على الأغلبية الكافية لإجازة وتمرير كل مشروعات القرارات التي تتبناها داخل مجلس النواب كتلته البرلمانية.
سوف يأخذ الصراع السياسي اليمني-اليمني أبعاد جديدة أكثر خطورة، وذلك لأن قيام الأحزاب السياسية البرلمانية بتنفيذ تهديداتها ومقاطعة جولة الانتخابات البرلمانية العامة سوف يؤدي إلى إجهاض مضمون العملية السياسية اليمنية، إضافة إلى تزايد انتقادات منظمات حقوق الإنسان، بما يمكن أن يؤدي إلى قيام الصحافة الغربية والأمريكية بتوجيه الانتقادات للحكومة الأمريكية والحكومات الأوروبية الداعمة لنظام الرئيس علي عبد الله صالح، الأمر الذي سيؤثر سلباً على الدعم الأمريكي-الأوروبي لليمن، لتجد قوى المعارضة اليمنية الفرصة سانحة لجهة استغلال نافذة انكشاف النظام، الأمر الذي سوف يؤدي بالضرورة إلى ما قد لا تحمل عقباه طالما أن اشتعال أي حرب أهلية يمنية يشعل السعودية وبلدان الخليج والقرن الأفريقي!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد