مصر: إجراءات تنفيذية لحكم حظر "الإخوان"
في سياق المواجهة المفتوحة بين السلطات المصرية و"الإخوان المسلمين"، أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم محلب، أمس، قراراً ببدء تنفيذ الإجراءات التنفيذية للحكم القضائي القاضي باعتبار "الإخوان" جماعة إرهابية، بما يترتب على ذلك من مصادرة أموال الجماعة وممتلكاتها، وإنزال عقوبات قاسية بحق المنضمّين إليها والمشاركين في أنشطتها، بما يصل إلى السجن المؤبد والإعدام، استناداً إلى التعديلات الأخيرة التي أدرجت على المواد القانونية الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وجاء في قرار رئيس الحكومة المصري، الذي نشر أمس، في الجريدة الرسمية: "ينفذ الحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في الدعوى رقم 3343 لسنة 2014 في جلسة 24 شباط الماضي في ما تضمنه من اعتبار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، منظمة إرهابية، وذلك طبقاً لما ورد في منطوق الحكم وأسبابه الجوهرية المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة".
ونصَّ القرار على "تنفيذ ما يترتب على هذا الحكم من آثار، أولها توقيع العقوبات المقررة قانوناً لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم أو يروّج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى وكل من يموّل أنشطتها"، بالإضافة إلى "توقيع العقوبات المقررة قانوناً على من انضم إلى الجماعة أو التنظيم واستمر عضواً في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا القرار"، فضلاً عن "إخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب العام 1998 بهذا القرار".
القرار في كل الأحوال لم يكن مفاجئا، فهو يأتي ضمن حزمة الإجراءات والخطوات التي تتخذها الدولة في مواجهة "الإخوان" بما فيها تعديل قانون العقوبات لإصدار أحكام مشددة بحق التنظيمات المتورطة في أعمال إرهابية. كما يأتي في سياق حراك دولي ضد "الإخوان" والتنظيمات المتشددة المرتبطة بها أو المتقاطعة معها.
وفي معرض تعليقه على هذا القرار الحكومي، قال الفقيه القانوني عصام الإسلامبولي، في حديث إلى "السفير"، إنه "لم تكن هناك من ضرورة لهذا القرار من الناحية القانونية"، موضحا أن "قانون العقوبات كان كافياً جداً، فهو يعتبر أي جماعة تحمل السلاح أو تمارس العنف جماعة إرهابية، كما أنه يتضمن عقوبات مشددة بحق كل من ينتمي إلى جماعة إرهابية".
ورأى الإسلامبولي أن "الحكم صدر تطبيقا لقانون موجود بالفعل، وكان يكفي في هذا الإطار تطبيق هذا القانون... أما القرار فلا أهمية له، باعتبار أن القانون، واستطراداً الحكم القضائي، كانا كافيين لقيام السلطات التنفيذية بدورها".
وأشار الإسلامبولي إلى أن "المعنى الوحيد لهذا القرار أن السلطة التنفيذية لم تكن تقوم بدورها في تطبيق القانون وأحكام القضاء من قبل"، موضحاً "لقد رأينا أعضاءً في جماعة الإخوان المسلمين يظهرون على شاشات التلفزيون، ويتحدثون باسم الجماعة، ويجاهرون بانتمائهم إليها، ولم تقم السلطات التنفيذية بأي إجراء إزاء ذلك. كذلك، فإن قرارات العفو التي أصدرها محمد مرسي أثناء فترة حكمه لصالح مدانين في قضايا إرهاب، وتلك التي أصدرها المجلس العسكري، لم يحدث شيء بشأن مراجعتها".
ولم يستبعد الاسلامبولي أن يكون قرار محلب قد استند إلى "أسباب سياسية".
في المقابل، أوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ناصر أمين لـ"السفير" أن "الحكم القضائي الصادر باعتبار الإخوان جماعة إرهابية له تبعتان. التبعة الأولى تتعلق بممتلكات الجماعة وأموالها، والحكم يعني التحفظ على تلك الأموال والممتلكات. أما التبعة الثانية فتتعلق بأنشطة الجماعة أو الانضمام إليها أو إقامة علاقة معها".
ولفت أمين إلى أن "كلاً من هذين الشقين له تبعات تنفيذية، فيجب مثلا تحديد ممتلكات الجماعة وأصولها وأموالها والهيئات التابعة لها تمهيداً لمصادرتها. وكذلك هي الحال بالنسبة إلى حظر كل نشاط للجماعة واعتباره جريمة، فالحكم يعني أن مجرد الانضمام للجماعة جريمة، وليس القيام بأي فعل. لذا فإن أمر الإحالة للمحاكمة لشخص ما قد لا يميّز بين الانتماء إلى الاخوان والمشاركة في انشطتها. هذا معنى الحكم، ومن هنا تأتي أهمية إصدار رئيس الوزراء لهذا للقرار التنفيذي".
ردّ فعل "الإخوان المسلمين" على قرار محلب، عبّر عنه اللجنة القانونية لـ"حزب الحرية والعدالة" محمد سيسي في حديث إلى"السفير"، إذ رأى أن "القرار ليس سوى استمرارا لسياسية الانقلاب على الشرعية"، مضيفاً أن "المحكمة التي أصدرت الحكم في سبتمبر أصلا غير مختصة بإصداره لأنها محكمة أمور مستعجلة".
وتابع "إذا نظرنا على أرض الواقع سنجد أن كل عمليات التفجير التي وقعت في مصر مؤخراً أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عنها، ونفت جماعة الإخوان صلتها بها".
واعتبر سيسي أن "الحكم (القضائي) سياسي والقرار (الحكومي) أيضا سياسي، وليست لهما علاقة بالقانون"، محذراً من أن "هذا القرار سيستخدم ضد أي معارض للنظام، وليس ضد الإخوان فحسب".
من جهته، قال الباحث في "مركز النيل للدراسات" احمد بان لـ"السفير" إنه "يجب فهم هذا القرار في سياق ما يحدث. فدول مهمة في العالم تشهد تحركات وإجراءات في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، مثل بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وبعض الدول العربية أيضاً".
ورأى بان أن "الدولة المصرية بهذا القرار تمارس ضغطاً على الجماعة إلى جانب الضغط الدولي لدفعها لقبول الأمر الواقع والتعامل معه".
وعما إذا كان الهدف من القرار قطع الطريق على أي محاولات مصالحة مع الجماعة، يقول بان إن "هناك أجنحة في السلطة ترفض أي مصالحة أو تسوية مع الإخوان. وأعتقد أن تلك الأطراف نفسها هي التي كانت وراء قرار فض اعتصام رابعة على هذا النحو بما يزيد من صعوبة أي محاولة للحوار والتقارب. ولكن لا يمكن أن ننفي وجود متطرفين على الجانب الآخر بما يؤدي إلى المزيد من التعقيد".
ولكن ما يجب التساؤل حوله هو جدوى تلك القرارات والإجراءات في كبح "الإخوان"... وفي هذا الإطار، يقول بان، المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن "التجربة التاريخية تظهر أن قرارات الحظر والمنع والملاحقة الأمنية لم تنجح في وقف جماعة الإخوان المسلمين".
من جهة ثانية، أجرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون محادثات في القاهرة مع الرئيس المؤقت عدلي منصور ووزير الخارجية نبيل فهمي والمرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي.
وأكدت آشتون، خلال لقائها منصور، "حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز علاقاته مع مصر"، معربة عن تطلع الأوروبيين إلى "استكمال مصر لخريطة المستقبل".
من جهته، أكد منصور "حرص الدولة المصرية على أن تُجرى كافة الاستحقاقات المقبلة، وأولها الانتخابات الرئاسية، في مناخ تسوده النزاهة والشفافية والعدالة، ومن ثم تم توجيه الدعوة إلى العديد من الجهات الدولية لمتابعة سير العملية الانتخابية المقبلة، ومن بينها الاتحاد الأوروبي".
وفي هذا الإطار، اتفقت آشتون وفهمي على قيام الاتحاد الأوروبي بنشر بعثة أوروبية لمتابعة الانتخابات الرئاسية المقبلة". وأفاد بيان مشترك بأن "الممثلة العليا أشتون ترحب بقرب التوقيع على الاتفاقات اللازمة في هذا الشأن مع كل من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ووزارة الخارجية المصرية، بما يسمح بتحرك متابعي الاتحاد الأوروبي بمختلف أنحاء البلاد من دون عوائق والنفاذ لكل الأطراف السياسية ذات الصلة والتي تتمتع بوضعية قانونية". وأضاف البيان أنه "اتساقاً مع المنهج المعتاد من قبل الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بنشر بعثات متابعة الانتخابات في مختلف أنحاء العالم، فإن هذه البعثة ستقوم بأداء مهامها وإجراء تقييم للعملية الانتخابية بصورة محايدة ونزيهة".
مصطقى بسيوني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد