5000 لتر ماء لإنتاج لتر واحد من الوقود الحيوي
حذرت دراسة حديثة للأكاديمية السويسرية لعلوم المواد من تأثيرات محتملة للإفراط في إنتاج الوقود الحيوي على البيئة ليس بسبب الغازات العادمة فقط وإنما لانعكاسات التوسع في زراعة نوعيات محددة من المحاصيل على التنوع البيولوجي في مناطق مختلفة من العالم، وما تتطلبه تلك الزراعات من مواد وخدمات ليست بالضرورة صديقة للبيئة.
ويقول الباحث بالأكاديمية راينهارد تساه إنه يجب النظر إلى ستة قطاعات مهمة ترتبط بعملية إنتاج الوقود الحيوي، بداية من توسيع حجم إنتاج بذور تلك النباتات، ثم دورة الري ومعالجة التربة لتهيئتها لتلك النباتات، واستخدام مئات أطنان الأسمدة، ومئات الآلاف من الجرارات الزراعية، ثم عملية استخلاص الوقود الحيوي، وكلها مراحل ستدفع إلى استهلاك ضخم للطاقة.
كما يشير معد الدراسة المتخصص في التقنية والبيئة إلى أن التوسع في تلك القطاعات يتطلب زيادة هائلة في إنتاج الأسمدة والمبيدات الحشرية والكيماويات التي ستدخل في مراحل معالجة المحاصيل، ومعدات الميكنة الزراعية والشاحنات وقطع غيارها، بما في ذلك الإطارات التي يتم تصنيعها من مشتقات نفطية.
أما العامل الهام -حسب رأيه- فيتمثل في توفير كميات كبيرة المياه اللازمة للري، حيث يقول إن إنتاج لتر واحد من الوقود الحيوي يحتاج إلى 5000 لتر من الماء.
من ناحيته علق خبير اقتصاديات الطاقة بوزارة الطاقة السويسرية لوكاس غوتسفيلر على تلك الدراسة قائلا إن التأثير البيئي والمناخي للتوسع في إنتاج محاصيل الوقود الحيوي سيؤدي بلا شك إلى زيادة الصراع حول المحاصيل الغذائية الأساسية، وستكون له انعكاسات بيئية كبيرة.
وضرب لوكاس غوتسفيلر مثالا بدولة البرازيل فقال إنه إذا نظرنا إليها فسنجد أن المناطق التي يمكن استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي ستؤثر سلبيا على مساحة بقية الأراضي الموجودة في جنوب شرق البلاد بشكل كبير، بما في ذلك أيضا المراعي الحيوانية، التي يجب عليها أن تنسحب في اتجاه وسط البلاد.
ويرى أن هذا التغيير غير الطبيعي في البيئة سينعكس على سبيل المثال على الغابات الاستوائية والمطرية، فضلا عن تغيير كبير في التنوع البيولوجي في مناطق مختلفة من العالم مثل الطيور والحشرات، إذ تجب عليها الهجرة بحثا عن البيئة المناسبة لها، وقد يؤدي هذا إلى اختفاء أنواع بأكلمها بما في ذلك بعض النباتات.
كما يعتقد غوتسفيلر أن هذه الدراسة تعطي أدلة كافية على أن تكاليف إنتاج الوقود الحيوي ليست أرخص من استخراج الوقود حاليا، وقال إن مؤيدي الوقود الحيوي عليهم الإجابة عن التساؤلات المنطقية حول التغيرات البيئية المتوقعة نتيجة التوسع في زراعات الذرة وقصب السكر وغيرها.
من ناحية أخرى يشير تساه إلى أن هناك بعض الآراء التي ترى تأثيرا ضئيلا للغازات الناجمة عن احتراق الوقود الحيوي مقارنة مع المحروقات الأحفورية التقليدية، بحكم أن الأولى تطلق غازات كانت في الأصل موجودة في دورة الطبيعة، لكن هذا لا يسري على جميع أنواع الوقود الحيوي بل على نوع واحد أو اثنين على أقصى تقدير، حسب رأيه.
كما ينوه غوتسفيلر إلى أن هناك إمكانيات متعددة للحصول على الوقود الحيوي دون التعرض لتلك المشكلات البيئية مثل استخدام النفايات الحيوية والطحالب وبقايا الأخشاب، فضلا عن الطاقات المتجددة كالشمس والرياح.
ويتفق الرجلان على أن إنتاج الوقود الحيوي لن يساعد على حماية البيئة كما يروج له المؤيدون، بل سيحمل مشكلات متعددة ستتراكم آثارها على المدى البعيد.
تامر أبو العينيين
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد