«أم بي سي» ضيّعت عنوان السوريين
«سوريون بلا عنوان»، شعار اختارته مجموعة «أم بي سي» السعودية لمبادرة تهدف إلى «دعم السوريين المهجرين واللاجئين في دول الجوار»، بحسب الإعلانات الترويجيّة لها. وفي هذا الإطار، تبثّ «أم بي سي 1» يومياً حلقة تلفزيونيّة مدتها خمس دقائق، تشكل ما يشبه الفيلم الوثائقي القصير، تروي من خلاله معاناة مواطن سوري مهجّر. ويشارك في سرد حكاية اللاجئ، ممثل أو مذيع أو أحد نجوم القناة، يقوم بزيارة «الحالة»، ضمن قالب تحاول الشبكة الخبيرة في صناعة «البراند»، أن تجعله «إنسانياً». وإذا بالمواطن السوري يتحوّل إلى «حدوتة» تشكل فاصلاً «رمضانياً» على الشاشة المتخمة بالأعمال الدرامية وبرامج المسابقات.
إلى جانب الحلقات اليومية، تعرض المحطّة إعلاناً ترويجياً للحملة على مدار الساعة، كما قامت بإنشاء بوّابة خاصة على الإنترنت لمواكبتها بعنوان «أم بي سي الأمل»، بالتعاون مع «منظمة الأغذية العالمية». يتّخذ الإعلان (0:54 د.) شكل فيديو بالأبيض والأسود، يقدّم مجموعة إحصاءات يتولّى تعدادها بعض مذيعي الشبكة وإدارييها، وعدد من نجومها. يحكون عن أرقام السوريين الذين شردتهم الحرب، والآلام التي يعانون منها.. «11 مليون متألم، و6,5 مليون نازح حول العالم، و3 ملايين لاجئ..» ثمّ يؤكّدون أنّ أصحاب تلك الأرقام، ليسوا مجرّد إحصاءات، بل هم «بشر» تقول المذيعتان في القناة علا الفارس ولجين عمران؛ هم «بشر مثلكم ومثلي» يشدّد زميلهما مصطفى الآغا، ليخرج بعده مدير الشبكة علي جابر ويختتم الإعلان بالدعوى لمساعدة هؤلاء «البشر»، لأنّ جميعنا قادرون على المساعدة.
يظهر في الإعلان الترويجي للحملة حجم التعب الكبير، والإرهاق الذي أصيب به نجوم «ام بي سي» وهم يحاولون إظهار مدى تأثرهم، بقالب درامي، لطالما برعت الشبكة في صناعته. عنوان الحملة من جهة، ومضمون الإعلان الترويجي من جهة ثانية، كانا كفيلين بخلق ردود أفعال مستهجنة وغاضبة بين السوريين بشكل عام، سواء من بقوا في الداخل أو حتى من نزحوا أو هاجروا. فلم تكد الشبكة تعرض الإعلان حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات الصفحات والمجموعات الرافضة لتعامل الشبكة مع «الجرح السوري» كأنه «سلعة». كما أطلق ناشطون وسماً رافضاً لهذه الحملة على موقعي «تويتر» و«فايسبوك»، حمل عنوان «أنا سوري وحملة سوريون بلا عنوان لا تمثلني».
متابعة المغرّدين عبر ذلك الوسم، تظهر مدى «الغضب» الذي أثارته الشبكة بحملتها. يقول أحد المعلّقين انّ المبادرة «تستهدف التاريخ السوري، وتستثمر معاناة السوريين ضمن دورة برامجية رمضانية ثانياً». كما استغرب آخرون لجوء الحملة إلى التذكير بأنّ «السوريين بشر»، وفي ذلك شكل من أشكال العنصريّة، المقنّعة بهالة إنسانيّة، في حين رأى كثيرون أن كون المحطة التي تقف وراء الحملة سعودية هو سبب كاف لرفضها، بسبب موقف المملكة النفطيّة من الحرب الدائرة في سوريا، ودعمها للفصائل «الإسلامية» المسلحة، والتي تسبب دعمها بتشريد ملايين السوريين، وفق ما كتب بعض المغرّدين.
وبالعودة إلى حلقات الحملة، والتي تقوم المحطة بعرضها يومياً، يظهر جلياً أنّها تائهة في تعاطيها مع الحملة، حيث تركز جلّ اهتمامها على «نجومها» الذين يزورون مخيّمات اللجوء، ويطبطبون للسوريين «البشر»، و«المحتاجين للمساعدة»، لتنتهي «الحدوتة» بعرض عنوان موقع الحملة. بذلك، تشكل الحلقة بمجملها ما يشبه الفيلم الترويجي لـ«نجم الشبكة» الذي يعطف على «المحتاجين»، وهم السوريون أولاً وأخيراً، الذين أضاعت «أم بي سي» الأمل بالعثور على عنوانهم، في زحمة «الدراما» الرمضانية.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد