«التجلّي الأخير» لهيثم حقي: هل ينجومن براثن الرقابة
إذا خرج الفيلم سالماً من عند الرقابة السورية، وفي حال وصول نسخه في الوقت المطلوب من مطار إسطنبول المغلق بسبب الإجراءات الأمنية المشددة والمتعلقة بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى تركيا... فمن المنتظر أن يقام الليلة عرض خاص هو الأول لعمل المخرج هيثم حقي الجديد «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي». وهو من بطولة فارس الحلو وكندة علوش، وإنتاج شركة «ريل فيلم برودكشن» (التابعة لشبكة «أوربت» التلفزيونية) التي يتولى حقي إدارتها، أسوةً بإدارة الإنتاج الدرامي في الشبكة السعودية.
ويأتي هذا الفيلم في إطار خطة المخرج السوري لإنتاج عدد من الأفلام بواسطة كاميرا High Definition (تقنية الديجيتال)، تكون صالحة للعرض التلفزيوني على قنوات «أوربت» الفضائية، على أن تعرض أيضاً في صالات السينما. وهذا المشروع الذي يعلق عليه المخرج آمالاً حقيقية لإعادة إطلاق حركة سينمائية في البلد، يضم عدداً من الأفلام التي يجري إنجاز بعضها، مع خطط لأفلام أخرى. وبينها: أفلام مصرية كـ«بصرة» لأحمد رشوان الذي يعرض عند السادسة والنصف من هذا المساء في «سينما الشام» أيضاً.
هيثم حقي الذي غاب عن الإخراج في الموسمين الدراميين الأخيرين، تولى الإشراف على 3 مسلسلات في الموسم الماضي من إنتاج «ريل فيلم». فيما تقدّم الشركة هذا الموسم مسلسلي «الحصرم الشامي» (الجزء الثاني) و«أولاد القيمرية» وكلاهما للمخرج سيف الدين سبيعي. وحقي يبدي اهتماماً بالفيلم التلفزيوني، أسوة بتجارب حاولت أن تعزز هذا المفهوم، كأفلام مسلسل «هذا العالم» (2007) التي أخرجها عدد من المخرجين، والتي تباينت في طولها وجودتها، أو المسلسلات ذات الحلقة المنفصلة.
يحكي فيلم «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي» قصة سامي، الشاب المثقف غريب الأطوار الذي يعمل في وزارة الصحة ويهوى تربية الطيور والاهتمام بالنباتات. وهو يكتب بحثاً جامعياً عن المعتزلة من خلال أحد رموزها، غيلان الدمشقي. وهذا الأخير كان خازن بيت المال في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز. صادر أموال أقارب الخليفة وباعها في المزاد العلني «ليعيد مال المسلمين إليهم»، ما أثار حقد هشام بن عبد الملك عليه. فأقام عليه حد الحرابة بادعاء الشرك، لأن المعتزلة كانوا يقولون بالعدل لله والتخيير.
أما سامي فيعيش مع أمه التي تموت لاحقاً وتتركه وحيداً، وهو يكتشف من نافذة غرفتها عاهرة جميلة تسكن في البيت المقابل. ويعرف أن زوجها المقامر هو السبب في ما آلت إليه، وسيلقى هذا الزوج حتفه في حادث سير غامض. يحب سامي جارته سناء التي تتعامل معه كأخ، لأنها تحب شاباً مثقفاً فقيراً ذا التزام سياسي. لكن أهل سناء يحاولون إجبارها على الزواج بطبيب ناجح، فما يكون من سامي إلا أن يساعدها على الهرب إلى حبيبها.
ينقسم الفيلم إلى قسمين: الأول، واقعي معاصر يضم إطار الأحداث الذي ذكرناه. والثاني، قسم حلمي تاريخي يتمثّل بتقمص سامي لشخصية غيلان التي يجد فيها المثقف الذي يختار المواجهة، وهو الأمر الذي يعجز سامي عن عيشه في الحياة الواقعية. لكن أحلام البطل لا تخلو من انتهازية أيضاً، فهو يتجلى بصورة الخليفة هشام بن عبد الملك، حين يحتاج إلى تحقيق رغبة من رغباته أو يحتاج إلى ممارسة السلطة. سامي الذي يموت ميتة رخيصة يعجز عن تحقيق أحلامه، كما لا يعبر عن عواطفه.
هو إذاً فيلم عن جبن المثقف وعجزه بنبرة قاسية، مع بنية لا تخلو من تعقيد، وإحالات ثقافية تزيد من طابعه النخبوي. فالفيلم، حتى في عنوانه، يبدو أقرب إلى عنوان كتاب منه إلى اسم فيلم سيعيد الجمهور إلى صالات السينما، وسيكون قادراً على تحقيق عروض تجارية. وألا يبدو خارج أي سياق إن كان في الدراما التلفزيونية، المنتج الفني الجماهيري الوحيد في سوريا اليوم، أو في ما يصنع من سينما في المنطقة والعالم. هل هو هاجس شخصي لصانعه، أم أن هيثم حقي سيفاجئنا، وسيجعل الحديث عن عودة السينما السورية أمراً ممكناً، وخصوصاً أنه كان أبرز من أعطوا شارة الانطلاق قبل ما يقرب من عقدين، للنهضة الدرامية السورية المستمرة إلى الآن؟
21:30 في «سينما الشام»
منار ديب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد