ميس الكريدي : ذاكرة الندم الحلقة الثالثة صيف 20012
الجمل ـ ميس الكريدي:
و التقيته شاب بعمر سبع عشرة سنة، مصاب في مصر، شاب من بلدي ..تعاطفت مع وجهه الطفولي وأخذته جانبا لأسأله من ورطه بالعمل المسلح وهو بهذا السن الصغير ..وقال لي أنها الاصابة الثانية وكان عطب قدمه شبه واضح في مشيته ..ونشأت بيني وبينه علاقة تعاطف لاحساسي بأنه ضحية .
أخذ يروي لي سردياته عما التقطه من آفات الحرب ولأول مرة أسمع من داخل الحدث ما كنت أظنه مجرد إعلام عن الكابيتكون حيث يستبدلون الحبة بطلقة بعد أن يوزعونها عليهم بالآلاف . ولكن البعض يريد المزيد فينجزون تجارتهم فيما بينهم بالطلقات والكابتيكون ..وقال لي : أنا لم أتعاط ورفضت ان اخد كابيتكون .
ومن جملة الأحاديث شكى وضعه المادي السيء وإهماله في مصر وخذلانه بمن هم سوريين مثله وقال لي أريد أن أعود إلى سورية هناك القلب على القلب وهنا يسرقون اللقمة من بعضهم وأنا تعودت أن أقتسم اللقمة مع رفاقي ...
وتمنيت عليه أن أستمهله أن لا يعود للقتال حتى لا يقتل في حرب وقودها السوريون .....ثم حدثني عن زيارته إلى مكتب المجلس (( الوطني )) للمعارضة وممثله في القاهرة وقال لي مثل متسول عاملني وأعطاني 100 دولار رفضت أن آخذها وطلبت منه أن يعيدني إلى سورية .
وعيني تدمع وأنا أستمع إليه وأحاول أن أشرح له أن الموت هو ما ينتظره في معركته الورطة ضد أهله وضد شباب مثله مجندين في الجيش العربي السوري .
وبقيت أطلب منه أن يتأنى في خيار السلاح ...
واتصلت بممثل المعارضة العتيد وذهبت لزيارته لأجده يتلصص على المستخدمة التي كانت تنظف المكان ..ويمارس عاداته السرية بعد أن هرب من سورية وجل ماناضل من خلاله كان جمع تبرعات ثورية .
عاتبته بشأن الشاب ووصلت بيننا الأمور إلى طريق مسدود .
بعد عدة أيام اتصل بي صديق هذا الشاب الطفل ليبلغني أن هناك مكتب تسليح للمعارضة مفتوح في غازي عينتاب ومن خلال بعض هذه المعارضة أمنوا له السفر إلى القتال في سورية ..وهائمة على وجهي لايقاف مقتل الشاب الذي تم زجه فيما لا يدركه وهو يتيم الأبوين واخوته تزوجوا وتركوه من صغره فاقدا للأسرة والاحتضان ..اتصلت بالرموز التي تتوارى خلف أطروحاتها الثورية لتسهل مقتل شبابنا ولكن لم يردوا على الهاتف فهم صاروا مسؤولين أشد فظاظة من أولئك الذين مارسوا ضدنا فسادهم في البلاد .
وقبل ساحة طلعت حرب حيث يجتمعون في مقاهي القاهرة التقطت أحدهم في الشارع ومعه بعض الأشخاص السوريين وتقدمت كالذئبة المجروحة نحوه وقلت :
أنت أنت أرسلت ابني للقتال ..
وقال : مين مين ابنك
وقلت : ابني وكلهم أبنائي ذلك الشاب الذي أوصيتك أن تحميه من نفسك لماذا أرسلته ؟!! لم لاتذهب أنت سيكون من حسن حظ الشعب السوري أن يتخلص من أشخاص مثلك وابنك ايها الزعيم ، ألم تقف متسولا على أبواب سفارات الخليج لتؤمن له عقد عمل؟ لم لم ترسل ابنك! وحلفت بشرفي أنه لو حصل مكروه لهذا الشاب سأكون خصمكم لآخر العمر يا تجار الحرب .....وتدخل الموجودين لمنعي من التهجم على المعارض العتيد ..والذي اشتغل بعدها ماسح أحذية عند المعارض الذي كان اسفنجة التمويل الأوربي ر.س..
يتبع.. و عندي من الحكايات ماتكفي لمدونات تملأ الأرض ضجيجا إنسانيا، انشروها.. لا أريد أن أتكسب منها أو أجعل منها مصدر رزق لأنها ذاكرة ثمنها دم أولادنا .
إضافة تعليق جديد