دمشـق تتهم واشنطن بالتحريض ومجلس الأمن يستنكر اقتحام السفارتين وباريس تريد قراراً
بلغت حدة التوتر في العلاقات بين سوريا من جهة وأميركا وحلفائها الغربيين من جهة أخرى، مستوى غير مسبوق، على خلفية تعليقات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي استنكرتها دمشق واعتبرتها «تحريضية»، قبل أن يكررها البيت الأبيض واصفا الرئيس السوري بشار الأسد بـ«فاقد للشرعية»، ولجوء مجلس الامن الدولي الى ادانة «الهجوم» الذي تعرضت له السفارتان الاميركية والفرنسية في دمشق.
وجاء هذا الاشتباك السياسي، فيما كان اللقاء التشاوري السوري يصدر بيانا ختاميا أوصى بإنشاء لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة وتقديم المقترحات الكفيلة بصياغة دستور عصري وجدي، بعد خلاف بين الحضور على المطالبة بالغاء المادة الثامنة وحدها.
وسيزور الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وزير الخارجية المصري السابق دمشق اليوم، في اطار جولة عربية كانت السعودية محطتها الاخيرة.
وندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، «بأشد العبارات» بهجمات المتظاهرين أمس الأول على السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق. وقال البيان الصادر بالإجماع عن أعضاء المجلس الـ15 والذي تلاه على على وسائل الاعلام سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيج، إن «اعضاء مجلس الامن يدينون بأشد العبارات الهجمات على السفارتين في دمشق. في هذا الاطار يدعو اعضاء مجلس الامن السلطات السورية الى حماية المنشآت الدبلوماسية والدبلوماسيين».
لكن بعد دقائق من القاء فيتيج للبيان اتهم السفير السوري في الامم المتحدة الولايات المتحدة وفرنسا بتشويه الحقائق عن الهجمات والمبالغة في تصويرها. وابلغ السفير بشار جعفري
الصحافيين بان سوريا سعت الى حماية البعثات الدبلوماسية وان المتظاهرين الذين شاركوا في احداث الاثنين الماضي اعتقلوا وسيقدمون للعدالة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جاي كارني في مؤتمر صحافي ان هجوم الاثنين «غير مقبول... لقد ابلغنا ذلك بوضوح الى الحكومة السورية». وكرر كارني ما اعلنته كلينتون أمس الاول، لجهة ان الرئيس السوري بشار الاسد ليس شخصا «لا غنى عنه». واضاف كارني ان الاسد الذي طالبته الولايات المتحدة باطلاق عملية انتقال ديموقراطية «لم يقم بهذا الامر ... لقد فقد شرعيته».
من جهتها، علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند بالقول ان «الامور تتحسن على هذا الصعيد، ونحن نولي اهتماما اكبر بأمننا». وتابعت ان السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد التقى وزيرا مساعدا للشؤون الخارجية في سوريا وان اللقاء «انتهى بانفتاح اكبر نحو التعاون».
وكان مصدر رسمي سوري «استنكر بقوة» التصريحات التي أدلت بها أمس الأول كلينتون معتبرا أن هذه التصريحات «إنما تشكل دليلاً إضافياً على تدخل الولايات المتحدة الأميركية السافر في الشؤون الداخلية السورية». وأوضح المصدر أن «هذه التصريحات هي فعل تحريضي هادف لاستمرار التأزم الداخلي ولأهداف لا تخدم مصلحة الشعب السوري ولا طموحاته المشروعة». وقال المصدر إن «سوريا تؤكد أن شرعية قيادتها السياسية لا تستند إلى الولايات المتحدة الاميركية أو غيرها وهي تنطلق حصراً من إرادة الشعب السوري الذي يعبر بشكل يومي عن دعمه وتأييده لقيادته السياسية وللاصلاحات الجذرية التي طرحتها على التدارس والحوار».
وأضاف المصدر إنه «لا يختلف اثنان على أن العلاقات بين الدول تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ولذلك فإن الجمهورية العربية السورية تتوقع التزام الولايات المتحدة الأميركية ومبعوثيها بهذا المبدأ والامتناع عن أي تصرفات من شأنها استفزاز مشاعر السوريين واعتزازهم باستقلالهم الوطني».
من جانبها، كررت باريس مطالبتها باتخاذ مجلس الامن الدولي موقفا ازاء الازمة في سوريا. وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فييون في مقابلة اذاعية «تقدمت فرنسا وغيرها من البلدان الاوروبية بمسودة قرار لمجلس الامن التابع للامم المتحدة وهي المسودة التي اجهضتها روسيا والصين». واضاف «هذا امر لم يعد مقبولا» واصفا الهجوم على سفارة بلاده في دمشق الاثنين الماضي، الذي اسفر عن جرح ثلاثة موظفين فرنسيين، بأنه «شديد العنف» ومحذرا من انه يدل على ان «نظام الاسد بدأ يفقد سيطرته».
وحول زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي لحماه وتصريحات واشنطن قالت المستشارة الرئاسية بثينة شعبان ان الجانب الأميركي «لا يرى إلا ما يرغب به» معتبرة أن الزيارتين تدخل سافر في شؤوننا الداخلية وأنهما «سببتا غضبا شديدا في الشارع السوري»، مضيفة أيضا ان «سوريا لا تريد أن تقطع شعرة معاوية» و«إننا كبلد نحب السلام والعلاقات الودية مع الآخرين».
وعن اللقاء التشاوري الذي أصدر بيانه الختامي رأت شعبان أن اللقاء كان فرصة «جيدة جدا لتبادل الآراء والاطلاع على ما يشعر به الناس وطرح وجهات النظر في القضايا المختلفة». ورأت أن أحد المكاسب الأساسية للقاء هو «الشباب والشابات المشاركون وهذه الطاقة الهائلة لأبناء بلدنا التواقين للمشاركة الفعلية في مختلف نواحي الحياة»، مشيرة الى أن «هذا هو الحل نحو المستقبل». وأضافت شعبان في مؤتمر صحافي مساء أمس ان اللقاء «فتح الباب للانطباع بأن الحراك السياسي والاجتماعي يتجاوز بعض الشخصيات الرمزية التي اعتيد الإشارة إليها باعتبارها معارضة». وقالت «كل الأمور كانت على الطاولة»، معتبرة أن «المنتظر الآن هو صدور القوانين التي تمت مناقشتها». وحول المؤتمر الوطني المرتقب قالت إن «المهم هو معرفة القضايا التي سنناقشها وليس من يأتي وماذا يفعل ومتى»، مشيرة أيضا إلى أن «اللقاء التشاوري خطا خطوات جادة في هذا الاتجاه».
واستند اللقاء التشاوري إلى رأي الغالبية المشاركة في إجراء مراجعة دستورية تضمن توفير دستور جديد يكفل التعددية السياسية والديموقراطية في سوريا، كما أكد في مقدمة بيانه الذي صيغ ليل أمس الأول بالاتفاق على أن الاستقرار ضرورة وطنية وضمانة لتعميق الاستقرار كما أن الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في البلاد. وبدت أجواء صباح أمس أكثر ارتياحا مما كانت عليه في يومي المؤتمر، خصوصا بعد أن قبلت هيئة الحوار إعادة صياغة البيان نزولا عند رغبة الأكثرية. كما قطعت الهيئة على المشاركين فرص إبداء تعليقات مختلفة الأسباب على الصياغة الجديدة حين اقترح نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع نصا أعلى سقفا وأكثر وضوحا تجاه توجه الدولة في المسألة الدستورية، فأوضح أن تعديل المادة الثامنة منه سيقود لتعديلات أخرى مقترحا إجراء مراجعة دستورية نحو نص جديد.
زياد حيدر
المصدر: السفير
التعليقات
شـبكـة أخـبـار ســـوريـة | S.N.N
القصة واضحة
رعاة البقر الأمريكيين
تسقط النجوم ولا يسقط نظام الاسد
إضافة تعليق جديد