الجمل في إصداره الجديد

20-11-2021

الجمل في إصداره الجديد

صدرت النسخة الأولى من جريدة الجمل الإلكترونية في 31/ 3 / 2006 حيث تبنينا في عملنا المقولة الشعبية: (ماعندنا كبير غير الجمل)، بمعنى أن لاأحد فوق النقد، فكنا ضد الجميع، سلطة ومعارضة، في نقد وتصويب سياساتهم، وبالتالي كنا مع الجميع من أجل الجميع، دون تحزب لطرف ضد الآخر، حيث السلطة والمعارضة تتبادلان الأدوار وكأنهما وجهان لعملة واحدة، ليصبح سادتنا في الإشتراكية سادتنا في الرأسمالية.. وقد عانينا كثيرا جراء نهجنا هذا، فقد خسرنا دعم وتمويل مؤسسات السلطة والمعارضة معا، عدا عن الهجوم الذي تعرضنا له من كليهما، قبل الحرب على سورية، وخلالها، وحتى اللحظة..

ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، صببنا جهدنا في تعزيز المعرفة والحداثة والتنوير، وراكمنا محتوى الجمل ساعة بساعة، مؤرخين لحياة الناس ومنحازين لمصالحهم دون أي تأثير من جهات ممولة، وهذا أمر نادر في المؤسسات الإعلامية؛ حيث نشرنا أكثر من خمسة آلاف دراسة وترجمة لقسم دراسات الجمل، وكتبت أكثر من ألف مقالة نقدية تحت عنوان "شغب" ، ولم نترك قضية ملحة في حياة الناس دون تحقيق ومعالجة، وكان التفاعل الشعبي والرسمي كبيرا مع ماينشر على صفحاتنا سلبا وإيجابا..

وأما تسمية الجريدة باسم الجمل فلظننا أن المواطن العربي يشبه الجمل في قوته وصبره وحقده؛ ولأن الجمل شكل جزءا مهما في حياة العرب وثقافتهم، حتى أنهم أوجدوا أربعين اسما للناقة، منذ أن وجد أول جمل على الأرض، حيث اكتشفت بعثة تنقيب سويسرية كتف جمل عملاق منقرض في تدمر يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار، وقالوا بأنه قد يكون الجد الأكبر للجمال في العالم، وبالتالي رأينا شراكة ورفقة تاريخية بين جينوم الجمل والمواطن العربي مازالت آثارها واضحة في طباعنا وسلوكنا على الرغم من استبدالنا الجمال بالسيارات الإلكترونية الحديثة، وإنها لسخرية مرة رافقت تاريخنا الجاهلي والإسلامي والماركسي !؟

إذاً بعد ستة عشر عاما من تراكم كم هائل من المحتوى المعرفي في أرشيفنا، يمكننا تصنيف جريدة الجمل ضمن مشروعنا التنويري الذي بدأناه بتقديم موسوعات عن المجتمع السوري خلال المئة سنة الأخيرة، وشاركنا فيها نخبة من الكتاب والنقاد والباحثين والصحفيين والمترجمين والفنانين؛ فكان مشروعنا عملا جماعيا، وكنا نرى أنه يشكل جزءا من الثورة المعرفية التي تحتاجها النهضة الوطنية، بعدما أثبتت الثورات الدينية والسياسية والعسكرية العربية فشلها في الإنتقال إلى مجتمع الحداثة، إذ أن التغيير يجري أولا داخل رؤوس الناس قبل أن يتجلى في سلوكهم، وإلا فإننا نغامر بإعادة إنتاج المنتج السلفي، وتكرار أيامنا ونحن نراوح في مكاننا.

منذ بداية شهر شباط الماضي بدأت بنشر مراجعات أسبوعية على زاويتي "شغب" التي تحول خطابها من النقد الساخر إلى البحث العلمي عن تاريخ الخطأ السوري ومشتركاته العربية، إذ وجدت أن الوحدة العربية تتجلى سلبا في تماثل وتشابه الأخطاء الدينية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، مع مقاربة لحداثة شكلية بخوف وشك وحذر. فقد تُرك عموم الشعب مستنقعا في ثقافته العصملية، بينما حكموا على نخبتهم المتقدمة عليهم بالنفي والنكران.. ومن زاوية "شغب" وصفحة "عقائد" بدأت فكرة التغيير في خطاب الجمل بالإنتقال من الشكوى وتوصيف الواقع إلى تفكيكه وتحليله وإظهار نقاط ضعفه وقوته واقتراحات الإصلاح فيه، ولكن بهدوء يشبه سريان الماء في التربة الجافة، إذ لايمكن تغيير البنية السياسية من دون تجديد الخطاب الديني، بسبب التلازم التاريخي بين المؤسستين الدينية والسياسية، فحتى المعارضات العربية لم توفر استثمارها للخطاب الديني السلفي !؟

وضمن عملية تحديث خطاب الجمل يشاركنا مهندس البرمجيات الكاتب السوري الأيهم صالح في أيقونة مميزة على الجمل بعنوان (المربع الثاني) وتتضمن مقالات له وترجمات حول علوم المستقبل، وهذا جهد إضافي ينضاف إلى جهوده في استمرار برمجة الجمل رغم كل التهديدات ومحاولات الإختراق له منذ ستة عشر عاما، عندما استخدمنا برمجة دروبال الذي تمت ترقية نسخه دوريا وصولا إلى الجيل التاسع في إصدارنا الجديد، حيث صمم الأيهم ميزات جديدة خاصة بالجمل ستتم مشاركتها مع مجتمع دروبال، حيث يتحول الجمل من آخذ إلى معطٍ لمجتمع دروبال.

اليوم نكمل معكم بإصدارنا الجديد للجمل، آملين استمرار متابعتكم وتصويبكم ودعمكم لمشروع لايكبر إلا بتفاعلكم أنتم القراء. فالمعرفة قوة، وعندما تستقوي الأمة بعقولها تفيء علينا بخيرها وجمالها كشجرة جذورها ضاربة في تراب التاريخ وأغصانها باسقة في سماء الحلم الذي كان هاديا لنا منذ ثلاثة عقود، عندما أصدرت مع كتاب الحداثة في سورية والبلاد العربية مجلة "ألف للكتابة الجديدة" عام 1990، وتعلمت الكتابة مع أول قضية ظلم حملتها على كتفي، ذلك أن تضحيات الناس هي مايجدد عزمي وإيماني بأن الحق لابد أن ينتصر وأن الظلم سيفه واحد يتشاركه الظلمة، مستعمرين كانوا أو حكاما جائرين ..

أشكر كل من تفضل وساهم في دعم وإغناء جريدة الجمل، والأسماء بالمئات، ونطلب استمرار شراكتنا معكم، فصفحاتنا مفتوحة لكم ونحن على استعداد لفتح صفحة خاصة بأصحاب المشاريع التنويرية على منصتنا المعرفية في هذا الظلام العربي .. مستمرون في الترحال نحو الأفق بكل قوة وصبر مع قافلة الإستكشاف للغد الذي نرتبه بإنجازات اليوم، ذلك أن لامستقبل ينمو إلا من بذرة الحاضر.. فأهلا بكم كمجتمع حاضن للجمل الإلكتروني الجديد وشريك فيه. وإنها لنقلة كبيرة منذ كان أجدادنا ينقلون الكتب على ظهور الجمال من أجل تحرير العالم وصولا إلى تحميلها على الجمل الإلكتروني..

القارئ العزيز نحن نأتيك بالجمل بما حمل قبل أن يرتد إليك طرفك. فقط أنقر على: aljaml.com

نبيل صالح

التعليقات

كل هالحكي حلو إلا أنك تتخلى عن أسلوبك الساخر. يا أخي اكتب مراجعات على كيفك بس كمان لا تحرمنا من أسلوبك الساخر

ياسامر الحي ياصديقي: الحياة أكثر سخرية منا ولايمكننا إلا أن نكون ساخرين عندما نوصفها..دمت بخير

حملنا الجمل ستة عشر عاماً دون استراحة و ما زالت رحلته الطويلة مستمرة في عمق المجتمع و التاريخ السوريين. نتمنى استمرار جهودكم لمستقبل مشرق، قرأنا عنه فصولاً كتبها مدوني التاريخ.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...