(وثائق سورية): مذكرة رئيس الوزارة السورية إلى الحلفاء

24-12-2009

(وثائق سورية): مذكرة رئيس الوزارة السورية إلى الحلفاء

مذكرة رئيس الوزارة السورية إلى الحلفاء

أتشرف بأن أحيطكم علماً بما يلي:
 لقد أقدم الشعب العربي على الانضمام إلى الحلفاء واثقاً بما صرحوا به عن مقاصدهم من الحرب، واحتمل في جهاده معهم جسيم الضحايا بالرجال والمال. فاعترف قواد الحلفاء رسمياً غير مرة بكفاءة مساعدة العرب.
 ولم ينقطع رجال حكومات الحلفاء خلال ذلك عن الوعد للعرب بتحقيق أمانيهم الطبيعية واسترجاع حقوقهم التي اهتضمها الترك، فزادت هذه الوعود في بسالة العرب، وجعلت إخلاصهم لقضية الحلفاء فائقة الحد.
 ثم أن مؤتمر الصلح جاءهم في عهد عصبة الأمم بوعود جديدة بالاستقلال والحكم الذاتي.
 على أنه قد انقضت شهور عديدة ولم تخرج هذه الوعود إلى حيز الفعل، ولم ينل العرب ما يطلبونه من الحقوق التي غالوا في دفع ثمنها بالرجال والمال. وأصبحت سورية مقسمة إلى ثلاث مناطق، سادت في مقاطعاتها إدارة عسكرية، في ظروف لا شيء فيها من النظام الاقتصادي أو الإداري، مما جعل حالة البلاد المؤسفة في أشد حاجة لتنظيم مواردها درءاً للأضرار التي أنتجتها الحرب.
 ورأى الشعب بتأجيل تحقيق أمانيه الموعود بها مراراً عوامل خوف على وحدته الوطنية، وكيانه المقبل، فأصبح مساقاً بما وقع فيه من الخلل الاقتصادي والإداري إلى أعمال اليأس والقنوط، وبدأت الفتن السياسية في نقاط عديدة واتخذت شكلاً يرمز إلى امتدادها امتداداً مريعاً.
 رأى القسم المستنير من الشعب في هذه الحالة أن الواجب يقضي عليه بتلافي الموقف قبل حروجته، فاجتمع مؤتمر سوري لهذه الغاية مؤلف من مندوبين عن كل أقطار سورية، منتخبين انتخاباً نظامياً؛ وبعد درس الموقف والتعمق في البحث، أصدر قراراً في 8 آذار سنة 1920، أعلن فيه استقلال سورية التام بمناطقها الثلاث؛ ورفع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل إلى عرش سورية.
 وقد أحدث هذا القرار أعظم ابتهاج في كل مكان. ورأى فيه العموم وسيلة تقضي على الأزمة التي يشكون منها، وتضمن لهم التمتع بحق الاستقلال التام والحكم الذاتي المشروع، الذي منحتهم إياه الطبيعة وأيده الحلفاء مراراً.
 وعلى أثر هذا الحادث تعطف جلالة مولاي الأعظم فيصل وعهد إلي بتأليف وزارة تحكم البلاد طبقاً للمبادئ الدستورية. وتتضمن خطة هذه الوزارة التي وافق عليها جلالته ما يأتي:
1-صيانة وتأييد الاستقلال التام الذي أعلن.
2-صيانة وتوطيد الأمن العام في كل القطر السوري، توزيع العدالة بدون تفريق بين العناصر والمذاهب، وصيانة حقوق الأقلية، وحماية مصالح الدول الموالية ورعاياها.
3-إنشاء خير الصلات بين سورية والدول الأجنبية.
4-السعي لتنظيم البلاد تنظيماً يضمن رقي مواردها الطبيعية وتقدمها الأدبي.
5-معاونة الحلفاء معاونة نزيهة في صيانة السلم العام في الشرق.
 وها إني أرسل إليكم ترجمة مطابقة للأصل عن قرار المؤتمر السوري، واثقاً أن حكومتكم تقدر العوامل التي أنتجت تصرف المؤتمر، وتعترف أنه خضع لضرورة لا مرد لها، وأنه لم يقم إلا بتأييد حق مقدس.
  وترون أن الخطة التي أتشرف بإرسالها إليكم، لا تترك مجالاً للارتياب بعزمنا الوطيد على إنشاء صلات ودية تضمن بها المصالح المتبادلة بيننا وبين الحلفاء وعلى الأخص مع بلادكم الكريمة، التي كانت لنا عوناً ثميناً في تحقيق أمانينا الوطنية.
 فبهذا الشعور آمل أن ننال من حكومتكم على الدوام ثقتها ومساعدتها الثمينتين، كما في الماضي، لتسهيل مهمتنا. وتأكدوا يا صاحب السعادة أننا لن نهمل وسيلة ما لتوطيد حسن التآلف الموجود بين بلادنا.
 وتفضلوا يا صاحب السعادة بقبول فائق احتراماتي الأكيدة.
آذار 1920م.
                                                                            علي رضا الركابي
                                                                          رئيس الوزارة السورية
المصدر: يوم ميسلون، ساطع الحصري، ص 272.

الجمل- إعداد:د. سلميان عبد النبي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...