هل تنجح الدراما السورية في التحوّل إلى صناعة في 2012؟
فيما يبقى الشكل النهائي للموسم الدرامي السوري الرمضاني 2012 متروكاً للتوقعات وللتحليلات ولأرقام مشاريع أعلنت من دون أن نعرف ظروف إنتاجها واحتمالات تأجيلها. وبينما يبقى حسم الجدل حولها مرجأ إلى حين بدء الموسم الرمضاني فعلياً... لا شيء أكيدا الا أن عام 2012 هو عام الاستحقاقات بالنسبة للدراما السورية.
قد نشهد انخفاضاً في عدد المسلسلات المنتجة في الدراما السورية لهذا العام، ويرافق هذا الانخفاض تخوّف من مقاطعة عربية محتملة للإنتاج السوري. لكن الحديث عن استحقاقات لا يـعني عدد المسلسلات ولا حجم تسويقها ولا حتى مستوياتها الفنية؟ لأن تلك ليست سوى استحقاقات جزئية سنوية، يتذبذب خطها البياني من عام إلى آخر. أما الاستحقاقات الحقيقية فهي تلك التي تؤسس إلى تحول الدراما السورية إلى صناعة حقيقية تعمل وفق خطط عمل واستراتيجيات بعيدة الأمد. بمعنى صناعة تصنع المزاج الدرامي السوري كل عام وتمليه على الفضائيات العربية. والمقصود بالمزاج الدرامي، لا يعني تكرار التجربة التي حصلت مع مسلسل «باب الحارة»، حين صبغ نجاحه الموسم الرمضاني الذي تلى عرضه معظم المسلسلات السورية باللون «الشامي» أي حوّلها إلى مسلسلات البيئة الشامية.
كما أن الصناعة الفعلية «لا يهبط قلبها» لقرار رأس المال الخارجي بمقاطعتها أو عدم شرائها.... وهي صناعة تتسع للموهوبين من غير الأكاديميين، لكنها لا تترك مفتوحة لتجاربهم...
بعد كل هذا يمكن القول إن العام 2012 سيحمل البشائر الأولى لتحول الدراما السورية إلى صناعة. فسنشهد في هذا العام تأسيس «المعهد العالي للفنون» والذي لن يتوقف عند حدود تخريج مخرجين أكاديميين بقدر ما سيقوم بتخريج متخصصين أكاديميين آخرين في مجال الفنون التلفزيونية الدرامية أيضاً. والمعهد سيقام ضمن مشروع «مدينة الإنتاج الإعلامي» التي ستكون بدورها فاعلة خلال عام...ولا سيما أن «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» القيّمة على المشروعين، بدأت خطواتها التنفيذية الفعلية لإطلاقهما. بمعنى أنهما خرجا من مرحلة الورق، ودخلا المرحلة العملية.
وفي العام 2012 سنشهد أيضاً توقيع وتنفيذ أولى الأعمال الدرامية ضمن مشروع شراكة القطاع العام الدرامي السوري مع القطاع الخاص السوري، والذي كانت «المؤسسة العامة للإنتاج التلــفزيوني والإذاعي» قد أعلنته... وبدء تفعيل هذا المشروع يعني البداية الفعلية لتحرر جزئي للدراما الــسورية من المال الخارجي. الأمر الذي سيـسمح في سنوات بتفلّت الدراما السـورية من البحث، وبالتالي تقديم، ما يريده السوق الدرامي، وانتقالها إلى موقع صانع المزاج الدرامي.
وفي العام 2012 سيتبلور حضور القطاع العام الدرامي، بالشــكل الذي لطالمـا نادى به صــناع الدراما. ويقدر إنتاجه لهذا العام بنحو ربع أو خمس الإنتاج الدرامي السوري، وهو ينفذ وفق معـادلات فنية وإنتاجية تنافسية، بمشاركة نجوم الصف الأول في الدراما السورية. وبحسب معلومات فإن واحدا من أهم مخرجي الدراما السورية وواحدا من أهم كتابها وقعا عقديهما مع «المؤسسة العامة للإنتاج التلفــزيوني والإذاعي» لتنفيذ عمل لهما خلال العام الجاري. كما علمنا بأن المؤسسة نجحت فعلياً في تسويق جزء من أعمالها في فضائيتين عربيتين خليجيتين، سيعلن عنهما قريباً، خلافاً لأحاديث المقاطعة.
ومن المأمول أن يشهد العام 2012 ولادة عدد من الفضائيات السورية الخاصة، بعد أن تم تفعيل قانون الإعلام الجديد، واستهل «المجلس الأعلى للإعلام» أعماله، بمهمة منح تراخيص لفضائيات خاصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الترخيص.
هكذا سيكون العام 2012 عام الاستحقاقات بالنسبة للدراما السورية. قد لا نغفل حسابات التسويق وانخفاض الإنتاج أو حتى احتمالات المقاطعة... ولكن من يصنع للغد البعيد، لن تعيقه خسائر صغيرة، إن حدثت... ونأمل ألا تحدث.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد