3 مليارات رشوة تلقاها موظفو بلديات لتسوية المخالفات
كشفت دراسة متخصصة عن زيادة أعداد المخالفات وخاصة ضمن مناطق السكن النظامية، حيث قام المخالفون باستغلال فساد البلديات والوحدات الإدارية من خلال حجز مجموعة من الأرقام في سجل ضبط المخالفات تترك فارغة، وذلك عبر قيام المخالف بالتعاون مع بعض الفاسدين في البلدية بإشادة المخالفة وإثبات قدمها عن طريق السجلات بتاريخ سابق للمرسوم 40 لعام 2012 المتعلق بالمخالفات الذي صدر في تموز الماضي.
وذكرت الدراسة التي أعدها الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن التسوية على تلك المخالفات تتم «بشكل طبيعي»، مؤكدة أن هذه الحالات بلغت على مستوى القطر حدود 5000 حالة، أما حالات المخالفات غير المضبوطة والتي جرت بعد صدور المرسوم فيصل عددها إلى ما يقارب 20000 حالة.
وأضاف الباحث في دراسته: إن الأخطر بذلك يتمثل في حجم الفساد الذي تخلل هذا الملف، إذ تشير التقديرات إلى دفع مبالغ وأموال تصل إلى مبلغ فلكي يقارب 3 مليارات ليرة دفعت للموظفين المرتشين للسكوت عن هذه المخالفات.
وبينت الدراسة أن الأحداث جعلت سورية أمام فرصة حقيقية لإعادة إسكان المواطن السوري ضمن بيئة عقارية سليمة ومناطق منظمة من جديد وهنا لابد لنا من السؤال: وماذا بعد؟؟
تؤكد الدراسة أن المراقب للوضع العقاري العام يرى أن هنالك مجموعة من المناطق العشوائية من الواجب إزالتها وإعادة بنائها من جديد سواء كانت هذه المناطق دمرت في الأحداث الأخيرة أم بقيت آمنة وذلك لعدة أسباب منها أن تلك المناطق العشوائية لا يمكن أن تتحول إلى مناطق سليمة من الناحية العمرانية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
وتضيف الدراسة: إنه بإحصائية بسيطة يمكن من خلالها تقدير أن قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها 10000 متر مربع أن يشاد فيها ما يقارب 10 أبراج يصل عدد طوابقها إلى 25 طابقاً، في كل طابق خمس شقق وسطياً بمساحة 100 متر مربع لكل منها.
وإذا اعتبرنا أن عدد أفراد الأسرة يبلغ خمسة أفراد فنستنتج أنه يمكن إسكان ما يزيد على 6250 شخصاً فيما يعادل 1250 شقة في المجمع الواحد، مع ملاحظة أنه تم استخدام نصف مساحة الأرض في هذه الأبنية وترك المساحة الباقية، أما للاستثمار التجاري أو مساحات خضراء في حين أنه لم يكن بالإمكان استيعاب أكثر من 1000 شخص في نفس المساحة وبشروط غير صحية إطلاقاً وبنية غير سليمة عمرانياً واجتماعيا واقتصادياً، فيمكن لمنطقة كجوبر أو منطقة مزة 86 أن تستوعب وفقاً لهذه الخطة ما يزيد على 450000 شخص ضمن بنية سليمة عقارياً واجتماعياً وأبنية حديثة.
وتقول الدراسة: إن الوفر المتحقق في المساحة المتبقية يمكن استغلاله إما كمساحات خضراء أو في إنشاء قطاعات خدمية وأسواق تجارية ومنشآت سياحية ما يغطي كامل كلفة بناء تلك المساكن ويزيد بنسبة تقارب 30% من مجموع كلف البناء الأمر الذي يؤسس لتحقيق أرباح للحكومة وللخزينة بشكل عام.
وتشدد الدراسة على أنه لا يكفي إعادة إعمار المناطق العشوائية المدمرة بل لابد من إعادة بناء العشوائيات التي لم تتأثر بالأحداث وخاصة تلك الموجودة في مراكز المدن، ومثلاً عنها منطقتا مزة 86 والدويلعة وغيرهما في مدينة دمشق حيث بلغ عدد سكان هذه المناطق ما يقارب 3 ملايين مواطن قبل الأزمة وارتفع لما يقارب 5 ملايين نتيجة النزوح من مناطق التوتر.
وحددت الدراسة حجم السكن العشوائي والبناء المخالف في سورية قبل الأزمة الذي وصلت فيه عدد المناطق العشوائية إلى ما يقارب 115 منطقة سكن عشوائي يقيم فيها 40% من سكان سورية وذلك حسب إحصائيات حكومية قبل الأزمة، تلك المناطق توزعت في أغلبيتها بين دمشق وريفها وحلب وريفها وحمص.
كما قسمت الدراسة الأزمة إلى مراحل زمنية واعتماد مؤشرات الحالة الأمنية وإسقاطها على المناطق المخالفة، حيث في السنة الأولى من الأزمة ونتيجة الفلتان الأمني في بعض المناطق والمتواكب مع فساد الجهات الإدارية وخاصة البلديات ظهرت إلى العلن مجموعة من المخالفات الواضحة والصريحة تحت مبرر أن الجهة الإدارية لا تستطيع قمع هذه المخالفات خوفاً من تجمعات الأهالي وتحولها إلى مظاهرات تهدد السلم المحلي فبلغ عدد المخالفات المشادة في تلك الفترة ما يقارب 750000 مخالفة تراوحت بين بناء غرفة على السطح إلى بناء أبراج كاملة في بعض المناطق فكانت تلك الفترة هي العصر الذهبي للمخالفين.
وميزت الدراسة بين مناطق السكن العشوائي والمناطق المنظمة فيما يتعلق بحجم المخالفات حيث بلغت نسبة المخالفات في مناطق السكن العشوائي ما يقارب 90% بواقع 675000 مخالفة ونسبة 10% في المناطق النظامية بواقع 75000 مخالفة.
ونوه الباحث الاقتصادي في دراسته إلى أن أغلبية المخالفات متركزة في الريف حيث بلغت نسبة المخالفات في الريف 70% «472500 مخالفة»، والمدن 30% بواقع «202500» مخالفة وذلك كله ضمن مناطق العشوائيات بنسب متقاربة بين المدن السورية كل حسب عدد السكان، عدا المحافظات الآمنة نسبياً حيث تنخفض نسبة المخالفات بشكل عام.
وعن المرحلة الثانية التي تبدأ في السنة الثانية للأزمة، أفرزت تلك العشوائيات مظاهر الإرهاب المسلح وكانت البيئة الحاضنة لتلك المجموعات المسلحة بامتياز ما أدى إلى نزوح هائل للسكان من تلك المناطق وتحولت إلى مناطق موبوءة بالإرهابيين أدى ذلك الأمر لنشوب معارك بينهم وبين القوات المسلحة، ما أدى لتدمير عدد كبير من تلك المناطق وتلك الوحدات السكنية المخالفة وإذا جرى اعتبار أنه تم تدمير ما يزيد على 1500000 وحدة سكنية سواء تدمير كلي أو جزئي أو تدمير للبنى التحتية فإن نسبة ما تم تدميره في مناطق السكن العشوائي تصل إلى ما يعادل 80% من تلك المناطق ما يجعل عدد الوحدات السكنية المخالفة المدمرة 1200000 وحدة سكنية مخالفة ونعود لنذكر أن فيها ما دمر بشكل كلي أو جزئي أو استهداف بناه التحتية ومازال هذا التدمير مستمراً حتى هذا الوقت لوجود عصابات الإرهابيين في تلك المناطق.
ورأى يوسف في ختام دراسته أن التحدي صعب في هذه المرحلة من تاريخ سورية ولابد من التوجه بشكل كامل إلى إعادة البناء، لكن لابد من القيام بذلك على أسس سليمة ولابد من اعتماد البدائل العمرانية الحديثة لكي لا تباع سورية لمجموعة من الشركات العقارية وخاصة الخليجية منها لأننا خبرنا سابقاً ذلك الأمر وكان السبب في دمار سورية.
كما أشار إلى ضرورة الاستعانة بمجموعة من الشركات المتخصصة في مجال بناء المدن وخاصة شركات تلك الدول التي وقفت مع سورية في أزمتها كـ إيران وروسيا والصين والاستفادة مما تملكه تلك الدول من إمكانية وخبرة.
فادي بك الشريف
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد