مـرسـي رئـيـسـاً عـلـى «الـريـمـوت كـونـتـرول»
لماذا تنسى مؤسسة الرئاسة المصرية الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والتسيب الأمني، وتتفرغ للفضائيات التي تنتقد الرئيس؟ يتردّد هذا السؤال كثيراً في الشارع المصري، بعد إحالة العديد من الإعلاميين على النيابة، بتهمة إهانة الرئيس. هكذا، صار شعار المرحلة بالنسبة للمصريين: «سيب الريموت كونترول يا ريس وركّز مع مشاكل الغلابة شوية».
وكان الإعلامي محمود سعد أوّل من تقدّمت رئاسة الجمهورية ببلاغ ضدّه، يتهمّه بإهانة وسبّ رئيس الجمهورية، على خلفيّة حلقة قدمها سعد على قناة «النهار» الفضائية يوم 23 تشرين الثاني الماضي. وقد تمّ استدعاء سعد للتحقيق معه، ثمّ قررت النيابة إخلاء سبيله بكفالة في 6 كانون الأول الحالي. ما تعرض له محمود سعد، تكرّر في 29 الشهر الماضي، يوم ألقى الرئيس المصري خطاباً على شاشة التلفزيون، وكان من المفترض أن يعلّق عليه في الاستوديو مع سعد، محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب «الدستور». لكنّ ذلك لم يحصل، وبدت ملامح الضيق على وجه سعد حين أطلّ وحيداً، ورفض التعليق على غياب ضيفه. وعلم من مصادر داخل «النهار»، أن مؤسسة الرئاسة مارست ضغوطاً على القناة، لمنع تعليق البرادعي على خطاب الرئيس. وهذا ما أكّده محمد بركات، أحد الأعضاء المؤسسين لحزب «الدستور»، لافتاً إلى أنّ القناة تلقت تهديدات من مؤسسة الرئاسة، فتفهم البرادعي الأمر، وغادر القناة.
الضغوط التي تمارسها الرئاسة على القنوات الفضائية تكررت مع «سي بي سي»، وتحديداً مع خيري رمضان صاحب برنامج «ممكن». وكان هذا الأخير أعلن استقالته على الهواء، بسبب «ضغوط» من «جهة ما» ترفض ظهور المرشح الرئاسي السابق ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، كما قال. وعلى حسابه على موقع «تويتر»، قال حمدين صباحي زعيم «التيار الشعبي»، إنَّ السبب الرئيسي في منعه من الظهور على شاشة الـ«سي بي سي»، هو أنّ رئاسة الجمهورية ضغطت على القناة وهددتها بالإغلاق، إذا استضافته.
في الرابع من كانون الأول تجمّع عشرات من المذيعين والمعدين والمخرجين العاملين في التلفزيون الرسمي، أمام مبنى «اتحاد الإذاعة والتلفزيون/ ماسبيرو»، للمطالبة بإقالة وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود، مؤكّدين أنّ الإعلام المصري يشوّه التظاهرات المعارضة لمرسي ويهتمّ بتظاهرات الإسلاميين فقط. وقالت الإعلامية هالة فهمي، التي شاركت في التظاهرة : «عبد المقصود هو مندوب الرئاسة في «ماسبيرو»، ويتعامل مع التلفزيون بمنطق أنه ملك خاص لمرسي ولجماعة «الإخوان»، ونحن نرفض ذلك». وأكّدت الإعلاميّة بثينة كامل على وجود ضغوط على «ماسبيرو» تمارسها الرئاسة، مشيرةً إلى أنّ معارضي مرسي أصبحوا ممنوعين من الظهور كضيوف، كما أنّ العاملين المعارضين في التلفزيون الحكومي، يتمّ تحويلهم للتحقيق أو وقفهم عن العمل.
وتأتي الضغوط، التي تمارسها الرئاسة على بعض القنوات الفضائية، في وقت يحاصر فيه المئات من شباب التيار الإسلامي المؤيد لمرسي، مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة، مؤكدين أنهم يريدون «تطهير الإعلام».
«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، استنكرت تصرفات الرئاسة المصريّة تجاه وسائل الإعلام، ووصفتها بـ«السياسة الجديدة»، والمتمثّلة بالتقدّم ببلاغات للنائب العام تتهمّ فيها الإعلاميين بإهانة رئيس الجمهورية. وأضافت الشبكة أنَّ «وعود الرئيس الانتخابية تتساقط واحداً تلو الآخر، منذ توليه منصبه، إذ سبق وتعهّد خلال حملته الانتخابية بحماية حرية الإعلام، مؤكداً أنه لن يقصف قلماً في عهده، والآن وبعد 5 أشهر من الانتهاكات المتتالية للحريات العامة، تأتي مؤسسة الرئاسة لتشرف بنفسها على جرّ الصحافيين إلى المحاكم». وحذرت الشبكة رئيس الجمهورية وجماعة «الإخوان المسلمين» من التمادي في منهجية القمع، وطالبتهم بتلافي الأخطاء والاستفزازات التي كانت سبباً لاندلاع الثورة المصرية وإسقاط مبارك.
مصطفى فتحي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد