هل يكرر القطاع الخاص في الإذاعة ما أنجزه في التلفزيون؟
دخول القطاع الخاص الخجول إلى خط الدراما الإذاعية في سوريا، بعد دخوله الخجول أيضاً إلى قطاع الإنتاج السينمائي، هو آخر ما سجله العام 2010 على الصعيد الفني.
تعالت الأصوات مطالبة هذا القطاع بدخول مجال الإنتاج السينمائي، مع تبني ما كان يردده المخرج هيثم حقي دائماً: «وصلنا عبر الدراما السورية الى أقصى بيت في الوطن العربي، وعبر السينما السورية سنعبر نحو العالمية».
ومن خلال ما حققته التجارب السينمائية الخاصة حتى الآن من حضور، ربما تصبح الأمنية ببلوغ العالمية أمراً مشروعاً، ولا سيما فيلم حاتم علي «الليل الطويل»، وهو من إنتاج حقي، الذي حصد جوائز على مستوى عالمي، الى جانب المستوى السينمائي الهوليودي الذي قدمه المخرج نجدة أنزور في 14 دقيقة من فيلمه الذي لم يكتمل «الظلم... سنوات العذاب»، (شاهدناها منذ عامين على هامش تكريمه في «مهرجان دمشق السينمائي»)، بالإضافة إلى تجربتين متميزتين لكل من جود سعيد في «مرة أخرى» ومحمد عبد العزيز في «دمشق مع حبي».
كل هذه التجارب تؤسس لمشروع سينمائي خاص، يمكن له أن يلاقي إنتاج القطاع العام الممثل «بالمؤسسة العامة للسينما»، ويشكل منافساً حقيقياً له، قبل أن يشكلا معاً النواة الأولى الملائمة لولادة التجربة السينمائية السورية المنشودة.
نتحدث هنا عن أحد عوامل النهوض السينمائي، أي وجود الخبرة والموهبة الإخراجية التي يمكن أن نثق بمنجزها، ونقدر ما أنجزه القطاع الخاص سينمائياً على يد شركة «ريل فيلم» للمخرج هيثم حقي التي تعمل لصالح «أوربيت»، أو ما قدمته شركة طعمة الدولية، وتجارب الشراكة التي خاضتها شركة «سورية الدولية» مع مؤسسة السينما على هذا الصعيد، وقبلهما المنتج فيصل مرعي. لكن تجارب هؤلاء لا تكفي وحدها لنهضة سينمائية، لأن هناك عوامل كثيرة تتطلبها هذه النهضة، أولها دُور العرض السينمائي، التي يجب أن يزداد عددها في المدن حتى تصل الى الأحياء السكنية الصغيرة.
إن كانت دور العرض تشكل عائقاً حقيقياً أمام المشروع السينمائي، فهل يواجه القطاع الخاص مشكلة «منبر العرض» ذاتها، إذا ما تكلمنا عن خوضه غمار الإنتاج الدرامي الإذاعي الخاص؟
حتى الساعة يقتصر دخول القطاع الخاص الإنتاج الدرامي الإذاعي على شركة «الفردوس»، وصاحبتها الفنانة لورا أبو أسعد التي أنتجت عملين خلال العام 2010، أولهما «يوميات مهند ونور» الذي كتبه خطيب بدلة، انطلاقاً من نجاح المسلسل التركي المدبلج الشهير «نور» لكن بخصوصية سورية، وأدى فيه دوري البطولة كل من الفنانة أبو أسعد والفنان مجد رياض. والعمل الثاني بعنوان «أنا وفيروز..والزمن الطويل» بصوت الفنانة منى واصف، الذي يتناول أغاني فيروز ومعانيها وخلفياتها.
ربما يحمل العام الجاري 2011 المزيد من المشاريع الدرامية الإذاعية، ذات الإنتاج الخاص، لكن هل ستدخل هذه المشاريع حالة المخاض الطويل، التي دخلها القطاع الخاص في السينما ولم يزل؟!
يمكن النظر إلى أن القطاع الخاص يدخل إلى خط الدراما الإذاعية السورية بظروف مشابهة لدخوله على خط الإنتاج الدرامي التلفزيوني. فكل من الإنتاج التلفزيوني والإذاعي كان قد ازدهر في القطاع العام، وأصيب بنكسة متفاوتة الأثر، تجاوزتها الدراما التلفزيونية عبر الإنتاج الخاص السوري. ويمكن للدراما الإذاعية أن تكرر التجربة أيضاً، مع فارق ملحوظ لحجم الانتشار العربي لهذا الإنتاج، وحجم الرأسمال العربي له. لكن في المقابل يجب أن لا نغفل العدد الكبير نسبياً من المنابر الإذاعية السورية الخاصة التي تبث على أثير «أف أم»، وهو الذي لم يتحقق للدراما التلفزيونية محلياً، وهذه المنابر تعنى بدرجة أساسية بالبرامج المنوعة، وبالتالي يمكن لها أن تستوعب عدداً كبيراً من الإنتاج الدرامي الإذاعي الخاص، بالإضافة إلى ما يمكن أن تستوعبه الإذاعات الرسمية.
إذاً لو قدر للدراما الإذاعية الخاصة الظهور بشكل واسع، فستكون سوقها بالدرجة الأولى محلية، لكن هذا لا يعني نهاية المطاف، إذ تعاني كثير من الإذاعات الخاصة السورية من قدراتها المالية المحدودة، وبالتالي يبدو أن نجاحها في تبني هذه الأعمال الإذاعية رهن بقدرتها على تأمين الرعاية الإعلانية لهذه الأعمال، أو قدرة هذه الأعمال على الخروج من حدود محليتها لتدخل أثير إذاعات عربية.
وفي الحالتين لا بد من الاعتماد على نجومية الممثل السوري في التسويق وجذب المعلن، ما يعني أن الخطوة الأولى التي تحتاج اليها الدراما الإذاعية السورية الخاصة هي استقطاب نجوم الصف الأول. فهل يغادر النجوم السوريون ملايين التلفزيون دعماً لمشروع وليد، يمكن أن يعود عليهم ذات يوم بالملايين أيضاً؟
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد